الصاروخ الأول يترك سحبًا من الدخان وهلعًا في القلوب، والصاروخ الثاني يدك البناية ويحولها إلى ركام. الأول يدعو سكان البناية لمغادرتها، حتى لا يموتوا فيها، لكن بعضهم يقول: سأموت في بيتي. هكذا قص مراسل الجارديان البريطانية بيتر بومونت في تقريره عن الوضع في غزة.
يصف المراسل في تقريره كيف يتجمع سكان البنايات المجاورة بعيدًا، يراقبون البناية المستهدفة تنهار، بينما تقف سيارات إسعاف على بعد 100 متر تنتظر أداء مهمتها.
ويعرض المراسل حالة محددة، هي حالة الكتور ناصر تتار مدير مستشفى الشفاء، الذي عاد إلى منزله بعد أسبوع من العمل المتواصل في المستشفى ليجده أنقاضًا، وكذلك عيادته الخاصة.
لا يفهم دكتور ناصر لماذا استهدف بيته وعيادته، فهو كما يقول، طبيب لم يفعل سوى معالجة المرضى.
ولم تستهدف إسرائيل منازل مفردة لأشخاص محددين فقط، فهي قد حذرت سكان ضاحية كبيرة شمال غزة من أنها ستقصف بيوتهم، ودعتهم إلى مغادرتها.
البعض غادر منزله خوفًا من أن يموت فيه، ليقيم في مقرات الأمم المتحدة.
أما مهندس التكييف ياسر خضر رفض ذلك. رغم في مرات سابقة قضى وقتًا طويلًا في مراكز الأمم المتحدة، أما الآن فهو مصر على البقاء في بيته.
ترك زوجته وأطفاله في مدينة غزة أما هو وابنه فارس فأصرا على البقاء في بيتهما في عطاطرة بالقرب من الحدود مع إسرائيل. يقول خضير "هذا هو خياري الوحيد، إذا كنت سأقتل فأنا أريد أن أموت في بيتي".
ويكتب مراسل صحيفة أخرى هي الإندبندنت عن وضع مشابه، ففي تقريره من غزة كتب كيم سينغوبتا عن فلسطينيين كانوا قد غادروا منازلهم ولجأوا إلى مراكز الأمم المتحدة، إلا أنهم قرروا العودة.
هناك شعور في أوساط سكان غزة أنهم ليسوا آمنين أينما ذهبوا، لذلك بدأ الكثيرون منهم في العودة إلى منازلهم، وليكن ما يكون.
منزل صلاح رجب هدم قبل بضعة أيام، وهو الآن يقيم في منزل شقيقه. يقول بمرارة: أنا مزارع، ولا شأن لي بالسياسة، لماذا هدموا بيتي ؟
أما إسحاق مسلم فيقول بتحد "حتى لو هدموا بيتي فوق رأسي فلن أغادر".