منذ أياما معدودات فوجئ المصريون بالإفراج عن علاء عبد الفتاح وآخرين، المحكوم عليهم بخمسة عشر عاما – أثناء إعادة محاكمتهم، وذلك قبيل تنحى هيئة المحكمة عن نظر القضية فى سابقة هى الأولى من نوعها؛ حيث تصدر المحكمة قرار فى قضية تستشعر فيها الحرج ثم تتنحى عن إستكمال نظر القضية.
وفى نفس التوقيت كان يقف أمام نفس القاضي مئات الشباب الذين تم إلقاء القبض عليهم، واستنفذت النيابة مدتها القانونية فتمت إحالتهم إلى غرفة مشاورة، نظرًا لأنهم لم يحالوا إلى محكمة، لأن قضاياهم لا ترقى إلى أن يتم تحويلهم إلى محكمة (جنايات – جنح)، فكان قرار القاضى بحبسهم 45 يومًا جديدًا مع العلم بأن هؤلاء الشباب قدموا ما لديهم من أوراق تكشف أن التهم ملفقة، وأن محاضر الداخلية و النيابة لم تحتوى على أي دليل يثبت إدانة الشباب.
أمام هذه المشاهد المتناقضة التي تحدث يوميًا، يجب أن نشير إلى أن الحديث عن المعتقلين لا يشمل شخص بعينه، إنما يشمل جميع المصريين الذين تم إعتقالهم بسبب معارضتهم للانقلاب ونظامه، و ليس معنى الإفراج عن بضعة أشخاص يكون ملف المعتقلين قد تم حله، فالسجون ما زالت تكتظ بالمعتقلين (رجال- نساء– شباب – أطفال) بسبب آرائهم وموقفهم من الإنقلاب.
على المجتمع المصري بكافة طوائفه ومختلف هيئاته، أن يتحمل مسؤلياته أمام آلاف المصريين (أساتذة جامعات – مهندسين – أطباء – أئمة مساجد – طلاب-…..) الذين ليس لهم تهمة واحدة إلا أنهم عارضوا الانقلاب، ولأنهم لا يمتلكون شو إعلامي، وليس لهم من يتحدث عنهم فمازالوا يقبعون في السجون، ومنهم من أتم في حبسه أكثر من عام ولم تتم محاكمته، ومازال يجدد له حبسه، وفقًا للتعديل السيئ الذي قام به عدلي منصور لقانون الحبس الاحتياطي.
إن آلاف المعتقلين في سجون الانقلاب مازالت تمارس ضدهم الانتهاكات بدءًا بالتشريفة ،التي يتلقونها عند بداية دخولهم السجن مرورًا بالزنازين سيئة النظافة مكتظة العدد مليئة بالحشرات بمختلف أنواعها مقطوعة عنها المياه إلا قليل، أما التريض فيكون لدقائق معدودة، وليس التريض متاحًا وفقًا للوائح، بل يكون حسب مزاج ضابط السجن وشاويش العنبر.
ولا تختلف الزيارات عما قبلها، فهناك سجون لا يتمكن المعتقلين فيها من مصافحة زائريهم نظرًا لأن الزيارة من خلف سلك، بخلاف مدة الزيارة التي لا تتجاوز أكثر من دقائق يقف من أجلها أهالي المعتقلين الساعات أمام باب السجن من أجل رؤية ذويهم.
وهناك في السجون وضع مأساوي للمعتقلين المرضى، فمنهم مصابون بأمراض مزمنة مثل فيروس سي والفشل الكلوي وغيرهما فهم يعانون من عدم الكشف عليهم.
وإذا تمكنوا من رؤية طبيب السجن، فإن الطبيب يرفض إحالتهم إلى مستشفيات، وإذا وافق على إحالتهم للمستشفى فإن الموافقات تأخذ وقتًا ليس محددًا.
كل ذلك والمعتقل يعاني من مرضه ولا أحد يبالي بمرضه، ويكون مصيره بيد الله عز وجل وهناك عمليات قد تمت داخل السجون من قبل أطباء معتقلين من زملائهم بأبسط الأدوات المتاحة.
أما طعام السجن فتأبى الحيوانات أن تنظر إليه، فما بالكم بالبشر ويصبح المعتقل في حيرة من أمره بين مطرقة طعام السجن، الذي يجلب الأمراض وسندان البوفيه الذي يتكلف أموالًا باهظة، ليس في إمكانيات المعتقل خاصة بعد أن فقد وظيفته أو انقطع راتبه!
إن هؤلاء المعتقلين ليس لهم علاقة بأعضاء المجلس القومي لحقوق الإنسان لكي يرفعوا الظلم عنهم، وليس لهم صلة بخالد يوسف لكي يوصل طلباتهم إلى وزير الداخلية وليس لهم خالة تكتب عنهم، وليس ذويهم من المرضِي عنهم حتى يتمكنوا من حضور محاكمتهم أو الإطلاع على محاضر التحقيق.
إن هؤلاء المعتقلين وذويهم مازالوا يرددون (ياليت لنا مثل علاء وأسرته إنه لذو حظ عظيم).
ولا حولَ ولا قوةَ إلا بالله.