" المجد للشهداء ، احنا بتوع التحرير ، يسقط حكم العسكر ، الشهيد جيكا ، ارحل ، مكتوب على جبينك بطل يا ساكن الزنازين " ، " خالد سعيد ، مينا دانيال ، عماد عفت ، محمد يسرى سلامة ،كريستى ، وعمر صلاح "طفل البطاطا" ، محمد رضا شهيد كلية الهندسة " كلها عبارات وأسماء مُزجت برسوم تعبر عنها وتصف المشهد بكل جرئة ، لتكون محفورة على حوائطنا و لاتنساها أذهاننا ، شارع محمد محمود " عيون الحرية " الذى يعد بالنسبة لكثير من الثوار رمز لمرحلة حفرت فى الوجدان ، أرخها الرسامون منذ نوفمبر 2011 وحتى يومنا هذا ، لينتشر هذا الفن ويصبح من وسائل التعبير عن الرأى بل والإعتراض السياسى .
نيمو ، أحد أشهر فنانى الجرافيتى بمحافظة الدقهلية ، بدأ بهذا الفن منذ عام 2009 ، يرى ان فنان الجرافيتى يملك منبر إعلامى قوى ، ويستطيع من خلاله التحكم فى فئة كبيرة من الناس ،من خلال إختيار المكان والفكرة التى يناقشها الجرافيتى ، له العديد من الرسوم التى ناقش من خلالها قضايا هامة منها حقوق المرأة والتحرش بجرافيتى " طالع صوتك يا بهية " و أطفال الشوارع ، وغيرها الكثير.
أسفل التمثال المقام للكاتب الكبير أنيس منصور بالقرب من فيلا غيث ، وسط مدينة المنصورة ، ترى جدارية عبارة عن ذراعين يمسكان بقضبان حديدية وعدد من البالونات الملونة ، يرسمها نيمو ليعبر عن التضامن مع الفتيات اللاتى حُكم عليهن بــ 11 عام سجن لمجرد حيازتهن بالونات تحمل شعارات سياسية أو حتى قطع طريق .
صورة طفل ينبطح أرضاً ، يبدو عليه الحزن ، كتبت عليها عبارة " اللي نامية وفيها ثروة ما الفلوس تعمل جبال … إسألينى عن كبارى نايمة تحتها العيال " جدارية أسفل كوبرى الجامعة ، ليناقش بها " نيمو " قضية هامة وهى أطفال الشوارع والفقراء ، يسرد معاناتهم بعدم شعورهم بأى فرق بين النظام القديم او النظام الحالى وكل همهم ان يجدوا طعام ومكان يعيشون فيه بدون برد .
يضيف "نيمو " ان هناك بعض العقبات التى تواجهه منها التتابع الأمنى وطمس الرسوم ، فالفنان لديه لمحة نقدية لأى نظام ، ولهم تأثير قوى فى الشارع ، لذلك يحاول اى نظام محاربة فنان الجرافيتى . قائلاً : " على قد ما ببقى زعلان من التعب اللى راح على قد ما ببقى مبسوط انها وصلت لحد وأثرت فيه لدرجة انه يحاول مسحها" . وكذلك ثقافة " فن الشارع " ، ان هذا الفن لم يأخذ مكانته فى مصر ، فبعض الناس لا تتقبل ان يشترى الفنان الألوان ويشغل باله بقضية معينة ، وينزل يرسمها فى منتصف الليل ، وكل ذلك بلا مقابل مادى .
أستاذ النحت ورئيس قسم التربية الفنية بكلية التربية النوعية جامعة المنصورة ، الدكتور سلامة محمد على ، يؤكد ان هذا الفن حس شعبى ، ويسرد حكاية المكان والحدث اى كانت تفاصيله ، والفن عامة يخاطب الوجدان ، من خلاله يستجيب المتلقى بشكل متفاعل حتى لو لم يعرف هذا الفن يستطيع من خلال الرؤية فقط ان يتفاعل معه . بالإضافه ان هذا الفن يستطيع ان يصل للجمهور معلومات جديده ، او نقد للحاكم والحكومة ورسالته تؤدى بشكل من الإبتسامة .
يقول الدكتور محمود فرج ، المدرس المساعد بقسم التربية الفنية جامعة المنصورة ، ان أصل كلمةجرافيتى تعنى الخدش ، وبهذا اصطلح على تسمية فن الخدش او الرسم والكتابة على الجدران او عربات القطارات او المترو بأنه فن الجرافيتى .
ويعتبر اليوم أداه للتعبير عن الأراء السياسية والإجتماعية ووسيله دعائية ، وعباره عن الرسم فى أماكن عامة او خاصة دون إذن من مسئول عن ذلك المكان ويعتبره البعض نوع من التخريب او الغرض منه تشويه الجدران عند استخدامه بطريقة سيئه ولكن أصبح نوع من أنواع الفن الحديث .
يضيف "فرج " ان البعض يعتقد ان هذا الن بدأ بنيويورك او اوربا ولكنه فى الواقع نشأ قبل ذلك بكثير ، ويمكن اعتبار بدايته منذ عرف الإنسان الكتابة ، فتعتبر الكتابة الفرعونية على حوائط المعابد وكتابة الطباشو فى الجزيرة العربية وكتابات الحضارات القديمة بها نوع من الجرافيتى .
إلا ان البداية الحقيقية لفن الجرافتى كفن حداثى له جمهور بدأت فى نيو يورك بأواخر عام 1960 ، واستخدمه الناشطون السياسيون وأعضاء مجموعات الجرافيتى ، للتعبير عن شعورهم ولفت الإنتباه لوضعهم ، وكذلك انتشر هذا الفن بمصر بعد ثورة 25 يناير .