لم أجد فرقا بين هؤلاء وبين دراويش الكمالية في ثلاثينيات القرن الماضي. حين كان غلاتهم يعتبرون المساس بالذات الإلهية من قبيل ممارسة حرية الرأي، في حين اعتبروا توجيه أي نقد «للغازي» مصطفى كمال أتاتورك مساسا بالثوابت الوطنية ينبغي أن يقابل بكل حزم،
بعض صفحات هذا التاريخ أصبحت الآن موضوعا للتندر بين الأجيال الجديدة للمثقفين الأتراك.
من الأمور المثيرة للدهشة حقا، الدالة على الخلل الفادح في ترتيب الأولويات، أن الجدل في وسائل الإعلام حول الغيرة المفتعلة على كرامة الجيش بما استصحبه من مزايدات وترهيب، أخذ حظا من الاهتمام تجاوز بكثير أي قضية حيوية في مصر.
إنني أخشى أن نكرر خطيئة مبارك، حين جمد كل شيء في البلد طوال السنوات العشر الأخيرة من حكمه، لكي ينصرف إلى ترتيب مستقبل ابنه وتوليه السلطة من بعده.
مثلما استفزتني مقولة أن الجيش ينبغي أن يكون فوق الجميع، فقد أثار استيائي أيضا ذلك الادعاء بأن الجيش خط أحمر،
أليس غريبا بعد مضى نحو ثلاث سنوات على الثورة أن نبذل جهدا لإقناع الرأي العام بأن المجتمع لم يسقط دولة الشرطة في عهد مبارك لكي يقيم بدلا منها دولة الجيش؟