شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

صهيب سعد يكتب من داخل المعتقل: على درب فاطمة

صهيب سعد يكتب من داخل المعتقل: على درب فاطمة
    "فنجان قهوة يُحتسي على مهل كما أوقات العاشقين ؛ لا سيما الأسرى ؛ ريم بنا تهمس في الأذن "احكي...

 

 

"فنجان قهوة يُحتسي على مهل كما أوقات العاشقين ؛ لا سيما الأسرى ؛ ريم بنا تهمس في الأذن "احكي للعالم" دخان سيجارة خلية من الحشيش "للأسف" يتصاعد من الأعماق ثمة بعض الأشياء البسيطة تبعث الروح على الغوص في قرارة النفوس تتأمل ما يجول بها البساطة تولد الخشوع ؟ وإقطع كل إرشائك المسلك..

"هناك نفوس أو قلوب لا يسكنها الفرح يصول الفرح ويجول يسكن قلوبآ ويهجر أخرى ويأتي عند هذه القلوب ويأبى إلا أن يكون رحًاله لا يجد متعتة في السكون يمر عليها مرور الكرام يسق لكنة أو لا يستق.. إلا أنه لا يسكن تلك القلوب لما يجدة منها من إنشغال بما هو اسمى تحت الجرح شايل فرح ..

هناك حزن يختارة صاحبة أو فرض علية فاستسلم له بالنهاية صاحبة له دور ما فما فرض علية إلا لأنه استسلم له وما امتطى ظهرك إلا لأنك انحنيت له تمامآ كما الطغاة والمذعنين لهم ..

لست مؤمنا بنظرية الجبرية فأهم ما ميز الله بة الانسان هو أن جعلة حر إرادتة لكنني مؤمن بأن هناك نتائج حتمية لبعض المعادلات التي قرر للانسان ان يجربها لذا لن أقول ان هناك حزن يجبر علية الانسان لكن هناك حزن يكون بمثابة محطة بديهية في بعض الدروب التي اختار أصحاب بعض القلوب أن يسلكوها..

العاشق ما اختار السقم لكنه قرر ان يسلك درب العشق و العشق لا يحل الا بسقم فاطمه ما اختارت أن تحمل بين جنبيها روحًا معذبه و لكنها اختارت ان تحمل هم تحرير الامه مع ابيها و من بعد ابيها زوجها ذلك الفتى الذي ما اختار ان يكون فقير المال لكنه فضل الانشغال بحروب تحرير الانسانيه على الانشغال باكتساب المال و لما طلبه الرسول لفاطمه قال يا رسول الله لكني لا املك شيئًا فقال النبي و اين درعك الحطميه؟ علي ما اختار ان ينعزل اوائل ولايه ابي بكر لكنه اختار ان ينزل على رغبة فاطمه بالا تبايع ابي بكر؛ و المحب ما اختار الحزن و لكنه اختار ان يسلك درب الوصل و الهجر و ليس احزن من قلب ذاق حلاوة الحب مع الله ثم فقدها! وليس اهلك من عارف افصح عن سر كشفه له ربه لذا قالو المحب ان كتم هلك و العارف ان افصح هلك فكلاهما لم يختر الهلاك و لا اجبرا عليه لكنهما اختارا ما يؤدي بهما الى تلك النتيجه الحتميه؛ المضربون عن الطعام من الاسرى ما اختارو ان يتجرعوا مرارة الجوع لكنهم قرروا الا يعيشوا تحت وطأة الطغيان و اختارو ان يموتوا واقفين بدلا من ان يعيشوا راكعين..

الأسير ما اختار ان تسلب حريته فليس اقسى من ذلك شعور! و ما اختار ان ينظر الى السماء فيجد اسلاكًا ان مهلاً ايها المسكين ليس لك ان تتمتع بالتأمل في النجوم! الأسير ما اختار ذلك لكنه ان يختار ان يسلك من الدروب اقساها المحفوف منها بالاسلاك و الاشواك الممتلئ بمحطات الحزن الذي يوقع على القلب همومًا كالجبال! حزن المحب لا ينجلي الى بوصل محبوبه بدون حجاب؛حزن العارف لا ينجلي الا بحياة السر وحياة السر و حزن الاسرى لا ينجلي الا بانتزاع حريتهم..

لكن هناك من الحزن ما لا ينجلي إلا بموت صاحبه! موسى ما انجلى حزنه إلا بتمتعه بلذة النظر إلى وجه ربه وكان الغناء هو شرط تحقيق تلك الأمنية؛ فاطمة ما انجلى حزنها إلا بتحقيق بشرى أبيها لها بأنها أول اللاحقين به من آل البيت؛ علي ما انجلى حزنه إلا بخنجر أصابه فقال فزت ورب الكعبة؛ الحسين ما انجلى حزنه إلا بثورة أفضت به إلى قطع رأسه؛ سيد قطب ما انجلى حزنه إلا بقول الرسول له هنيئآ لك الشهادة يا سيد وبعد ساعات كان معلقآ على أعواد المشانق ؛محرز ؛ أحمد لؤي؛ سنبل ؛ جودة؛ عبدالله الكردي؛ حبيبة وأسماء.. ما انجلى حزنهم إلا برصاصة وهبتهم الحياة.. أمر عبر الموت الآخر؛ كى أدنو إليك!..

هذا النوع من الحزن لا يسكن من النفوس إلا أعظمها ولا يحل عليها إلا بالعذاب ؛ عذاب بكل ما تحمله الكلمة من معنى ؛ لكنه عذاب جليل ؛ عذاب ينأى بصاحبة عن الانكسار ويدفعه دفعآ إلى المقاومة والمثابرة ؛ حزن يولد الخشوع في الغضب ؛ عذاب يعلقم الجراح كي لا يسكن صاحبها وتنأى به عن الإذعان فينتزع حريته ؛ وقديمآ قال مولانا بن عطاء الله "إنما أجرى الأذى عليك مفهم ؛كي لا تكون ساكنآ إليه"

كانت هذه أول ما أرسلته لي داخل الأسر؛ عذاب ينفض صاحبة نفضة تلفظ عنه غبار الروح فيعود بعدها صاحبه عذب الروح ؛ عذاب يعصر قلب صاحبة بالألم ويجرعه كؤوس المرارة..

ذلك العذاب الذي تحدثت عنه فاطمه فقالت "إطمئني ولا تحزني من أجلي يا أماه ؛إن وثنية قريش سوف تزيدهم طغيانا ألى أخر حد؛وتزيدهم قسوة في تعذيب وإيذاء المسلمين إلى الحد الذي يستطيعون؛ فتقر عين المسلمين بقول هذا" العذاب الجليل"

وفاطمة أحق في تذوق هذا العذاب بقدر ما أنعم الله عليها في كونها بنت النبي ؛ وما أختصها بحبه وإعتزازه بها..

ذلك العذاب يجتبي من القلوب لا يحل عليها ؛ ويصطفي من النفوس ما تستحق أن تُسكن وحلاوة ذلك العذاب في إستحقاقة ولكل منا في العذاب نصيب؛ فالعاقل من يتجرع من العذاب ما لا يصيبه بالهوان ولا يضعف منه ولا يستكين له ..فإن كنت من المعذبين بهذا؛ فأعظم بذلك عذابا..

ذلك الحزن وذاك العذاب ما هو إلا محطه على الطريق طريق لا ينتهي بسالكه إلا إلى خلود الفرح وأبدية النعيم؛ فما هو منتهى المطاف؛ ولا يجتمع حزين ؛ ولن يغلب عسر يسرين" فإن مع العسر يسرا" "إن مع العسر يسرا" و ما كان ربك نسيا!..

أيام و أكمل عامي الأول بعد العشرين لا أعلم إن كنت سأكمله داخل الأسر ام خارجه؛ لكنني أعلم أنني حتمآ سأكمله محاولآ أن أجلو حزني بوصل محبوبي؛ محاربآ في سبيل إنتزاع حريتي ؛ وحرية وطن لا زال مكبلآ بالقيود ولا زالت جراحه مكلومه.. هل ترانا نلتقي ..!!؟؟

صهيب سعد..

فجر ذات يوم من أيام الأسر

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023