اعتبر الكاتب والمحلل الأميركي “جيورجيو كافيرو”، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، إن التحالف الإسلامي لمواجهة الإرهاب هش للغاية لأسباب عدة، وأن الهدف من ورائه هو مواجهة الخطر الشيعي في العالم العربي بعد أن تخلت أميركا عن الالتزام بأمن السعودية من أجل التقارب مع إيران.
وقال الكاتب، إنه في بداية هذا الشهر أعلن وزير الدفاع صغير السن وقليل الخبرة عن التحالف الإسلامي المكون من نحو 36 دولة ذات أغلبية سنية تمتد من المغرب إلى بنجلاديش، والهدف المعلن من هذا التحالف هو هزيمة الإرهاب الدولي في خمس دول هي أفغانستان، ومصر، وليبيا، والعراق، وسوريا.
وأوضح “كافيرو” أن هذا الإعلان يأتي في أعقاب الضغط المتزايد من المسؤولين الغربيين على الدول الخليجية من أجل محاربة تنظيم الدولة الإسلامية بقوة أكبر، ومع ذلك فإنه نظرًا لتعارض المصالح ونقص الخبرة العسكرية في جانب أعضاء التحالف فإن هناك أسبابًا كافية لاستنتاج أن التحالف يفتقد إلى الفاعلية.
ورأى الكاتب أن أعضاء التحالف غير متجانسين ومتنافرين؛ إذ يحتوي على بعض الدول الفاشلة أو أعلى بقليل من هذا التصنيف والتي تعاني من حروبها الأهلية، وتمرد الإسلاميين، والفساد المستوطن، والعديد منها من بين أكثر الدول فقرًا.
وتابع الكاتب قائلًا -في مقال له-: “لعديد من الأسباب فإن الإعلان عن ما يسمى “التحالف” غريب ومدهش، فباكستان أحد أهم الحلفاء لم توافق رسميًا على الانضمام للتحالف وعلمت بعضويتها المزعومة من وكالات الأنباء، وكذلك الأمر بالنسبة لماليزيا التي أبدت تحفظها، واستبعدت إمكانية مشاركتها في أي مساهمة عسكرية في التحالف”.
ولفت الكاتب إلى أن “مشاركة السعودية ودول عربية أخرى في التحالف ضد تنظيم الدولة بقيادة الولايات المتحدة، قائلًا: “لكن مشاركتهم لم تكن غير مؤثرة، ومع ذلك فإن مشاركات دول مجلس التعاون الخليحي انتهت بعد استكمال المهمة الأولى”، مضيفًا أن السعودية والدول الخليجية الأخرى وبخاصة الإمارات أظهرت التزامًا قويًا بمحاربة الحوثيين الذين يرونهم امتدادًا للنفوذ الإيراني بدلًا من محاربة تنظيم الدولة في العراق وسوريا، من غير المتوقع أن تتغير الأولويات في ضوء إعلان الرياض الأخير.
واستطرد “كافيرو” قائلًا: “من ضمن حلفاء السعودية هناك جيوش قوية نسبيًا بما في ذلك تركيا ومصر والإمارات، وبلا شك ستهتم هذه الدول بمصالحها الخاصة التي هي بالتأكيد متعارضة، فمصلحة أنقرة في إسقاط نظام الرئيس السوري بشار الأسد ومنع الأكراد من إقامة شبه دولة عن طريق حزب العمال الكردستاني وهناك دلائل على دعم تركيا لبيع تنظيم الدول للنفط لتحقيق هذين الهدفين”.
وأشار إلى أنه “مع تصعيد روسيا لتدخلها المباشر في سوريا لتحارب جماعات مسلحة بعينها ترعاها السعودية، ويعتبرهم الكرملين منظمات إرهابية فإنه من الصعب التخيل كيفية تعامل التحالف مع موسكو في ظل المصالح المتضاربة للأعضاء؛ إذ ترحب أبوظبي وعمان والقاهرة بالتدخل الروسي، وتتشارك المصالح مع الكرملين في ذلك، وعلى الجانب الآخر تعارض أنقرة والدوحة بقوة التدخل الروسي المباشر في سوريا، وهو ما تم تأكيده بإسقاط الأتراك للطائرة الروسية خلال الشهر الماضي”، معتبرًا أن “مثل هذا الانقسام الجيوسياسي يقوض احتمال توحيد الرياض للدول المسلمة السنية ضد الإرهاب”.
وطرح الكاتب عدة أسئلة قائلًا: “باستثناء تنظيم الدولة أي التنظيمات الإرهابية سيواجهها التحالف في الدول الخمس التي من المفترض أن تشهد عمليات للتحالف؟ ومن أين سيستمد المعلومات الاستخباراتية لمواجهة هذه التنظيمات؟ وما هي الدولة التي ستنشر أكبر عدد من القوات؟ وما هو عدد القوات المطلوب لكي يكون التحالف فعالًا؟”.
واستطرد قائلًا: “على الرغم من أن العديد من هذه الدول حاربت المجموعات الإرهابية بشكل منفرد داخليًا، فإن مهمة تعريف الإرهاب ستكون إشكالية؛ فبين هذه الدول خلافات واسعة حول اعتبار الفاعلين غير الحكوميين منظمال إرهابية”.
ولفت الكاتب إلى وجود العديد من التناقضات الأخرى بين دول التحالف؛ حيث قال: “تدعم تركيا والسودان وقطر الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط وإفريقيا، وفي حين ما زالت تعتبرهم مصر والإمارات منظمة إرهابية، وتعتبر السعودية وأعضاء آخرون في التحالف حزب الله والمليشيات الأخرى المدعومة من إيران والتي تحارب في سوريا والعراق منظمات إرهابية، وهذه المليشيات جنبًا إلى جنب مع الأكراد والإيرانيين تعد قوة فاعلة ضد تنظيم الدولة”، متسائلًا: “هل سيحارب التحالف حزب الله بالإضافة إلى تنظيم الدولة؟ بالتأكيد هدف التحالف غير واضح وغير واقعي للغاية”.
واعتبر الكاتب أن الدافع الرئيسي وراء إعلان الرياض المفاجئ هو إيران وليس تنظيم الدولة، والتحالف المعلن هو بمثابة تحالف سني مكرس لمواجهة النفوذ الإيراني في العالم العربي، مضيفًا أن الدافع وراء ذلك هو أن الولايات المتحدة تركت القيادة السعودية بانطباع أنها تخلت عن التزامها بأمن المملكة من أجل التقارب مع إيران، وبلا شك فإن المسؤولين السعوديين كان لديهم خيارات محدودة واتجهوا للاعتماد على أنفسهم وأعلنوا تكوين التحالف.