شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بعد عقدين من الصراع مع المملكة.. قطر تتحول من تبعيتها إلى قوّة إقليمية

بعد عقدين من الصراع مع المملكة.. قطر تتحول من تبعيتها إلى قوّة إقليمية
وتمكّن من السيطرة على دولة ذات مساحة وكثافة سكانية صغيرة. وهيمنت السعودية على قطر منذ الاستقلال في 1971، واعتقد الأمير أن دولته لن تكون في أمان إلا بعد تحوّلها من تابع للسعودية إلى منافس.

قالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية إن أزمة الخليج بدأت منذ وصول أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى السلطة بانقلاب غير دموي في 1995، وتمكّن من السيطرة على دولة ذات مساحة وكثافة سكانية صغيرة. وهيمنت السعودية على قطر منذ الاستقلال في 1971، واعتقد الأمير أن دولته لن تكون في أمان إلا بعد تحوّلها من تابع للسعودية إلى منافس. 

أضافت الصحيفة في تقرير نشرته اليوم أن الخطة التي وضعها الأمير القطري تسبّبت في بدء حرب باردة في المنطقة، وبلغت الأزمة ذروتها الأسبوع الماضي؛ معتبرة أن الوضع تشابه مع رغبة كوبا في التخلص من النفوذ الأميركي والتحوّل إلى قوة عظمى والتنافس مع أميركا في آسيا وأوروبا. 

لكن، يبدو أن استراتيجية قطر بدأت في الانهيار الأسبوع الماضي بعد فرض السعودية وحلفائها حصارًا عليها، لكنّ قطر تملك حلفاء أيضًا؛ ولذا من المحتمل أن تستمر التوترات في التزايد.

حل الأزمة

قالت الصحيفة إنه في السنوات التي سبقت وصول الشيخ حمد إلى السلطة تسببت أحداث في تزايد رغبته في الانفصال عن هيمنة السعودية؛ ففي 1988 أسّس والده علاقات دبلوماسية مع الاتحاد السوفيتي، عدو السعودية؛ ما أعطى قطر بعض الشعور بالاستقلال فيما يخص السياسة الخارجية.

أضافت أنه في 1992 أدى اشتباكٌ على طول الحدود السعودية إلى مقتل جنديين قطريين، بعدها بعامين دعمت الرياض والدوحة جوانب مختلفة في الحرب الأهلية التي نشبت في اليمن، واعتبر الشيخ حمد أن الحكم الذاتي يمكن أن يكون مجديًا ومرغوبًا فيه.

قال المحلل السياسي «مارك لينش» لصحيفة «نيويورك تايمز» إن رؤية الأمير القطري تلخّصت في غضبه من الهيمنة السعودية على بلاده؛ حيث امتلكَ طموحًا لإثبات أنه يستطيع تجاوز كونه تابعًا للرياض.

تصاعد العداء

أضاف لينش أن قطر استطاعت التحوّل من دولة عميلة إلى قوّة إقليمية في سنوات قليلة؛ فمنذ أواخر التسعينيات بدأت قطر في محاولة التوصل إلى استراتيجية لوضع نفسها على الخريطة وإثارة غضب السعوديين.

وقالت الصحيفة إن قطر لتحقق هدفها أقامت علاقات مع إيران وأسّست علاقات تجارية مع «إسرائيل»، واستضافت أكبر قاعدة جوية أميركية؛ لحمايتها من المضايقات السعودية، وأنشأت شبكة «الجزيرة» لتعزيز الحلفاء وانتقاد العائلة الملكية السعودية.

استفادت قطر كذلك من تاريخها كمأوى للإسلاميين؛ ما جعل الحكومات الأجنبية تلجأ إليها عندما تحتاج التواصل مع الإخوان المسلمين أو حركة حماس أو غيرهما.

أدت التطورات التكنولوجية والاقتصادية في التسعينيات إلى إنشاء سوق عالمية للغاز الطبيعي، الذي يمكن شحنه ومروره في أنابيب عبر الأراضي السعودية، وتسيطر قطر على واحد من أكبر عوائد الغاز في العالم؛ لذا فإن اقتصادها توسّع من 8.1 مليارات في 1995 إلى 210 مليارات في 2014.

بدأ الشيخ حمد ووزير خارجيته في الانتقال من دولة عربية إلى أخرى، وعرضا خدماتهما كوسيطين ومتبرعين، ووجدت أميركا أن دبلوماسية قطر مفيدة؛ واستغلتها كأساس للحوارات مع أفغانستان، واعتمدت على قاعدتها الجوية في قطر أثناء حروبها في العراق وسوريا.

في 2002، سحبت السعودية سفيرها في قطر بسبب انتقاد قناة الجزيرة حكومة المملكة، وقال المحلل السياسي ديفيد روبرتس إن السعودية استوعبت في 2008 أن قطر دولة مستقلة، ثم عاد السفير السعودي إلى قطر في 2008.

حروب وكالة 

رأت الصحيفة أن تظاهرات «الربيع العربي» أعطت بداية جيدة لقطر؛ فبعد أن فشلت في التخلّص من السيطرة السعودية، جاءت تظاهرات الربيع العربي ودعم الرياض للأنظمة الديكتاتورية لتعطي الفرصة لها.

أضافت الصحيفة أن قطر دعّمت الحركات المناهضة للحكومات، سواء كانت علمانية أو إسلامية؛ إما بتغطية إعلامية عبر قناة الجزيرة أو بالدعم الدبلوماسي والأموال، وأحيانًا بالأسلحة، وأملت أن تساعد في قدوم حكومات صديقة؛ وعندما صعدت الحركات الإسلامية قدّمت الدوحة الدعم لهم. 

قال لينش إنه كلما حدث فراغ في المنطقة أسرعت قطر والسعودية لتعويضه، منذ 2011 وحتى 2013 شاركتا في حروب بالوكالة في المنطقة.

على سبيل المثال: دعمت كلتاهما أطرافًا سياسية مختلفة في تونس، وفي ليبيا دعمتا جماعات مسلحة متنافسة، أما في سوريا سعتا إلى منافسة بعضهما البعض في تمويل المتمردين، وفي مصر دعمت قطر جماعة الإخوان المسلمين التي وصلت إلى الحكم في أوّل انتخابات حقيقية في 2012، وبعدها بعام دعمت السعودية الانقلاب العسكري.

أوضحت الصحيفة أن هذه التدخلات ساهمت في تشكيل الربيع العربي، وساعدت في إعادة ترتيب جيوسياسية المنطقة.

من ناحية أخرى، أضافت الصحيفة أن تركيا انضمت إلى قطر في دعم الثورات العربية لأسبابها الخاصة؛ وهو ما شكّل أوّل تحالف حقيقي للدوحة. أما دول الخليج العربي فكانت تخشى من وصول التظاهرات إلى أراضيها؛ ما جعلهم يصطفون خلف السعودية ضد قطر.

امتد هذا التنافس إلى واشنطن؛ حيث أنفقت قطر بسخاء للضغط، بجانب تبرعاتها للمنتديات الأميركية. فعلت الإمارات الشيء نفسه؛ سعيًا إلى تقليل النفوذ القطري في أميركا. 

نظام جديد 

قال لينش إنه في 2013 حدث تغيير في موقف قطر، بعد أن عانى حلفاؤها من انتكاسات مدمرة، ترك بعدها الشيخ حمد سلطته بعد مرضه إلى ابنه الأمير ذي الخبرة القليلة، وانتهت قدرة الدولة على أن تصبح قوة إقليمية؛ إلا أنها تمسّكت بشبكة علاقتها، التي كانت هدفها الأصلي.

أضافت الصحيفة أن السعودية تجاهلت استقلال قطر للتركيز على الحروب بالوكالة في المنطقة ضد إيران؛ وهو ما خدم مصالح أميركا، التي اعتمدت على الرياض والدوحة في قتال تنظيم الدولة وأرادت أن يهدأ الصراع بينهما.

ساهمت الاتفاقية النووية الإيرانية في 2015، التي عارضتها السعودية، في تزايد توتر الأوضاع؛ وقلقت السعودية من علاقات قطر بإيران، بجانب التوتر الذي حدث مع واشنطن بسبب هذه الصفقة؛ ما ترك السعودية وقطر في توازن ضعيف ومضطرب. 

الرهان السعودي

على الرغم من تراجع قطر؛ فإن السعودية رأت أن استقلالها يشكّل خطرًا عليها، ورأت أنها يمكنها استعادة سيطرتها عبر الحصار الذي فرضته الأسبوع الماضي بمساعدة دول الخليج ومصر.

مع محاولتها فرض هيمنتها الإقليمية في ظل تزايد الضغوط من إيران، تمكّنت السعودية من ضم أميركا إلى صفوفها عبر دعم ترامب، وألمح في تغريده على تويتر إلى أن الحصار كان فكرته.

على الجانب الآخر، قدّمت إيران المساعدات لقطر، مراهنة قدرتها على توسيع نفوذها في ظل محاولة الكويت وعمان أن تحققا الموازنة بينها والسعودية.

في السياق نفسه، أرسل المغرب شاحنات طعام إلى قطر، بينما كان التحرك الأعظم من تركيا، التي تحالفت مع قطر ووافق البرلمان التركي على نشر ثلاثة آلاف جندي في قاعدتهم الموجودة بقطر، بجانب مائة جندي آخرين.

على الرغم من توقّع البعض تحوّل الوضع إلى عنف، لم يتضح كيف ستُحلُّ الأزمة؛ وهو إما أن يكون نهاية عقدين من العداوة السعودية القطرية أو التسبب في مزيد من الاضطراب في منطقة شهدت صراعات متعددة.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023