يمثل رغيف الخبز، كمكون أساسي للوجبة الغذائية للمواطن المصري، جانبًا حيويًا ورئيسيًا على طاولة الطعام على مر العصور، ومازال يتمتع بنسبة كبيرة من الأهمية وبخاصة في المجتمعات النامية التي يعتبر فيها الخبز صمام الأمن الغذائي، حيث يمثل الخبز 70% من مائدة المواطن، ويمد رغيف الخبز، المستهلكَ باحتياجاته من الطاقة ونسبة معقولة من البروتين والفيتامينات والمعادن والألياف الغذائية.
هذا ويعتبر متوسط استهلاك الفرد من الخبز في مصر من أعلى معدلات الاستهلاك على مستوى العالم والذي يتعدى الـ180 كجم في سنة .
وعلى غرار "ربط الحجر على البطن" في الإعلان التلفزيوني لبنك الطعام، يتبع "السيسي" وحكومة الانقلاب سياسة التقشف، والتي لا تضر سوى بمحدودي الدخل ومعدوميه، حيث أصدر وزير التموين بحكومة الانقلاب الحالية قرارًا برفع الدعم عن رغيف الخبز ليصبح ثمنه 35 قرشاً لمن لا يمتلك بطاقة تموينية، وإضافة الخبز المدعم على بطاقة التموين، الأمر الذي أثار غضب واستياء المواطنين، وأدى إلى الكثير من الفوضى، والعديد من الاشتباكات أمام المخابز، ومنافذ التوزيع.
تقول "إيمان مسعود"، وهي ربة منزل: "اشتريت 10 أرغفة بـ3 جنيه ونصف، لأنني لا أمتلك بطاقة تموين"، وصدق على حديثها "أحمد حمدان"، حيث قال: "نظام فاشل.. أنا راجل على باب الله اشتري 15 رغيف بـ 4 جنية ونص، أمال حشتري الغموس بكام؟".
من جانبها علقت "فاطمة عبدالجواد"، ربة منزل، بقولها: "الدعم اترفع والأسعار غليت.. يعني أنا أدفع في التموين أكتر من 300 جنية، والعيش كمان؟ حناكل منين؟"، وتسائلت "عبد الجواد": "بيعملوا معانا كده ليه؟ نسرق؟ هو قال (تقصد السيسي) انتوا نور عنينا ونزلنا انتخبناه عشان يعمل فينا كدة؟ ده احنا اتعمينا من كتر النور".
أما صاحب أوجز تعليق فكان "أسامة أحمد"، الذي قال من أمام أحد المخابز: "أنا حشتغل حرامي".
فيما قالت السيدة "أم محمد"، ربة منزل: "الكلاب في الشارع بتلاقي تأكل، وإحنا حتى التموين مش لاقينه.. يعني حتى في شهر رمضان المفروض تكون الحاجة متوفرة وبزيادة.. مش لاقيين حتى رغيف العيش، وواقفين طوابير وخناقات من أول الصبح، وسيدات كبيرة في السن تقف طول النهار وتمشي من غير ما تاخد تموين ولا عيش".
ومؤخرًا كشفت وحدة الأبحاث التابعة لصحيفة "الإيكونوميست" البريطانية، عن أحدث ترتيب لجودة الخبز عالميًا، والذي جاء ترتيب "مصر" فيه في المستوى الأخير، ولأول مرة في تاريخها, حيث يقول التقرير الذي أعدته ونشرته الصحيفة: "إن الحركات الاحتجاجية التي مرت في مصر في الفترة الماضية أدت إلى تراجع مستوى جودة الخبز العالمية".
وبرصد أسباب هذا التراجع في جودة الخبز في ظل الانقلاب العسكري، نجد أن الانقلابيين سعوا منذ اليوم الأول للقضاء على كل الجهود التي بُذلت في عهد الرئيس الشرعي للبلاد "محمد مرسي"، في تفعيل منظومة الخبز بقيادة وزير التموين في حكومة "هشام قنديل"، دكتور "باسم عودة"، والتي كانت تستهدف في المقام الأول تحسين جودة الرغيف من خلال القضاء على تسرب كميات كبيرة من الدقيق المدعم للسوق السوداء ومراقبة تسلميه للمخابز بالسعر الحر، وضمان إنتاج كل الكميات المخصصة لهذه المخابز، مما يسهم في تلبية أغلب الطلب على الخبز من جانب المواطنين.
يضاف إلى ذلك إنتاج الخبز المناسب للاستهلاك الآدمي، عن طريق إلزام المخابز بمواصفات معينة من حيث الوزن وقطر الرغيف.
وبالفعل كان هناك تقدم كبير في هذا الإطار، حيث تم تفعيل منظومة الخبز بنسبة 92% من إجمالي عدد المخابز على مستوى الجمهورية، الأمر الذي ساهم في محاربة السوق السوداء للدقيق بصورة كبيرة، فضلًا عن تفعيل منظومة توزيع الخبر على المنازل في 20 محافظة من خلال الوحدات المحلية للجمعيات الأهلية، ما أسهم هو الآخر في القضاء على ظاهرة "طوابير العيش"، وتوفير نحو 25 ألف فرصة عمل، وتحسين جودة رغيف الخبز.