قال الكاتب الأمريكي إيشان ثارور محلل الشئون الخارجية بصحيفة الواشنطن بوست، إنه قبل يوم واحد من الانتخابات التركية، كان الخبراء الليبراليون في الولايات المتحدة، يشعرون بإمكانية حدوث نقطة تحول تاريخية، بسبب اعتقادهم أن أردوغان تراجعت صورته عن القيادة الكفؤة، وبات ضعيفا بعد أزمات اقتصادية وزلزال مدمر ضرب البلاد.
وتابع في مقال نشرته الصحيفة، وترجمته “عربي21” أنه بعد يوم واحد من التصويت، كان الشعور بخيبة الأمل بين مؤيدي المعارضة ملموسا، وبدلا من تراجع أردوغان، حقق تقدما مريحا يقارب 5 نقاط مئوية وسيقابل كليتشدار أوغلو في الجولة الثانية في 28 من الشهر الجاري.
وأضاف: “معظم الخبراء الآن يعتقدون أن عودة أردوغان إلى السلطة أمر واقع، خاصة أن حزب العدالة والتنمية بزعامته وحلفائه سيطروا على البرلمان”.
ومنحت سنوات أردوغان في منصبه للرئيس فهما دقيقا لكيفية تعزيز الميزة الانتخابية بين الناخبين وكيفية الاستفادة من سلطته الهائلة ونفوذه للقيام بذلك. تم استخدام هذا النموذج بالفعل في الانتخابات السابقة في عامي 2015 و2018.
وبعد أن هدأ الغبار، أعلن المراقبون الدوليون أن التصويت كان حرا إلى حد كبير وخاليا من المخالفات الكبرى، ومع ذلك، كانت الحملة نفسها تنافسية وحرة إلى حد كبير لمعظم المتنافسين، لكنها اتسمت بالاستقطاب الشديد، وشابها الخطاب القاسي، وحالات إساءة استخدام الموارد الإدارية، والضغط والترهيب الذي واجهه أحد أحزاب المعارضة.
كما أظهرت تقارير مراسلي الصحيفة من إسطنبول: “استخدم أردوغان تكتيكات أخرى في الأسابيع التي سبقت التصويت، بما في ذلك رفع رواتب موظفي القطاع العام وتوفير الغاز المجاني للأسر، نظرا لأن خطابات الرئيس حظيت بتغطية شاملة على وسائل الإعلام التركية، فقد نشر كليتشدار أوغلو رسائله للجمهور إلى حد كبير من خلال حسابه على تويتر، في خطابات مسجلة على طاولة المطبخ حول موضوعات مثل الاقتصاد”.
وبعيدا عن المشهد السياسي المائل، يمكن لأردوغان أيضا أن يثق بقاعدة ناخبين موالين. وأشارت صحيفة “فايننشال تايمز” إلى أن “الأداء الذي يتحدى الاستطلاعات سلط الضوء على الجاذبية الدائمة للرئيس، وصدى عرضه السياسي لقاعدة من الناخبين المحافظين المتدينين ذوي النزعة القومية القوية”.
في غضون ذلك، قد لا تتمكن طاولة الأحزاب الستة التي توحدت حول كيلتشدار أوغلو من الحفاظ على تضامنها لفترة أطول، إنهم يمثلون مزيجا من الفصائل العلمانية والدينية والقومية، التي كانت قدرتها على التلاقي إنجازا كبيرا في حد ذاته ورمزا للرغبة الواسعة للمعارضة في إنهاء حقبة أردوغان، ولكن عند الشعور بالفشل، قد تطفو الانقسامات الأيديولوجية والتنافسات السياسية إلى السطح.
كل هذا يضع أردوغان في موقف جيد وهو يستعد للجولة الثانية. وكتب هوارد إيسنستات، وهو باحث غير مقيم في معهد الشرق الأوسط: “أولا، سيطرة ائتلافه على البرلمان تجعل من السهل عليه القول بأن فوز كيليتشدار أوغلو سيؤدي إلى مأزق سياسي. ثانيا، وربما الأهم، أظهرت نتائج الانتخابات ارتفاعا في المشاعر القومية. بينما يمكن لكل من كليتشدار أوغلو وأردوغان تقديم مطالبات معقولة بشأن هذا الجزء من الناخبين، فإن نجاح كليتشدار أوغلو يعتمد على التصويت الكردي، وبدونهم، لا يمكنه الفوز، لكن معهم، لن يدعمه العديد من الناخبين القوميين”.
لقد أمضى أردوغان سنوات في تجاوز هذا الجرح المشحون بالسياسة التركية، وساعدت حكومته قبل عقدين من الزمن في دفع إصلاحات رئيسية وألغت القوانين الصارمة التي تحظر تعليم اللغة الكردية وقمع الهوية الكردية. لكن في السنوات الأخيرة، اتخذ خطا أكثر قومية.