على خطى وثيقة البرادعي، لتوحيد المعارضة قبيل اندلاع ثورة يناير 2011، يحاول أن يسير المقاول المعارض «محمد علي» وفق منهج متشابه بوثيقة جديدة في تكرار لم يفصل عليه غير 8 سنوات.
وأطاحت وثيقة البرادعي بالرئيس المخلوع حسني مبارك بعد 30 عاما من الحكم، وسط تأييد من الإخوان آنذاك وقوى معارضة، وتأتي الوثيقة الجديدة وفق ما تقول بهدف «توحيد القوى المعارضة» لعبد الفتاح السيسي، قبل أسابيع من الذكرى التاسعة لثورة يناير.
وركزت أبرز بنود الوثيقة التي طرحت الجمعة، وتتضمن 8 مبادئ عامة و11 بندا للأولويات على تغيير النظام الحاكم بمصر، والإفراج عن السجناء السياسيين، وسط تباين في ردود الأفعال بين معارضي السيسي، لم يقلله إلا ظهور بيان تأييد من الإخوان للوثيقة مساء الأحد.
ولم تعلق السلطات المصرية على الوثيقة ولا بيان تأييد الإخوان، غير أنها تعتبر عادة محمد علي المتواجد خارج البلاد «خائنا للوطن»، والثانية محظورة بالبلاد.
وتنفي السلطات المصرية وجود سجناء سياسيين لديها، وتؤكد عدم تمييزها بين المحتجزين، وتقول عادة إن الجيش حامي لمدنية الدولة ولن تسمح باستيلاء أحد عليها أو تخريبها، في إطار المواجهة بالقانون.
وعلى مدار سنوات لم يفلح معارضو السيسي في التوحد في كتلة واحدة.
** بنود الوثيقة
وترصد «الأناضول» أبرز بنود الوثيقة وأبرز التفاعلات معها كالتالي:
-نظام الحكم في مصر مدني ديمقراطي يقوم على العدل وسيادة القانون، الشعب فيه مصدر السلطات، مع ضمان الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية بالإضافة إلى استقلال الإعلام ورقابة بعضهم على بعض، والتداول السلمي.
-ضمان حرية إنشاء وإدارة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية والمؤسسات الدينية وكافة منظمات المجتمع المدني غير الحكومية بالإخطار.
– العمل على تحقيق العدالة الانتقالية والمصالحة المجتمعية، وإنشاء آليات للمحاسبة والتقاضي عبر قضاء ومحاكم مستقلة لا تجنح لانتقام.
-التوافق في ظل مشروع وطني جامع يشمل كافة التيارات المصرية لتحقيق مبادئ ثورة 25 يناير 2011 عيش، حرية، عدالة اجتماعية وكرامة إنسانية.
– تغيير النظام الحاكم
-إطلاق سراح كافة السجناء السياسيين ، وإلغاء كافة قرارات الفصل التعسفي الجائرة وقرارات مصادرة الأموال والممتلكات.
-الدخول في مرحلة انتقالية على أسس توافقية وتشاركية بين كافة التيارات الوطنية المصرية من أجل إنقاذ مصر، عن طريق المشروع الوطني الجامع الذي يشمل اتخاذ إصلاحات اقتصادية عاجلة وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، والعمل على الانتقال الديمقراطي وإصلاح دستوري شامل، وصولا إلى انتخابات ديمقراطية تنافسية في نهاية المرحلة الانتقالية
** أبرز ردود الفعل
تباينت ردود الفعل مع الوثيقة الصادرة، بين مؤيد ومعارض، حيث يراها المؤيدون أنها فرصة للتجمع قبل ذكرى ثورة يناير، في مقابل أراء معارضة أنها تؤسس لشرعية للنظام الحالي والإقرار به.
ومن أبرز المؤيدين كانت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر منذ 2013 عقب إعلان السيسي الذي كان وزير دفاع بعهد الرئيس الراحل محمد مرسي، الإطاحة بالأخير الذي كان منتميا للجماعة.
وقالت الجماعة، في بيان الأحد، إنها «تؤيد» وثيقة محمد علي، معتبرة أنها «أساس مناسب لتعاون المخلصين من أبناء الوطن، لإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، تختار مؤسساتها ورئيسها عبر انتخابات حرة ونزيهة».
وتابعت: «إذ تؤيد الجماعة هذه الخطوة فإنها تهيب بكل القوى الوطنية سرعة الالتقاء معًا في صف واحد»، مشيدا بتضحيات المصريين ومرسي.
وقالت إن «الجماعة تعاهد الله ثم الشعب المصري العظيم على مواصلة مسيرة الكفاح، مع أبنائه الشرفاء، دون أن تتقدم عليهم أو تتأخر عنهم».
ويعد البيان أول خطوة إجرائية معلنة من الجماعة، قبل أسابيع قليلة من ذكرى ثورة يناير 2011، وذلك بعد تأكيدها في 12 ديسمبر الجاري، التنازل عن ما تعتبره «شرعية الرئيس»، عقب وفاة مرسي، قبل أشهر.
ومنذ يوليو 2013، رفضت الجماعة التنازل عن «شرعية مرسي»، وواصلت تمسكها بذلك مما شكل «عائقا» لقبولها من طرف معارضين لها وللسيسي، وكان الاتفاق معها على هذه النقطة أمرا مهما لاسيما ممن كان يعارضونها إبان فترة حكم الرئيس الراحل محمد مرسي (2012-2013).
وهذا التمسك بشرعية مرسي كان يعتبره مؤيدون للنظام أمرا غير معقول، خاصة مع مجيء السيسي بانتخابات، حتى وإن شكك البعض في نزاهتها.
فيما قال المعارض أيمن نور إن «الوثيقة الوطنية التي عرضها محمد علي تعبر بشكل واسع عن قضايا توافقت عليها الجماعه الوطنيه المصريه خلال السنوات الماضية ويمكن البناء عليها في المرحله القادمة».
** استمرار محمد علي في المعارضة من الخارج
بهذه الوثيقة، استمر محمد علي وفق مراقبين في مواجهة النظام المصري من خارج البلاد.
وفي سبتمبر الماضي، أثارت اتهامات مالية أعلنها محمد علي ضد مؤسسات بمصر، جدلا واسعا بالبلاد، وخرج السيسي في مؤتمر صحفي علنا لنفيها واعتبارها «أكاذيب».
وأثارت المظاهرات التي دعا لها علي في 20 سبتمبر قلقا واسعا بالبلاد، وأسفرت هذه الدعوات عن خروج أعداد محدودة ونادرة للتظاهر منذ سنوات، وهو ما قلل منه علي مؤكدا قدرته على حشد ملايين المؤيدين بالميادين.
ورغم توقيف أكثر من ألف محتج بسبب هذه الاحتجاجات المحدودة، وفق بيان للنيابة المصرية، إلا أن علي استمر في انتقاداته من الخارج عبر مقاطع الفيديو، وسط تأييد وانتقادات له.
وظهر المقاول المعارض في 20 نوفمبر الماضي من لندن في مؤتمر صحفي للحديث عن أسماه «المشروع الوطني الجامع للمعارضة»، والذي يتم إعداده بهدف توحد المعارضة والإطاحة بالسيسي.
وفي 27 ديسمبر أعلن محمد علي عن وثيقته، دون أن يحدد خطوات عملية لها أو فعاليات معبرة.
ويرى مؤيدو النظام المصري أن الأوضاع في البلاد مستقرة، وسط تحسن في الاقتصاد وانخفاض معدل البطالة، وحديث عن إصلاحات سياسية وتمكين الشباب من الدخول إلى السلطة، معتبرين معارضي الخارج لا يمثلون الشعب المصري المؤيد أغلبه للنظام وإن تراجعت بعض شعبيته إثر قرارات اقتصادية صعبة.
ومنذ وصول السيسي للسلطة، لم تفلح مبادرات دولية ومحلية في حلحلة الأزمة، ولم تنجح دعوات لإسقاطه في الاحتشاد رغم تكرار تلك الدعوات، في مقابل نزول أعداد كبيرة في الميادين عادة مع تلك الدعوات للتمسك به ورفض دعوات يعتبرونها «تخريبية».