احتجت حكومة إقليم الأندلس (جنوبي إسبانيا) على إجراءات قامت بها أسقفية قرطبة بحذفها كلمة "مسجد" من اسم "مسجد كاتدرائية قرطبة" على موقعها الإلكتروني، وعلى تذاكر السياح الذين يزورونه، وغيرها من المواد الدعائية للتعريف به.
ومسجد قرطبة بناه المسلمون في القرن الثامن الميلادي، وهو من من أكبر معالم قرطبة التي كانت مصدر إشعاع ثقافي في تلك الفترة، وعندما استعاد المسيحيون السيطرة على قرطبة في القرن الثالث عشر الميلادي، أقاموا كاتدرائية وسط المسجد، وهذا ما جعل المبنى الأثري يشهد خلافًا دائما حول تسميته الدينية.
وبحسب الأناضول، فقد قامت الأسقفية بطبع عبارات اختفى منها أي ذكر لمسجد قرطبة كما تحمل اللافتات في الموقع السياحي عبارة "الأسقفية ترحب بكم في الكنيسة الكاتدرائية".
وقال وزير السياحة في إقليم الأندلس رفائيل رودريغوز لصحيفة البايس الإسبانية "محاولة إخفاء حقيقة المسجد هو أمر غيرمعقول"، متابعًا أنه "يشبه محاولة تسمية قصر الحمراء قصر تشارلس الخامس".
وأضاف الوزير الذي وصف موقف أسقفية قرطبة بـ"الأصولية" أن الأسقفية تعطي الأولوية للمعتقدات الدينية على المنطق السليم والتاريخ الطبيعي للمبنى وهذا لا يبدو لي معقولا أو مقبولا"، لافتًا إلى "سنتقدم باحتجاج مكتوب للأسقفية كما سنسعى لرفع دعوى قضائية حول عدم دستورية إشراف الكنيسة على مسجد قرطبة".
وقال حميد باللحسن، محلل سياسي ومؤسس مركز بويرتا د سول للعلاقات الدولية: "يتعلق الأمر بتغير وضع قائم منذ زمن طويل، قرار أسقفية قرطبة يأتي في إطار تغيير وتغييب المكون الإسلامي لهذه البلاد".
ومضى بالقول "أخشى أن المسألة تتجاوز موضوع تغيير اسم موقع أثري رغم أهمية ورمزية المكان بالنسبة للمسلمين في إسبانيا".
وأوضح أن "الأسقفية تتصرف وكأنها فوق الجميع، وتستغل ضعف المكون الإسلامي حيث إن مجهود الجمعيات الإسلامية مشتت في اتجاهات عدة وتريد أن تفرض أمرا واقعا".
الأسقفية المسؤولة عن المسجد أكدت أنها لا تنكر تاريخ المسجد لكنها أكدت أنه تحول إلى كاتدرائية في تصريح نقلته صحيفة الغارديان البريطانية عن المتحدث باسم مسجد كاتدرائية قرطبة خوسيه خوان خيمينيز غويتو، كما نفى غويتو، حسب نفس المصدر، ما يتردد بأن حذف اسم المسجد أدى إلى تراجع عدد السياح الذين يزورون المبنى التاريخي، مؤكدا أن عدد الزوار ارتفع بنسبة 10% ( 1.5 مليون زائر) وسط توقعات بأن يبلغ عدد الزوار رقمًا قياسيًا في العام 2014.
وبدورها قالت ماريام ايزابيل روميرو، رئيسة لجنة المآثر التابعة للهيئىة الإسلامية الإسبانية في تصريح للأناضول: "نحن لا نريد ولا نهدف للدخول في جدل ديني بين المسلمين والمسيحيين ولا أن يكون هنالك أي صراع بين الديانات، مهمتنا التي نسعى إليها وندافع عنها هي عدم محو التاريخ وهذا ما نلاحظ أن الكنيسة تحاوله".
وأضافت: "هم يحاولون محو التاريخ وهذا مستحيل، ونحن سندافع عن أي أثر تاريخي لأي ديانة، ونعتبر أن مسجد قرطبة هو رمز تاريخي للجميع ويجب الحفاظ عليه وعدم المساس به".
وقال محمد المختار ولد عبد الله الباحث في تاريخ الأندلس، وإمام مسجد بويرتا د روساري بجزر الكاناري: "ما حصل في مسجد قرطبة هو من بين حوادث كثيرة نلاحظها في السنوات الأخيرة تؤثر على حيوية التراث الإسلامي في الاندلس وهي محاولة لطمس التاريخ الإسباني الذي هو جزء من ذاكرة مشتركة بين المسلمين والإسبان ويجب احترامه".
وتابع للأناضول: "هنالك تجاوزات تحصل وتمس الهوية الإسلامية لهذا التراث وتؤثر على السياحة ونلاحظ أن الحكومة الإسبانية تتخذ قرارا جديا في هذا الإطار، لكن هذه القرارات يجب أن تكون نافذة وبسرعة لحماية التراث الإسلامي في الأندلس وباقي مدن إسبانيا".