قالت صحيفة «هآرتس» العبرية إنّ جميع مياه الشرب في غزة تقريبًا مختلطة بمياه الصرف الصحي ولديها مستويات ملوحة مرتفعة للغاية، وفقًا لبيانات خبير مياه يقدّم المشورة إلى السلطة الفلسطينية.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، قال أحمد اليعقوبي إنّ معظم سكان غزة لا يشربون الماء من الصنابير؛ بسبب قلة جودتها، وبدلًا من ذلك يشترون المياه بأسعار باهظة الثمن من المؤسسات الخاصة التي تشغّل محطات تحلية صغيرة.
كما إنّ قرابة 90% من مياه الشرب في غزة يفوق الحد الأقصى لمعيار الملوحة لمنظمة الصحة العالمية، ومن المتوقع أن يصبح أكثر ملوحة في السنوات القادمة.
شارك اليعقوبي في «إسرائيل» الأسبوع الماضي في نقاش يجريه بمعهد «ارافا للدراسات البيئية» في الجنوب، وشاركت الوزيرة الفلسطينية السابقة تهاني أبو دقة في الجلسة التي ناقشت أزمة المياه في غزة.
ويعتمد سكان القطاع، البالغ عددهم مليوني نسمة تقريبا، على المياه الجوفية الساحلية لتلبية احتياجاتهم من المياه، بخلاف الكمية الصغرى التي ترسلها «إسرائيل» إلى المنطقة. ومع ذلك، أدى النمو السكاني وانخفاض معدل سقوط الأمطار إلى ازدياد الوضع سوءًا.
وأضاف يعقوبي لـ«هآرتس» أنه بينما تبلغ الكمية السنوية الممكن ضخها دون المساس بقدرة طبقة المياه الجوفية على تجديد نفسها قرابة 60 مليون متر مكعب، فثمة مائتا مليون متر مكعب من المياه تضخ كل عام؛ نصفها للاستخدام المنزلي، والنصف الآخر خاص بالزراعة، ويشمل أعداد الآبار التي تستخدم خمسة الآف.
وأدى الإفراط في ضخ المياه إلى انخفاض حاد في مستويات المياه الجوفية، ما يسمح لمياه البحر بأن تخترق ما يصل إلى ثلاثة أو أربعة كيلومترات؛ وبالتالي يختلط الماء العذب بالمالح، وتركيز الأملاح في آبار غزة بين 400 وألفي ملليجرام للتر، بينما المعيار هو 250 ملليجرام للتر الواحد، ولا يفي هذا إلا بقليل من 10% من المياه في غزة.
كما أنّ إمدادات المياه في غزة تعرّضت لتلوث واسع النطاق بسبب مياه المجاري، وقرابة 70% من منازل غزة متصلة بنظام الصرف الصحي. ولكن، بسبب سوء الصيانة، ينتقل كثير من مياه الصرف الصحي إلى طبقة المياه الجوفية. ونتيجة لذلك، ارتفعت تركيز النترات (وهي مؤشرات التلوث)، وهناك تركيزات عالية جدا من كلوريد أو نترات في 97% من المياه التي يزودها سكان غزة.
وبسبب هذا الوضع؛ تحوّل سكان القطاع إلى مورّدي القطاع الخاص لمياه الشرب، ويعمل هؤلاء الموردون 136 محطة صغرى لتحلية المياه تعمل بالقرب من الآبار وتوفر المياه منخفضة الملوثات. ومع ذلك، هذه المياه تكلف ستة أضعاف المياه العادية. وبالنسبة للاستخدامات المنزلية الأخرى، نادرًا ما يكون سكان غزة على المياه الملوثة، ولكن حتى هذا النقص في المعروض.
وبسبب نقص الكهرباء، أوضح يعقوبي أن الآبار لا يمكن تشغيلها بالكامل، وأحيانا تعمل فقط لبضع ساعات في اليوم.
ويؤدي النقص في الكهرباء أيضا إلى قصور تشغيل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، مما يسمح بتدفق مياه المجاري غير المعالجة مباشرة إلى البحر، وقال يعقوبي إن مياه الصرف الصحي تجد في طريقها مدينتي عسقلان وأشدود الساحليتين الإسرائيليتين المتاخمتين، الا أنها تلوث شواطئ غزة فقط.
ومن الناحية الرسمية، لا يسمح بالسباحة في شواطئ غزة. ولكن، بما أنّ هذا هو المكان الوحيد الذي يستطيع الناس الذهاب إليه لأغراض ترفيهية، فإنهم يفعلون ذلك على أي حال.
وفي مؤتمر منفصل عن أزمة المياه في غزة عقد قبل أسبوعين برعاية معهد دراسات الأمن القومي، بالتعاون مع «يكوبيس»، قال رئيس هيئة المياه الإسرائيلية «جيورا شهام»، إنّ «إسرائيل» تخطط لتوفير عشرة ملايين متر مكعب أخرى من المياه إلى قطاع غزة، غير أنها لم تتمكن من القيام بذلك حتى الآن؛ لأنه لا توجد بنية أساسية لاحتواء المياه.
وأعلن اليعقوبي الأسبوع الماضي أنّ سلطة المياه الفلسطينية تستعد لتقديم مناقصة لبناء الأنابيب والخزانات اللازمة لاستيعاب المياه التي تعتزم «إسرائيل» إرسالها إلى القطاع.
ومع ذلك، الحل الطويل الأجل اللازم للمياه في غزة هو بناء محطة تحلية كبرى هناك. والواقع أنّ هناك حاليًا مرحلة التخطيط التي ستتمكن من توفير 135 مليون متر مكعب من المياه سنويًا، وحصلت السلطة الفلسطينية على نصف التمويل اللازم من مصادر دولية وتعمل الآن على تأمين بقية الأموال.
غير أنّ اليعقوبي حذّر من أنه من دون الكهرباء والتمويل لصيانة محطة التحلية ستعجز على العمل بكفاءة، وهذا ينطبق أيضًا على محطات معالجة مياه المجاري التي تبنى حاليًا، مضيفًا أنه انتهي من واحدة منها بالفعل في شمال قطاع غزة، ولكن من الصعب تشغيلها بسبب نقص الكهرباء، ويحتاج الوضع الاقتصادي في غزة إلى التحسن أيضًا، وإلا فسيكون من المستحيل فرض رسوم على تشغيل وصيانة هذه المرافق.