بعد العملية الإجرامية التى وقعت في سيناء، أصدر قائد الانقلاب قرارًا بقانون يقضي بمشاركة القوات المسلحة الشرطة المدنية في حماية المنشآت العامة والحيوية والمرافق، وذلك في شتى ربوع الوطن ولمدة عامين.
ففى الوقت الذى نحن بحاجة لدعم الجيش في تأدية مهامه الأساسية ألا وهي حماية حدود البلاد.. يوكل إليه مهام فرعية هو ليس أهلا لها، ولذلك كان لابد من معرفة حيثيات هذا القرار والذي صدر بقانون.
أعتقد أن صدور مثل هذا القرار في ذلك التوقيت، يؤكد أن النظام الحالي وقائد الانقلاب أدرك أن الشرطة أنهكت، ولم تتمكن من بسط نفوذها وفرض سيطرتها، بعد أن توافرت لها كل السبل المؤدية لذلك؛
فقد تم إمدادها بكافة أنواع التسليح و تشريع القوانين التي تساعدها على ذلك ،
و بالرغم من ذلك و بعد مرور ستة عشر شهرا فإن الوضع اﻷمنى مازال سيئا..
و من ثم لن يحدث استقرار أمنى بتواجد الشرطة بمفردها فى الشوارع و الميادين .
إن قائد الانقلاب وهو صغير تعلم أن الجيش هو الحل، فعندما تواجهك أي مشكلة فاعلم أن حلها هو الجيش، فصارت هذة قناعته، وقد حل في مرات سابقة إقناع الشعب بذلك.
عندما سئل أثناء ترشحه للمسرحية، التي تمت كيف ستحل مشكلة غلاء الاسعار والسلع، قال الجيش!
سيطلب من الجيش نزول سيارات تابعة له في الشوارع، لبيع السلع بأسعار منخفضة.
كذلك أسند وهو وزير دفاع مشروع المليون وحدة سكنية إلى الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حتى بعدما فاز في المسرحية، أسند مشروع قناة السويس إلى الجيش!
ناهيك عن أن الجيش يمتلك العديد من مشروعات الطرق والكباري، وله باع طويل في الصناعات، مثل صناعة السخانات والبوتاجازات والمكرونة.
كل ذلك أدى إلى أن الجيش هو ملاذه اﻷخير والوحيد لحل المشكلة التي تؤرقه منذ 3-7-2013م.
إن هذا القرار كان بمثابة غطاء قانوني، وإعطاء شرعية دستورية لقانون القضاء العسكري، الذي تم تعديله حيث أضيف إلى اختصاصاته الأعمال، التي يرتكبها المدنيين بحق المنشآت العامة، وذلك في مخالفة واضحة للدستور الذي وضعوه في يناير 2013، والذى نص على أن القضاء العسكري مختص بالحرائم التي ترتكب بحق المنشآت العسكرية.
و من ثم فنزول الجيش لحماية المنشآت العامة، فهذا يعنى أن هذة المنشآت خاضعة للجيش، وعلى ذلك فإن أي مظاهرات أو أعمال تحدث داخل هذة المنشآت، فإن القائمين على هذة الأعمال سيتم إحالتهم إلى القضاء العسكري!
وفي كل الأحوال، فإن حالات هذا القرار ستكون في مختلف المستويات.
أعتقد وبثقة عندي لها ما يبررها، أن هذا القرار لن يمنح الوضع الأمنى أي تحسن؛ فالجيش منهك على الحدود والعمليات الإجرامية التي تمت على الحدود الشرقية -حادثتي رفح وكرم القواديش، الحدود الغربية، حادثتي الفرافرة- تؤكد أن الجيش لم يقم بمهامه الرئيسية، ومن ثم فإنه لن يتمكن من تحقيق إنجاز في مهام تضاف إليه، وبالتالي فإن عدم الاستقرار الأمنى سيظل موجودًا، ما دام لم تتخذ الإجراءات الصحيحة، لذلك:
-إن نزول الجيش فى الشوارع والميادين لمدة عامين، ما هي إلا رسالة للمستثمرين والهيئات الاقتصادية، بأن مصر لن تكون مستقرة في هذة الفترة، وبالتالي وفروا أموالكم وأوقاتكم.
كما أن هذا القرار كتب شهادة وفاة لمؤتمر المانحين، الذي ستعقده السعودية في فيراير المقبل، ومن ثم فإن الوضع الاقتصادي سيضع أكثر سوءًا من الوقت الحالي، مما يؤدي إلى نكسة اقتصادية جديدة، جراء اتخاذ قرارات عشوائية لم تدرس جيدًا، ولم يعلم متخذوها تأثيرها.
-إن قراءة الماضي ستسهل استقراء الواقع، فنزول الجيش إلى الشوارع يعني مزيدًا من الانتهاكات بحق الشعب المصري.
فكلنا لاننسى ماحدث الشعب المصري بعيد ثورة يناير من قبل الجيش؛ حيث كشوف العذرية، وتعرية الفتيات، وغير ذلك.
وعلى ذلك فإن حقوق الإنسان سيحدث بها اضطراب أشد، وعنف شرس بحقها جراء هذا القرار.
* * *
انتهى زمن المعجزات و الشخصيات السوبرمان، ومضى وقت المؤسسات التي تجيز فعل كل شيء في نفس الوقت،
ومن ثم فإن كل كيان له طاقته المحددة، وإذا تم استغلالها في مهمة ما، فإنها ستؤثر على المهمة الرئيسية المنوطة به، ولذلك كان هذا القرار، هو قرار من لا يدرك لمن لا يستطيع!