«اقتصاد الحرب هو الحل»، دعوات أطلقها الإعلام المصري في الشهور الماضية بعد الانتقادات الموجهة إلى عبدالفتاح السيسي وحكومته وفشل سياساتهما الاقتصادية والإجراءات الدورية المتتالية التي أدت إلى ارتفاع الأسعار وركود السوق والاستثمار، وقال خبراء اقتصاد إنّ تطبيقه كشف شراكة الحكومة مع رجال الأعمال على حساب الشعب.
تبنّت أبرز الدعوات لتطبيق سياسات «اقتصاد الحرب» صحيفة «اليوم السابع»، المقربة من النظام؛ وقالت في تقرير لها في يوليو 2015 بعنوان «الدعوة ليست جديدة» إنّ «مصر مرّت بتجربة شديدة الخصوصية والروعة في حرب أكتوبر 1973 ونجحت بامتياز في إعداد وتهيئة الاقتصاد لخوض المعركة العسكرية وتوفير جميع الاحتياجات الضرورية والتدابير الاستثنائية للاحتياطي الاستراتيجي الذي يكفي للحرب لأكثر من خمسة شهور».
بعدها، وفي مؤتمر صحفي لحزب المصريين الأحرار لبحث القرارات الاقتصادية في نوفمبر 2016، قال علاء عابد، رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب: «إننا بالفعل في حالة حرب مثل ما حدث في 1973».
وطالب الشعب بأن يتفهم أنّ هذه القرارات تصبّ في صالحه، ويجب أن ينتظر لتحسين الحالة الاقتصادية التي ستعود في سنوات قليلة مقبلة، بحسب ادعائه.
وعلى إثر هذه الدعوات، فرض السيسي قرارات من شأنها رفع الأسعار ومنع الاستيراد؛ وانتشر الاحتكار، كما حدث مع سوق الحديد.
و عرفت مصر اقتصاد الحرب في عام 1972 استعدادًا للتحرير في 1973، ويعرّف العلماء اقتصاد الحرب بأنه نظام إنتاجي وتعبوي يعمل على توفير الموارد الاقتصادية.
عمل عصابات
قال الخبير الاقتصادي رشاد عبده، في تصريح لـ«رصد»، إنّ «اقتصاد الحرب يفرض على الحكومة إقرار إجراءات تقشّفية؛ منها توفير موارد الدولة المالية إلى القوة العسكرية، إضافة إلى تغييرات في التبادل التجاري بين الدولة؛ فبقدر الإمكان تمنع الدولة استيراد السلع من الخارج».
وقال إنّ الدولة اتّخذت من هذه الدعوات مبررًا لفرض الضرائب ورفع الأسعار لتوفير عجز الموازنة، إضافة إلى أنّ الحكومة منعت دخول أيّ سلع مستوردة داخل الدولة، وفي المقابل منع عرض منتجات أو سلع غير أساسية في الأسواق؛ بحجة ترشيد الإنفاقات.
وأوضح أنّ الإعلام يتعامل مع اقتصاد الحرب على أنه تنشيط للدولة ماليًا، لكنه بالعكس أسلوب توفير تلجأ إليه الدول مثل سوريا والعراق إذا كانت في حالة حرب مباشرة وليس عصابات كما يحدث في مصر.
وعن تأثيره يقول رشاد إنّ «اقتصاد الحرب احتكار الدولة لسلع ومنتجات واحتياجات؛ لكنّ ما حدث في مصر شراكة بين الدولة ورجال أعمال على سلع ومنتجات بعينها، كما حدث في أزمة السكر والأرز، ثم أزمة الحديد التي يعاني منها سوق العقارات في مصر».