احتل السوفيات أفغانستان عام 1979 وهو نفس العام الذي قامت فيه الثورة الإيرانية غير أن الإيرانيين لم يكن لهم أي دور ملموس في دعم الأفغان في جهادهم ضد السوفيات الذي تداعى له المسلمون من كل مكان، بل إن إيران اتخذت موقفا مضادا للمجاهدين حينما خرج السوفيات من أفغانستان عام 1989 وشكل المجاهدون حكومة انتقالية برئاسة صبغة الله مجددي في 24 فبراير عام 1989 واستبعدوا طهران من ترتيباتها فقامت طهران عنادا في المجاهدين بالتقارب مع نظام نجيب الله الشيوعي في كابل الذي كان يحاربه المجاهدون الأفغان.
ولم يقف الأمر عند حد التقارب بل دعت طهران نجيب الله لزيارة إيران وزار مدينة مشهد في شهر نوفمبر عام 1990.
أما اللاجئون الأفغان الذين فروا إلى إيران بحكم طبيعة الجوار- حيث تشارك إيران أفغانستان في حدود طويلة يصل مداها إلى 942 كيلومترا فقد كانوا ومازالوا يعانون الأمرين، وتشير دراسة للباحثة فاطمة الصمادي نشرت على موقع الجزيرة نت في 16 مايو 2012 إلى أنه «وفق تقرير أخير لوكالة الأنباء العمالية (إيلنا) يوجد في إيران 900 ألف لاجئ أفغاني دخلوا بصورة قانونية، يعيش معظمهم في المدن في حين تعيش نسبة ضئيلة تقل عن 3 % في معسكرات خاصة. وهناك ما يزيد على المليون و400 ألف مهاجر دخلوا بصورة غير قانونية، تتمركز غالبيتهم في مناطق طهران وخراسان الكبرى، ومصنفون ضمن صورة نمطية كالآتي: الأفغان الخطرون، اللصوص، المجرمون، مسببو البطالة.
وانتهجت حكومة نجاد منذ العام 2005 سياسة إعادة اللاجئين الأفغان إجبارياً إلى بلادهم ويشكو المهاجرون الأفغان في إيران من التمييز والمعاملة غير الإنسانية ويفتقد معظمهم للحقوق الإنسانية مثل حق العمل والسكن والرعاية الصحية والتعليم والعجز عن بناء هوية اجتماعية أو هوية جديدة لنفسه في المجتمع الإيراني».
ولا تسمح إيران لأي جمعيات خيرية سنية بتقديم أية مساعدات إنسانية للأفغان اللاجئين في أراضيها أو حتى للعرب السنة الإيرانيين الذين يزيد عددهم على 20 مليون سني يتعرضون للاضطهاد البشع في إيران.
هذه المعاملة العنصرية من الإيرانيين للأفغان السنة تعكس العقدة المذهبية الطائفية الضيقة التي تصوغ من خلالها إيران سياستها بشكل عام تجاه الإيرانيين العرب السنة والشعوب السنية المحيطة بها حيث إن الدعم الإيراني للأفغان تركز على الشيعة الأفغان الهزارة فقط.
وأذكر أنه خلال تغطيتي للحرب الأفغانية بين عامي 1987 و1990 أن قوافل المجاهدين الأفغان كانت تتجنب المرور في مناطق الشيعة في أفغانستان لأنهم كانوا يتعرضون للابتزاز والاختطاف وسلب أسلحتهم وقوافلهم وقد قمت بما يقرب من ثلاثين رحلة صحفية إلى داخل أفغانستان خلال تغطيتي للحرب الأفغانية دونتها في كتبي الأربعة عن أفغانستان ورأيت كيف كانت مناطق الشيعة الأفغان تمثل خطرا على المجاهدين لا يقل عن خطر الشيوعيين، وقد اختطف الشيعة الأفغان أكثر من مرة أطباء عرب ومصريين ممن كانوا يعملون مع اللجان الإغاثية وساوموا عليهم بطلب الفدية والأموال، وفي رحلتي المطولة إلى كابل والتي رويتها في كتابي «تحت وابل النيران في أفغانستان» رويت قصة القائد الشيعي الذي كنا نمر في منطقته وطلبنا منه أن يمنحنا تصريح عبور من باقي المناطق التابعة له إلا أنه رفض لاسيما حينما عرف أنني عربي وقد استبد بي القلق من طريقة تعاملهم معي وخشي القائد الذي كنت أصحبه من أن يختطفوني أو يقتلوني وأشار لي بضرورة مغادرة المكان الذي غادرناه خائفين ونحن نخشى من الغدر، وقرر القائد أن يغير الطريق الذي كنا سنسلكه إلى طريق جبلي طويل وعر وشاق يشعر الإنسان وهو يصعد جباله كأنما يصعد في السماء.
المصدر: الوطن القطرية