عقب تردد أنباءٍ عن هروب اللواء المتقاعد خليفة حفتر، قائد عملية "كرامة ليبيا"، خارج بنغازي، بعد تمكن الثوار والجماعات الإسلامية المسلحة من السيطرة عليها وانسحاب قوات حفتر من البلاد عقب هزيمة كبيرة، أوجد ذلك تأثيرًا سلبيًا على نظام "عبد الفتاح السيسي" قائد الانقلاب العسكري في مصر، والذي كان أحد الداعمين له للتخلص من الجماعات الاسلامية في ليبيا.
ظهر ذلك مؤخرًا خلال تصريحاتٍ للسيسي في عدة لقاءات،وأخيرًا في كلمة متلفزة، حيث ذكر خلال أحاديثه الأزمة الليبية ووصف ما يحدث بها بأنها حالة عنف تسبب فيها جماعات وصفها بالإرهابية، وهو نفس التوصيف الذي استخدمه حفتر مظلة لحربه على الجماعات المسلحة المتعاونة مع الجيش الليبي.
من جانبه، فقد أكد موقع "ديبكا" الاستخباراتي الصهيوني، عبر مصادر خاصة، قال له، إن أفرادًا من الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة دعموا انقلاب الجنرال المتقاعد الليبي خليفة حفتر؛ لتخليص النظام ممن وصفهم الموقع بـ "المتطرفين الإسلاميين"، مؤكده -المصادر- أن انقلاب حفتر تشتري له أبوظبي الولاءات المحلية داخل ليبيا ويتكلف السيسي بدعمه بقواته وواشنطن باستخباراتها.
وفي مقابلة أجرتها وكالة "رويترز" مع السيسي، اعتبر هو أن "ليبيا التي سقطت فريسة للفوضى في أعقاب الإطاحة بمعمر القذافي أصبحت تمثل تهديدًا أمنيًا لمصر".
وقبل ذلك كان السيسي قد صرح في أول مقابلة تلفزيونية له بعد ترشحه للرئاسة، بأن هناك "خطرٌ شديدٌ من ليبيا"، وأنه تحرك لمواجهة ذلك، دون أن يفصح عن طبيعة هذا التحرك.
تصريحات السيسي عن ليبيا مع "ماتيو رينزي"
على هامش مؤتمر صحفي مشترك بين قائد الانقلاب العسكري، عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي، كُشف خلال تصريحات الطرفين، أن الزيارة تأتي لبحث العديد من القضايا والأزمات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وتوسيع التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، فضلًا عن سبل دعم مختلف جوانب العلاقات الثنائية المتمیزة بین مصر وإیطالیا.
كان هذا حسب التصريحات الرسمية، لكنّ محللين سياسيين أشاروا إلى أنّ للزيارة مآرب أخرى غير معلنة، إذ اعتبرها البعض "فاتورة مدفوعة الآجر" ليقدم السيسي يد العون لإيطاليا، المتنفذة اقتصاديًا في ليبيا، وغيرها من دول غربية، عبر تدخل ميليشياته المسلحة في الخفاء، للاشتراك مع قوات حفتر في حربها على الإسلاميين.
وفي يونيو الماضي، فاجأ حفتر الجميعَ بإعلانه تأييده لأي ضربة عسكرية "تؤمّن حدود مصر حتى لو كانت داخل ليبيا"، مضيفًا خلال حوار له مع صحيفة "المصري اليوم"، أنه نصح السلطات الحاكمة في طرابلس أن يتركوا أمر تأمين الحدود مع مصر، لمصر نفسها، لأنهم "غير قادرين عليها"، حسب قوله.
وأكد حفتر على تأييده لتوجيه مصر ضربة عسكرية؛ من أجل "التخلص من المجموعات الإرهابية في درنة وبنغازي وإجدابيا وسرت وطرابلس وعلى الحدود الجزائرية".
أما في مصر، فلم تتوقف الضغوط على قيادة سلطات الانقلاب من أجل توجيه ضربة ضد ليبيا، خاصة بعد مقتل 23 عسكريًا بالفرافرة، في حادث رجحت مصادر أمنية أن يكون وراءه مجموعات مسلحة قادمة من ليبيا، وهو ما دفع عدة حركات سياسية منها حركتا “كفاية” و”6 ابريل” إلى الضغط على السلطات المصرية للتدخل، فضلًا عن إعلاميين طالبوا سلطات الانقلاب بالتدخل العسكري في ليبيا.
واليوم الأحد أدلى عمرو موسي، الأمين العام السابق للجامعة العربية، بتصريح، أكد فيه أن مصر قد تضطر لاستخدام "حق الدفاع عن النفس" إزاء الوضع "المثير للقلق" في ليبيا، وهو ما يضاعف من احتمالية قيام مصر بخطوة ما إزاء ما يحدث في ليبيا و"درءً للخطر القادم"، بحسب ما قال.
هذا فيما تأتي هزيمة قوات حفتر، بعد سقوط العشرات من جنوده في المعارك التي دارت خلال اليومين الماضيين، بينما رحلت معظم الجاليات الغربية والأسيوية معظم رعاياها خارج البلاد، وأغلقت السفارات والقنصليات في ظل تفاقم الأوضاع الأمنية في ليبيا.