شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

“فدوى خالد” .. شاهدة عيان تروى ما حدث لها في الفض

“فدوى خالد” .. شاهدة عيان تروى ما حدث لها في الفض
"لم يكن يوما عاديًا .. شعرت وكأنه يوم من أيام الحسم .. أدمغة ورؤس تتطاير .. لم نصدق" كلمات كثيرة مؤلمة عن المجزرة، هكذا...

"لم يكن يوما عاديًا .. شعرت وكأنه يوم من أيام الحسم .. أدمغة ورؤس تتطاير .. لم نصدق" كلمات كثيرة مؤلمة عن المجزرة، هكذا بدأت "فدوى خالد"، إحدى شاهدات العيان على مجزرة "فض رابعة"، وصفها للمذبحة التي وقعت في 14 أغسطس 2013، مشيرةً إلى أنه كان يوم غير متوقع.

 

وعن يوم مذبحة الفض، ذكرت "فدوى" بصوتٍ يملئه الأنين والوجع والألم: "قمنا بأداء صلاة الفجر، ثم جلسنا لنقول أذكار الصباح، كان هناك العديد من الشائعات التي أعتدنا عليه كل يوم، كالفض النهاردة .. الميدان متحاصر .. في قناصة حوالين الميدان .. ونحن نبتسم أو نضحك على هذه الشائعات، وكنت دائما أخشى ألا أحضر لحظة الفض مع إخواني وأخواتي، وأكون معهم كتفًا بكتف، وروحًا بروح .. وكنت أسأل الله في كل ثانية، إن كنت سوف أموت .. أن يرزقني الشهادة بإخلاص، وإن لم أخلص فيها فلا أموت حتى أتعلم الإخلاص فيها، وأن يتقبلني الله، إلا أن هذا اليوم كان شعوري أنه يوم الحسم".

 

وأكملت: "ظلننا نتحدث سويًا، وكان في بعض البنات نايمين في الخيمة .. كان قلبي بيدق بسرعة وحاسة إن في حاجة بجد! .. ناس جت قالت في بلدوزرات حوالين الميدان، قلت مش مشكلة لو على البلدوزرات هينة سهل نوقفها، ممكن نقف قدامها بأجسادنا وأكيد مش هيعدوا على جثثنا يعني!"

 

وتابعت "فدوى": "في تمام الـساعة 6:15 صباحًًا قدمت إلى خيمتنا الشهيدة، أسماء البلتاجي، وجلست تتحدث معنا، وحينها سألناها هو عمو لم يبلغك بأن هناك أي نية للفض، أو أن هناك أمر مريب حول مداخل ومخارج الميدان، فقالت بالفعل في (بلدوزرارات)، وفي حوالي الساعه 6 ونصف أخبرتني أختي الصغيرة، هند، إن هناك عربات أمن مركزي من ناحية عباس العقاد، وهنا استشعرنا بأن هناك أمر جلل".

 

هنا قامت "فدوى" بإيقاظ من معها من رفائقها بالخيمة، ووزعت عليهم كمامات، وطلبت من الرجال زجاجة (ميكو جيل)، دقائق وبدأت أصوات الصفارات بأن هناك خطر ما يحيط بالميدان تنطلق بأرجاء الميدان، ومعها طلقات على الأعمدة ثم طلقات الرصاص الحي.

 

وأضافت :" كاذبٌ من يدعي أن الداخلية والجيش  بدأوا تدريجيًا في استخدام الأسلحة"، مشيرةً إلى أنه في تمام الساعه 7 صباحًا كان الضرب بالرصاص الحي والخرطوش، ثم قنابل الغاز، وبدء المصابون يتساقطون"، ولأن خيمتها كانت بمحاذاة طيبة مول بشارع النصر، فكان صوت الرصاص قريب منهم للغاية، وكان بجوارها عدد من صديقاتها فكان تقول لهم فدوى (اليقين يا جماعة، محدش يخاف، كده كده هنموت، بس المهم تكون الموتة لله).

 

فدوى ترى شهيدًا تنفجر رأسه

وعن الشهيد الذي انفجرت رأسه أمام الخيمة التي كانت بها "فدوى"، روت أن وضع خيمتها كان خطير، وكانت المسافة قريبة من الجهات الأمنية ودباباتهم وقناصتهم، فقالت: "فجأة ونحن نترقب الموقف كان أمام خيمتنا شباب يترقب مثلنا، وما هي إلا دقائق معدودة حتى ارتقى شهيدًا، بعد أن أصابوه برصاصة في الرأس، فجرتها وسال دمه أمامنا على الأرض وظللنا نصرخ من حول الموقف".

 

وتسرد "فدوى" عن بدأ رائحة القنابل في التزايد، وقصفت خيمتهم حينها بقنبلة غاز فأسرعت، هي ومن معها في ناحية أخرى من الخيمة حتى تستطيع أن تلقتط بعض نسمات الهواء لتتمكن من التنفس، ولسان حالها هو الاستغفار، لعل الله يقضى بأمر خير لهم.

 

وذكرت "فدوى": "من هول ما رأيت وضعت يدي على رأسي ظنًا مني أنني بذلك أحمي رأسي من الرصاص، أنظر عن يميني أجد جثث مقنوصة وعن يساري أيضًا نفس المشهد، ولكن يبدو أنهم لازالوا يخرجون في الروح فتتطاير دمائهم علىّ أثناء سيري من الخيمة للاحتماء بمكانٍ آخر".

 

أثناء سيرها قابلت الشهيد "حبيبة أحمد عبدالعزيز"، تجري عكس اتجاهها، فالأخيرة كانت تحمل كاميرتها وتتجه صوب "طيبة مول"، لتصور مشهد الفض، وأخبرت "فدوى" أنها لابد وأن تظهر الحقيقة بكاميرتها.

 

ومرت دقائق، وأثناء سير فدوى ألقيت عليها قنبلة غاز أفقدتها الوعي لفترة، وتمت إفاقتها داخل المستشفى الميداني، لتستيقظ على مشاهد الجثث المتناثرة بالمسشفى، والتي لا يسعها المكان، لترى الدماء باتت بركانًا بداخل المستشفى، وحينها علمت بخبر استشهاد الشهيد "أحمد ضياء"، وكانت صدمة كبرى بالنسبة لها.

 

وتكمل "فدوى" روايتها عن ما عاشته في لحظات مجزرة الفض: "قابلت صديقتي ياسمين عبدالفتاح، واختي الصغيرة هند، وتمكنا من الصعود لمبنى مجاور للمستشفى الميداني، وجلسنا في غرفة كان بها مروحة ونافذة مغلقة، وكان صوت الطلقات مروع ونحن بداخل الغرفة، نظرت بجوار الغرفة فوجدت أنها بجوار المطبخ الخاص بالاعتصام وبها أنابيب وفي حال إطلاق أي قنبلة عليه قد تنفجر الغرفة، فأنطلقنا للدور الثاني من المبنى".

 

وحينها عقبت: "بدأنا في الاستغفار والبكاء، فغضبت صديقتنا ياسمين عبدالفتاح .. لماذا تبكون؟ نحن طلاب شهادة؟، فقلنا لها منظر الدماء والأشلاء صعبة وكأننا أصبحنا في سوريا، وهنا كانت الصدمة أن تكون ياسمين تلك الفتاة التي تثبتنا، تصير مكلمومة ويأتي لها نبأ استشهاد زوجها، الشهيد أحمد عمار، في تلك اللحظات فتأخذ صديقتها للمستشفى الميداني كي تلقى عليه نظرة وداع".

 

وتروى فدوى أنها حاولت أت تخرج من ذلك المبنى لترى ما بالخارج، فمرت رصاصة من جنبها حرقت حجابها، ودخلت في الحائط الذي بخلفها، مماجعلها تجشأ بالبكاء الشديد، ولم يلبث ذلك الإحساس كثيرًا فقد جاء ما يشغلها أكثر، حيث بدأ استهداف المبني، التي هي بداخله مع أختها وصديقاتها، وبات الرصاص محاوطًا لهن من كل إتجاه، ما دفعها لتفكر في الهرب من ذلك المبنى، هي وأختها، وخرجوا مطأطين الرأس، وهبطوا للدور الثاني فوجدوه محرقًا بأكمله، بحثوا عن نافذه يصعدوا منها للخارج وبالفعل تمكنوا من فتح نافذه أخرجت أختها الصغيرة، ومن ثم هي، وصوت طلقات الرصاص لا يتفوق فوق رؤوسهن".

 

وأشارت فدوى أن حينها كانت عملية الخروج مؤلمة وقاتلة للغاية، وكان هناك استهداف لإذلال من  تبقى على قيد الحياة منهم، مشيرةً إلى أن القيادات الأمنية المشاركة في المجزرة، طلبت منهم أن يرفعوا أيديهم خلف رؤوسهم، وأن يسلموا أنفسهم، حتى مروا على أكثر من ضابط وجندي، وعند كل منهم كان هناك كمية من السباب والشتائم غير العادية لهم وللمعتصمين.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023