الحلقة الأولى
توجد علاقة وطيدة تربط بين انتشار الفساد في جميع قطاعات الدولة والإدارة السيئة التي تعتبر سببا رئيسيا في تفشي الفساد الإداري وأشكال الفساد المختلفة داخل مصر على مدى ال30 عاما الماضية سنوات حكم المخلوع مبارك، الإدارة الاستراتيجية لموارد البلادالتي تؤدى لزيادة الإنتاجية وتخفيض النفقات وتحسين الأداء كانت موضوع اللقاء الذي أجريناه مع الدكتور مهندس استشاري وقانوني هاني محمود حامد الحفناوي دكتوراه في الإدارة والإنتاجية والتحفيز (PhD) من جامعة استرلنج باسكتلندا ببريطانيا 1998.
رصد: ما هي الإدارة الاستراتيجية ومؤشراتها المختلفة؟
شهد العالم تطورا إداريا هائلا في العشرين عامًا الأخيرة في إدارة الدول وإدارة الشركات؛ حيث ظهرت منظومة بطاقات الأداء المتوازنة (Balanced Scorecard) للإدارة الإستراتيجية على يد دكتورين من جامعة هارفارد الأمريكية عندما نشرا عدة أبحاث في أوائل التسعينيات في مجلة الإدارة الشهيرة (Harvard Business Review -HBR). وتطورت الطريقة بعد تنفيذها على يد نائب كلينتون آل جور بأمريكا في الولايات والمدن المختلفة ؛حيث يطبقها الآن أكثر من 70% من أكبر ألف شركة عالمية (Fortune 1000) وسميت المنظومة بالمتوازنة حيث توازن بين المؤشرات العاجلة والآنية والمؤشرات الداخلية والخارجية والمؤشرات المالية وغير المالية. وشبهت بقيادة الطائرة فيلزم وجود بوصلة ومؤشرات أداء للوقود والسرعة والارتفاع وغيرها لاتخاذ القرارات ووجود التغذية العكسية التي تمكننا من التجاوب مع أي قرار خاطئ.
رصد :ما هي أبرز الدول والشركات التي طبقت الإدارة الإستراتيجية؟
بدأ الكثير من الدول باتباعها خارج مصر مثل الإمارات والسعودية والأردن في الشرق الأوسط والكثير من الدول خارجها مثل البرازيل وتركيا والهند وماليزيا وغيرها. بل إن أغلب هذه الدول والشركات كونت إدارات "الإستراتيجية والأداء" لهذا الغرض (Strategy & Performance). وعلى سبيل المثال أكبر شركات بالإمارات والسعودية مثل سابك وأدنوك وإينوك ودوبال والإمارات وغيرها لديها إدارات للإستراتيجية والأداء.
رصد: ما هو العائد من وراء تطبيق الإدارة الإستراتيجية؟
يؤدى تطبيق الإدارة الإستراتيجية إلى تحسن ملحوظ وهائل من 40% إلى 100% من الدخل عند تطبيق هذه النظم على مدى 3 سنوات وقد تصل حسب دراسات Palladiumوشركة IBMإلى 270% من العائد السنوي للشركات أو إجمالي الناتج القومي للدول. وإذا كان الناتج القومي لمصر 290$ مليار حسب تقدير الأيكونومست في 2012فيمثل 40% الحد الأدنى زيادة مقدارها 116مليار دولار!!!
ولذلك على سبيل المثال كونت الإمارات السبع بدولة الإمارات العربية مجلسا تنفيذيا بكل إمارة لتولى هذه المسئولية؛ حيث يتولى المجلس التنفيذي التنسيق بين جميع وزارات الدولة وهيئاتها وشركاتها ووضع الخطط الإستراتيجية وبطاقات الأعمال ومتابعتها على المستوى الأعلى وهذا يلزم استخدام النظام في كل المصالح والوزارات والهيئات حتى في بلدية أبو ظبي.
رصد: كيف يتم قياس مؤشرات الإدارة الحديثة ؟
ورغم أن المؤشرات المالية هي الأهم إلا أنها تقاس في نهاية الفترة الزمنية كمؤشر متأخر (Lagging Indicators) ولا يمكن تغييرها ولذلك اقترح د.كابلان ود.نورتون وضع مؤشرات أداء في 4 مناظير (Perspectives) وهي المالية ثم العملاء (الشعب في حالة الدولة) ثم العمليات الداخلية (الخدمات/المنتجات) وأخيراً التعلم والابتكار والنمو. ونختار مؤشرات متقدمة (Leading Indicators) مثل التدريب ونظم المعلومات. وبتطور الطريقة أصدر دكتور روبرت كابلان ودكتور دافيد نورتون 5 كتب على مدى العشرين عامًا أولها كان عام 1996 (The Balanced Scorecard) وتلاه كتاب بعنوان (Strategy Maps) نم أصدروا كتاب (The Strategy Focused Organization) وتلى ذلك كتاب (Alignment) الذي يظهر أهمية الاصطفاف وتوحيدها قبل العمل (أو في ثقافتنا الحرب أو الصلاة)!!! وأخيرًا وليس آخرًا أصدروا عام 2009 كتابًا بعنوان (The Execution Premium) يجمع خبرة الكتب السابقة.
رصد: ما هي أهم الجامعات والشركات العاملة في هذا المجال؟
ونظرًا للتأثير الهائل لهذه الطريقة قامت عدة جامعات عالمية بتقديم شهادات معتمدة في هذه المنظومة ويقوم الدكتوران نورتون وكابلان بتقديم محاضرات سنوية بصورة دورية بدبي ولندن وهونج كونج وسنغافورة وعدة مدن بالولايات المتحدة ولدينا محاضرات كاملة لعام 2009 وعام 2010. كما قاما بتأسيس شركة (Palladium) كشركة استشارية لتنفيذ هذا النظام بالمنافسة مع الشركات العالمية.
رصد: ما هي الخطة الخمسية لمصر التي تراها حتى 2017؟
وتعتمد المنظومة باختصار كإدارة استراتيجية على الرسالة (غرض الشركة) والرؤية (أين نريد مصر بعد 5 أو 10 سنوات وهي تحدد الفجوة بين الوضع الحالي والوضع المأمول) والخطة الإستراتيجية (التي تتكون من قيم دافعة أو Value Driverموزعة على 4 مناظير) والأهداف الإستراتيجية ثم بطاقة الأعمال المتوازنة التي تتكون من المناظير المالية والعملاء والعمليات الداخلية والتعلم والابتكار ويرتبط كل منظور بالمنظور الأعلى من خلال سبب وتأثير (Cause & Effect) ويشمل كل منظور اختيار مؤشرات الأداء الرئيسية (Key Performance Indicators – KPI) لقياس الأنشطة الحرجة والقيم الدافعة التي يظهر أمامها عدة مستويات هي المستوى الحالي (Base Line) والهدف (Target) والهدف التجاوزي (Stretch Target) والمستوى الحرج (Cut-off) ثم النتيجة وألوان المرور (الأخضر والأصفر والأحمر) ثم المشروعات التي تهدف لتحسين أداء هذه المؤشرات الرئيسية. وهذه المشروعات التي تدعم الإستراتيجية هي المشروعات الوحيدة التي يتم اعتمادها ونوقف كل مشروع لا يتماشى مع الإستراتيجية. وعادة ما يكون 70% من المؤشرات أعلى من الهدف أي خضراء و20% من المؤشرات بين الهدف والمستوى الحرج أي صفراء بينما 10% من المؤشرات أقل من المستوى الحرج أي حمراء. وهنا يسهل التركيز على تلك المؤشرات الحمراء والصفراء وتحسين الأداء بهما. وتطبق دبي مثلاً نظام متوازن للثواب والعقاب فبجانب المكافآت في حالة تحقيق تحسن بالأداء هناك الردع إذا حصلت إحدى إدارات الدولة أو الشركات على أحمر فيكون كإنذار وإذا تكرر بالعام التالي يتم تغيير الإدارة فورًا حتى لو كان أميرًا حسب تعليمات الشيخ محمد بن راشد!!