قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنَّ قرار محكمة تونسية بالحكم على المعارض راشد الغنوشي بالسجن بموجب القانون التونسي المتعلق بمكافحة الإرهاب يسلط الضوء على الحملة التي تتزايد شراسةً ضد أكبر حزب في البلاد، والتي تأتي كجزء من حملة قمع واسعة ضد المعارضين والمنتقدين المتصورين للرئيس قيس سعيّد.
ففي 15 مايو، حكم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس على الغنوشي، زعيم حزب حركة النهضة المعارض، بالسجن لمدة عام وبخطية (غرامة) على خلفية تصريحات علنية أدلى بها خلال جنازة العام الماضي.
وقالت راوية راجح، نائبة مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالنيابة في منظمة العفو الدولية: “تستخدم السلطات التونسية بشكل متزايد قوانين قمعية ومبهمة الصياغة كذريعة للقمع، ولاعتقال المعارضين وشخصيات المعارضة والتحقيق معهم، وفي بعض الحالات ملاحقتهم قانونيًا. ويُظهر الحكم على راشد الغنوشي تصاعد حملة القمع لحقوق الإنسان والمعارضة، ونمطًا مقلقًا للغاية”.
“إنَّ الحكم على زعيم أكبر حزب في البلاد بناءً على تصريحات علنية أدلى بها قبل عام – أي لمجرد ممارسة حقه في حرية التعبير – هو مؤشر آخر على الدوافع السياسية وراء هذه المحاكمات الجارية”.
في 22 فبراير 2022، أدلى الغنوشي بتصريحات خلال جنازة أشاد فيها بالفقيد باعتباره “رجلًا له من الشجاعة” لا يخشى “حاكمًا ولا طاغوت”. وفي حكم صدر في 15 مايو، حكم القطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس على الغنوشي بناءً على هذه التصريحات، بحسب المحامية زينب البراهمي، عضوة هيئة الدفاع عن الغنوشي ورئيسة المكتب القانوني لحزب حركة النهضة.
ويجري التحقيق مع الغنوشي في قضايا جنائية أخرى مختلفة، لكن هذا هو الحكم الأول ضده منذ ثورة 2011. وحكمت المحكمة على الغنوشي بموجب الفصل عدد 14 من القانون المتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال التونسي لسنة 2015، الذي ينص على عقوبة تصل إلى السجن المؤبد أو الإعدام، في ظروف محددة، على التصريحات التي تروج للكراهية الدينية. ووفقًا لأعضاء هيئة الدفاع القانوني عن الغنوشي، لم يتم إخطارهم بجلسة استماع أو حكم وشيك.
وكانت الشرطة قد اعتقلت الغنوشي، 81 عامًا، في 17 أبريل في قضية منفصلة تتعلق بـ “المؤامرة الواقعة لارتكاب أحد الاعتداءات ضد أمن الدولة الداخلي”. ويجري قاضٍ التحقيق معه ومع ما لا يقل عن 11 آخرين بموجب قانون ينص على عقوبة الإعدام بتهمة “محاولة تبديل هيئة الدولة” بالاستناد بشكل جزئي إلى تصريحات علنية أدلى بها الغنوشي في 15 أبريل. كما أحال القاضي الغنوشي واثنين آخرَيْن من المشتبه بهم في القضية إلى الحبس الاحتياطي.
وفي 18 أبريل، أطلقت السلطات حملة تفتيش شاملة لمقرات حزب حركة النهضة في تونس، ووفقًا لبيان صادر عن الحزب، منعت عقد الاجتماعات في مكاتب الحزب في مختلف أنحاء البلاد.
منذ تولي الرئيس سعيّد على سلطات الطوارئ في 2021، أصدر مراسيم ودساتير تمنحه نفوذًا على القضاء، بما في ذلك سلطة إقالة القضاة بإجراءات موجزة. كما أصدر مراسيم تفرض عقوبات سجن مشددة بناءً على مصطلحات مبهمة مثل ترويج “أخبار أو بيانات” أو”إشاعات كاذبة”.
تضمن المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمادة 9 من الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، اللذَيْن صادقت عليهما تونس، الحق في حرية التعبير. كما تُلزم المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والمادة 7 من الميثاق الأفريقي السلطات التونسية باحترام الحق في المحاكمة العادلة.