على مدى أكثر من أربعة عقود، ظلت قضية استعادة جثث الجنود الإسرائيليين المفقودين في معركة السلطان يعقوب واحدة من أكثر القضايا التي حظيت باهتمام وتفاني غير مسبوق من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأجهزتها الأمنية والاستخباراتية.
وكشفت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في تقرير مفصل، عن جهود إسرائيلية سرية استمرت لأكثر من أربعين عامًا لاستعادة جثث الجنود المفقودين في معركة السلطان يعقوب، التي دارت خلال حرب لبنان الأولى عام 1982.
وأضاف التقرير أنه على الرغم من الإحباطات المتكررة، نجحت “قوات الاحتلال” مؤخرًا في انتشال جثة الرقيب تسفي فيلدمان، في خطوة اعتبرتها “انتصارًا تاريخيًا يعكس التزام الدولة بإعادة أبنائها حتى بعد مرور عقود طويلة”.
ووفقًا لتقرير الصحيفة، فإن العملية السرية المعروفة بـ “سلسلة الجبال” تم التخطيط لها وتنفيذها بتنسيق وثيق بين المخابرات العسكرية الإسرائيلية والروسية، وقد كشف التقرير عن تفاصيل، منها جلسات العمل المكثفة بين ضباط الموساد والجيش الروسي، حيث استعرضت خرائط وتحركات القوات، وجرى التنقيب في “مقبرة الشهداء القديمة” بمخيم اليرموك بدمشق، التي يُعتقد أن جثث الجنود دفنت فيها.
وأشار التقرير إلى أن الجنرال الروسي أندريه أفرينوف، قائد القوات الخاصة الروسية، أعرب عن دهشته من الجهود الإسرائيلية المستمرة لاستعادة جثث المفقودين، مقارنةً برؤية الروس التي تتسم بواقعية أكبر تجاه آلاف القتلى والمفقودين في حروبهم التاريخية، رغم ذلك، ساعد التعاون الروسي الإسرائيلي على تحقيق اختراق في الكشف عن موقع جثة تسفي فيلدمان، والتي نقلت إلى موسكو قبل أن تُعاد إلى “إسرائيل”.
كما أبرز التقرير شهادات من ضباط إسرائيليين شاركوا في العملية، بينهم المقدم آفي كالو، المسؤول عن ملف الأسرى والمفقودين، الذي وصف العمل بـ “الهاجس الوطني”، مؤكداً أن القضية متجذرة في الهوية الإسرائيلية، وأن “دولة إسرائيل تفعل كل شيء لإعادة أبنائها، أو جثثهم على الأقل، إلى الوطن”.
وحسب يديعوت، كانت العملية مليئة بالتحديات، من بينها التنقل داخل الأراضي السورية وسط صراعات معقدة، والجدل الاستخباراتي حول المواقع المحتملة للدفن، إضافة إلى محاولات التنقيب التي فشلت في مرات عدة قبل أن ينجح الاختراق في عام 2019 باستعادة جثة الجندي زكريا باوميل، والذي مهد الطريق لاستعادة جثة تسفي فيلدمان مؤخرًا.