شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

اللقاء الأخير مع عصام الحداد

اللقاء الأخير مع عصام الحداد
طلب مني الدكتورعصام الحداد المستشار السياسي للرئيس مرسي أن نغير مجلسنا فانتقلنا إلى ركن في الغرفة فمال برأسه نحوي وأصبح يهمس في أذني بعدما أشار لي بإصبعه أن الغرفة مليئة بأجهزة التنصت

طلب مني الدكتورعصام الحداد المستشار السياسي للرئيس مرسي أن نغير مجلسنا فانتقلنا إلى ركن في الغرفة فمال برأسه نحوي وأصبح يهمس في أذني بعدما أشار لي بإصبعه أن الغرفة مليئة بأجهزة التنصت، وتعجبت كيف يمكن لطاقم رئاسي أن يدير منظومة الدولة من غرف مليئة بأجهزة التنصت، ويبدو أن عدم اتخاذ الرئيس مرسي أي إجراء حينما تم اكتشاف أجهزة التنصت في المرة الأولى في شهر ديسمبر من العام 2012 شجع الانقلابيين على أن يزرعوا كل غرف القصر بأجهزة التنصت وأن يشلوا إدارته عن العمل.

قلت لعصام الحداد: يا دكتور ما هي الغيبوبة التي تعيشونها وأنتم مستشارو الرئيس، الانقلاب يتحدث عنه الجميع إلا أنتم والرئيس يمتدح العسكر في كل مجلس بينما يعد الانقلابيون كل شيء في وضح النهار، تنهد عصام الحداد بعمق وتحدث بإحباط لم أره عليه من قبل وقال: لقد تعبت والله يا أحمد لكن الرئيس لا ينصت لأحد ممن يتكلم عن الانقلاب وبعد حديث مطول بيننا أخذ يشكو فيه مر الشكوى مما يجري ويقينه بأن الانقلاب واقع لا محالة، لكن ثقة الرئيس في السيسي والعسكر لا تتزعزع.

ألحّ عليّ أن ألتقي مع الرئيس وأن أتحدث معه بنفس الوضوح الذي تحدثت فيه معه وبنفس المعلومات التي سردتها له، حيث لازال هناك مجال لإنقاذ مصر والثورة من المصير الأسود الذي ينتظرها لو تحرك الرئيس بجرأة، وقال لي «إن الرئيس في اجتماع ولم يصل العصر بعد وسيخرج بعد قليل للصلاة فأرجو أن تصلي معنا العصر وتتحدث معه» قلت له «يا دكتور لم ير مني الرئيس مرسي منذ أن جاء للسلطة سوى النقد اللاذع في كتاباتي ومقالاتي، فقد انتقدته في عشرات المقالات التي نشرت في صحف مصرية وعربية طيلة فترة حكمه، كما أن المرة الوحيدة التي تكلمت معه فيها بعدما جاء للسلطة كانت نقدا أيضا لأدائه، حيث إن مرسي حينما جاء للسلطة لم يستطع أن يميز بين الداعية ورئيس الدولة أو بين رجل التنظيم والحزب ورئيس الدولة وكان يذهب للصلاة في المساجد بين الناس وهذه فضيلة لكن المشكلة أنه كان يقوم بعد صلاة الجمعة يخطب في الناس في المسجد وهذه نقيصة لا يقدم عليها رئيس دولة، لأن رئيس الدولة يجب أن يخاطب الأمة ويميز بين دور رئيس الدولة وما كان يقوم به قبل أن يتبوأ المنصب، وقد أبلغته تلك الملاحظة حينما التقيته أثناء صلاة الجمعة في أحد مساجد القاهرة الجديدة، وطلبت منه أن يكتب خطاباته وأن يلتزم بما فيها ويبتعد عن الارتجال، فكلمات رئيس الدولة تحسب عليه كما طلبت ذلك من بعض مستشاريه والمقربين منه، لكن الرجل لم يستطع أبداً أن يعيش دور رئيس الدولة إلا في العناد والمكابرة واعتقاد أن من يجلس على كرسي رئيس الدولة هو الأكثر فهما وذكاء من كل البشر، خرجت محبطا من لقائي مع عصام الحداد، وبعد أسبوعين وقع الانقلاب. 
 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023