مع حلول وقت تنفيذ اتفاق عودة اللاجئين الذي أبرمته الحكومة البنغالية مع سلطات بورما، في نوفمبر الماضي، والذي كان مقررا بدء تنفيذه أمس الثلاثاء، ويستمر لمدة عامين، أجلت بنجلاديش عملية إعادة اللاجئين الروهينجا المسلمين إلى ميانمار بسبب أن عملية الحصر والتحقق ممن ستتضمنهم قائمة العائدين لم تستكمل.
اتفاق بضمانات مفقودة
وفي نوفمبر 2017، وقّعت ميانمار وبنجلاديش اتفاقا لإعادة اللاجئين الروهينجا إلى بلادهم، ويهدف الاتفاق إلى إعادة نحو 750 ألف لاجئ هربوا من النزاع والحملة العسكرية التي شنتها القوات البورمية.
وأسفرت الجرائم المستمرة بحق الروهينجا منذ سنوات، عن لجوء نحو 826 ألفًا إلى بنجلاديش بينهم 656 ألفا فروا منذ 25 أغسطس الماضي، وفق الأمم المتحدة.
وبحسب منظمة «أطباء بلا حدود» الدولية، قتل ما لا يقل عن 9 آلاف شخص من أقلية الروهينجا في إقليم أراكان (راخين)، غربي ميانمار، في الفترة الفاصلة بين 25 أغسطس و24 سبتمبر الماضيين.
وعلى الرغم من محاولة بنجلاديش طمأنة المجتمع الدولي من الاتفاق الذي عقدته مع ميانمار بشأن عودة اللاجئين، إلا أنه ظلت المخاوف تسيطر على المنظمات الحقوقية والإنسانية.
وقالت بنجلاديش إن اتفاق العودة سيكون اختياريا للاجئين ولن تجبر أحدا منهم، بالإضافة إلى إشراك المفوضية العليا للاجئين ومنظمات دولية أخرى في كامل عملية العودة، لافتة إلى أن بورما ستشرك الصليب الأحمر في العملية.
هذه الضمانات التي تمخضت عن الاتفاق، لم تكن كافية أمام منظمات حقوق الإنسان، التي أبدت في عدد من البيانات مخاوفها، وأوضحت اشتراطات عدة طالبت أن يتبناها الاتفاق من أجل عودة آمنة للاجئين.
رفض للعودة
وعلى الرغم من الظروف القاسية التي يعيشها اللاجئون في مخيمات بنجلاديش، خاصة في الشتاء القارس وافتقاد مقومات الحياة الأساسية، إلا أن رفض الاتفاق كان رد الفعل الأول للروهينجا المسلمة، خشية من العودة إلى الاضطهاد والقتل والتشريد من جديد.
وقالت السفيرة الأميركية في بنجلاديش، مارشا بيرنيكات، بعد الاجتماع: «الروهينجا الذين التقتهم في المخيم لا يريدون العودة إلى أوضاع ستشكل خطرا عليهم».
وأضافت السفيرة «هم لا يريدون العودة إلى عدم الاستقرار. ولماذا قد يرغب أي أحد منا بعودتهم إلى هذه الحالة، يجب أن تكون الظروف آمنة ومقبولة».
شروط عودة اللاجئين
الروهينجا المسلمة أعلنوا من جانبهم اشتراطات للموافقة إلى عودتهم إلى قراهم المحترقة في ميانمار بعد إعادة تأهيلها للعيش فيها.
وفي مخيم بالونج كالي للاجئين قرب نهر ناف الذي يشكل الحدود بين البلدين، تجمع عدد من زعماء الروهينجا، في وقت مبكر من صباح يوم الإثنين، ومعهم مكبر صوت ولافتة عليها مجموعة مطالب لعودتهم إلى ميانمار، بحسب «رويترز».
وتشمل المطالب ضمانات أمنية ومنحهم الجنسية والإقرار بالروهينجا بوضعهم على قائمة الأقليات العرقية في ميانمار.
كما يطالب الروهينجا بإعادة بناء البيوت والمساجد والمدارس التي أُحرقت أو تضررت في العملية العسكرية للجيش.
واتفقت المنظمات الحقوقية والإنسانية مع شروط الأقلية المسلمة، فأصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف»، بيانا، اشترطت فيه تعزيز الأمن والوصول إلى المساعدات دون عوائق، كأساس لعودة لاجئي الروهينجا من بنجلاديش إلى ميانمار.
وقال جوستن فروسيث، نائب المدير التنفيذي للمنظمة الأممية، لموقع «بي دي نيوز 24» البنغالي (خاص) إن «حقوق اللاجئين واحتياجاتهم ركيزة أي اتفاق لعودتهم إلى ميانمار».
وأشار المسؤول الأممي إلى «أن عددا من القرى الحدودية شهدت خلال الأيام الماضية حوادث إطلاق نار وحرائق؛ ما مثل تهديدا للأطفال».
وكان حريق اندلع، مساء الإثنين، في قرية غرب بورما يفترض أن يعود إليها اللاجئون الروهينجا، وشوهد من مركز تومبرو الحدودي البنغالي القريب، بالإضافة إلى سماع دوي إطلاق نار.
مطالب بتعليق الاتفاق
ومن جهتها، حثت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وجماعات أخرى، على إعادة النظر في خطة إعادة اللاجئين الروهينجا إلى ميانمار وسط مخاوف بإعادتهم قسرا من دون ضمانات مثل منحهم الجنسية بعد أن فروا إلى بنجلاديش هربا من إراقة الدماء في ميانمار.