إخواني وأساتذتي، أيها الدعاة النبلاء، والعلماء الأجلاء، ما أجمل أن نتدبر هذه الآيات اليوم: "إن ربي لطيف لما يشاء"، و"الله لطيف بعباده".
وقول النبي عليه الصلاة والسلام الذي صدره بالعجب!: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير…. وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن".
وقول ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه: "من ظنَّ انفكاك لطفه عن قدره فذلك لقصور نظره".
فالله تعالى لا يقدر قدرا على العبد إلا جعله محفوفا بلطفه وكرمه وفضله، ويهيئ عبده لتحمُّل هذا القدر وتقبُّله بقبول حسن إن هو رضي به واستوعبه بنفس راضية، ورأى فيه الحكمة والخير والبركة، وما علمتكم إلا كذلك والحمد لله.
وقد تأملت إرادة الله في القرآن الكريم فوجدتها كلها خيرا، اقرؤوا إن شئتم: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر"، "والله يريد أن يتوب عليكم"، و"وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين" و"يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم …" و"والله يريد أن يتوب عليكم" … الخ.
وأنتم – بفضل الله تعالى – مكانكم في قلوب الشعوب وعقولهم، وليس على أرض من الأراضي، أو دولة من الدول، شاكرين لقطر دورها التي قامت وتقوم به، ومقدرين ظروفها والضغوط التي تمارس عليها…
مكانكم أيها الأحباب في نفوس المؤمنين والأحرار جميعا أعلى وأجل، وقد نذرتم أنفسكم لقضية الإيمان، ونصرة الإسلام، وحمل هموم المسلمين، وصَفَفْتُم أقدامكم مع أهل الحق، في طريق الحق، للمطالبة بالحق، ونصرة الحق؛ ليرضى عنا الحق جل جلاله: و"الله هو الحق المبين".
ولن تجدوا في قلوب الملايين إلا الدعاء لكم ورجاء الخير لكم، شعارهم وشعارنا قول الشريف الرضي حين قال:
إنَّ التي آذتْك من ثِقْلها *** هَلُمْها نحْملُها بيننا
كم نحتاج أن نقرأ من "الظلال" تفسير قول الله تعالى من سورة فاطر: "ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها، وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم" الآية رقم (2).. اقرؤوا خواطر الشهيد حولها، فستجدون هناك الهدى والرحمة والاسترواح والشفاء لما في الصدور.
ما دامت الصدور مفتوحة، والنفوس منشرحة، والقلوب فرحة برضا الله وتقديره، فاعلموا أن الله سيعقبكم بخير، وسيخلف عليكم الخير، وسينقلكم لأداء مهمة جديدة، وارتياد آفاق مختلفة، وتطوير أداء أفضل، سترون ذلك من الله رأي العين في الأيام المقبلة بمنه وكرمه: "فهل عوَّدَكَ إلا حُسنًا، وهل أسدى إليك إلا مِننًا"؟.
أرضُ الفلاة على الأعداء ضيقة *** وسَمُ الخياط على الأحباب ميدانُ
ستظل قضية مصر في قلوبنا، وسنظل نعمل من أجل ديننا وأمتنا، حتى ينكسر هذا الانقلاب وتعيش مصر كما تعيش الشعوب الحرة:
بلادي وإن جارت عليَّ عزيزةٌ ** وأهلي وإن ضنوا عليَّ كرامُ
"والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون". يوسف: 21.