شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

البرادعي .. غاندي تويتر وبوب الهروب

البرادعي .. غاندي تويتر وبوب الهروب
على كوبري قصر النيل، وقف العديد من الشباب الذين يقولون إنهم آمنوا بأفكاره وألهمهم حلمه، فتراصوا...

على كوبري قصر النيل، وقف العديد من الشباب الذين يقولون إنهم آمنوا بأفكاره وألهمهم حلمه، فتراصوا مطالبين إياه في عيد ميلاده بالعودة ليخلصهم من نظام شارك هو فيه وكان نائبا لرئيسه، قبل أن يستقيل ويتركهم مسافرا إلى الخارج من جديد.

 

"محمد البرادعي" الذي سطع نجمه لأول مرة أمام الرئيس المخلوع "حسني مبارك"، عام 2005، بعد تكريمه لحصوله على جائزة "نوبل" للسلام، وفي بث القناة الأولى الأرضية لأحداث التكريم، وقف البرادعي ليلقي كلمته التي لم تُعِد القناة الأولى بث وقائعها مرة أخرى مطلقًا.

 

و"البرادعي"، غير الموجود سياسيًا، استقبل التهنئة بعيد ميلاده على "فيس بوك" و"تويتر"، المكان المفضل له على ما يبدو، ونشر نشطاء الشبكات الاجتماعية صورًا له توضح مراحل حياته وصفوها بأنها "مراحل تطور البوب".

 

بداية الحلم

في أواخر عهد "مبارك"، ألقى البرادعي خطابًا ناريًا أقرب إلى التوبيخ السياسي لـ"مبارك" ونظامه، تطرق فيه لقضايا حقوق الإنسان واحترام المواطن والحراك السياسي، واحترام الديمقراطية وقيم العدالة، حينها أصبح "البرادعي" راعي أحلام التغيير في مصر بالنسبة للقوى السياسية، لكن "البوب" ظل يخسر أنصارًا في كل مرحلة ومنحنى، حتى بدا، برأي مراقبين، في النهاية يقف وحيدًا مع قلة قليلة من مؤيديه، بعد وقوفه بجانب الانقلاب على الرئيس "محمد مرسي"، وتركه لمصر بعد مجزرة "رابعة" و"النهضة" بحجة أنه غير موافق على طريقة الفض.

 

وجاءت كلمة مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حين تكريمه بعد حصوله على جائزة "نوبل"، خارج السياق المتوقع تمامًا، فبدت أقرب للائحة اتهام لـ"مبارك"، وساعتها لم تتغير ملامح المخلوع إلا بعد دقيقه ونصف تقريبًا حين فطن إلى أن "البرادعي" يطعن في شرعية نظامه، ويخاطبه هو بصورة شخصية.

 

احتشاد شباب الإخوان

في 19 فبراير 2010، احتشد عددٌ من النشطاء السياسيين والشباب قدروا بالمئات في مطار القاهرة، من بينهم شباب من جماعة "الإخوان"، انتظارًا لوصول المدير السابق لوكالة الطاقة الذرية، والحائز على جائزة "نوبل" للسلام، دكتور "محمد مصطفى البرادعي".

 

في الأسبوع الأول من وصوله إلى القاهرة ترأس تشكيل "الجمعية الوطنية للتغيير"، لمطالبه النظام بتعديل الدستور وإلغاء قانون الطوارئ، وإجراء إصلاحات سياسية شاملة، وكان لـ"الإخوان" الدور الأبرز في نجاح فكرة تلك الجمعية.

 

نظام المخلوع يشوه صورته

في ظرف سنواتٍ قليلة تحول "البرادعي"، في أعين النظام والصحافة المصرية من أحد أبناء الوطن المشرفين، إلى صاحب الضربة الجوية الأمريكية على "العراق"، ورجل الغرب الأول، ومست الاتهامات أدق تفاصيل حياته وأسرته، وعلى النقيض كان هناك من آمنوا به قدر ما آمن هو بهم.

 

مقاطعة البرلمان وترشح الرئاسة

وباقتراب الانتخابات التشريعية عام 2010، دعا "البرادعي" جماعة "الإخوان المسلمين" وحزب "الوفد" وقوى المعارضة لضرورة مقاطعة الانتخابات البرلمانية بهدف سحب الشرعية من الحزب الوطني ونظام مبارك، ولم تستجب المعارضة لدعوات المقاطعة إلا بعد الجولة الأولى من الانتخابات بعدما حدث ما هو متوقع من تزوير فجّ.

 

سبق ذلك بأشهر إعلان "البرادعي" لنفسه، كمرشحٍ محتملٍ لرئاسة الجمهورية، شريطة تعديل مواد الدستور ووجود ضمانات لنزاهة الانتخابات، وهو نفس ما عبرت عنه مطالب "الجمعية الوطنية للتغيير"، وبيان التغيير، كان هناك تجاهل تام من الإعلام الرسمي لتحركات "البرادعي" و"الجمعية الوطنية للتغيير"، بالتزامن مع اتساع نطاق الإعلام البديل وشبكات التواصل التي ظهرت فيها ردود الافعال الواسعة حول الحجر الذي حرك المياه الراكدة.

 

مع قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير؛ عاد "البرادعي" من النمسا، ليشارك في أحداث جمعة الغضب إلى جانب ملايين المصريين، وبرز كمرشح قوي لرئاسة الجمهورية، يلقى دعمًا بين أوساط الشباب، وعلى إثر الاحتجاجات على إدارة المجلس العسكري للفترة الانتقالية الأولى، والأداء المتخبط، أعلن البرادعي في 14 يناير 2012 انسحابه من السباق الرئاسي في فيديو مسجل.

 

غاندي يخسر أنصاره

شبهه أنصاره ومحبوه بـ"غاندي"، لكن "غاندي" خاض معركته بقواعد أعدائه حتى قاد أمته سلميًا إلى الاستقلال، ولم يتهم يومًا بالهرب، أو خذلان أنصاره الذين كثيرًا ما شعروا بتخليه عنهم، إلا أنهم ظلموه أيضا بانتظار ما لم يعد بفعله يومًا، كانت له نظرة ثاقبة، ورؤية أثبتت صحتها في كثير من المواقف، منها انتخابات عام 2010، وأشهرها إبان حكم الرئيس "مرسي" عندما قال إن ما يحدث سيؤدي إلى نزول الجيش إلى الشوارع مرة أخرى.

 

وبعد 3 يوليو، كان رئيس جبهة الانقاذ الوطنية، أبرز المرشحين لمنصب رئيس الوزراء، إلا أنه تولى منصب نائب رئيس الجمهورية للشئون الخارجية، وأعاد تكرار رؤيته حتى بعد توليه المنصب، الحل التفاوضي لابد منه وهو قادمٌ في النهاية.

 

وبتأييد "البوب" للانقلاب العسكري خسر كثيرًا من أنصاره، الذين كانوا يرفضون الإطاحة بالرئيس عن طريق الانقلاب على الديمقراطية التي يطالب هو باحترامها، وعندما تراجع البوب واستقال من منصبه كنائب لـ"عدلي منصور"، وسافر إلى الخارج خسر أنصارًا آخرين من مؤيدي الانقلاب العسكري.

 

وباستثناء أولئك الذين وقفوا على كوبري "قصر النيل" بالقاهرة، وآخرين من الشباب الذين لا يزال "البرداعي" يجسد بالنسبة لهم حلمًا آمنوا به أيام "مبارك"، فإن "غاندي تويتر" يبدو وكأنه يقف وحيدًا بعدما خسر كثيرا من أنصاره والقوى والأحزاب السياسية، التي كانت تعتبره رمزًا وطنيًا وقائدًا ملهمًا، بحسب رأي مراقبين ومحللين سياسيين.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023