مع وصول الإجراءات القانونية مراحلها النهائية، بدأت أول انتخابات برلمانية بعد الانقلاب العسكري حيز التنفيذ الفعلي؛ إذ تسابق الأحزاب والدوائر الرسمية الزمن لسن القوانين وإعداد للانتخابات، وذلك بعد الانتهاء من قانون تقسيم الدوائر، والذي اعتبره السياسيون والخبراء قانون لتأميم البرلمان لصالح الفلول.
ويبدو أن تحالفات القوى بدأت في إيجاد الطرق المتعددة للتبلور، كما تستعد الجهات القضائية لاتخاذ خطوات فعلية، وهي بانتظار لحظة إصدار قائد الانقلاب للقرار.
ويأتي ذلك بعد تعديلات قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة، وموافقة اللجنة العليا للانتخابات على مشروع القانون الجديد بتشكيل 237 دائرة انتخابية بالنظام الفردي، يتنافس عليها 420 مرشحا، وكانت لجنة تقسيم الدوائر، قد استعرضت خلال اجتماعها أمس ، مشروع القانون، لمراجعته بشكل نهائى، وعلى أن يرفعه المستشار إبراهيم الهنيدي، وزير العدالة الانتقالية وشئون مجلس النواب، ورئيس لجنة تقسيم الدوائر، إلى المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس وزراء الانقلاب اليوم تمهيدًا لرفعه لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
"ما بعد الموافقة"
في الأثناء قال مصدر قضائي في اللجنة ، إن اجتماعات متتالية ستعقد فور صدور القانون رسميًا من قيادة الانقلاب، لدراسته وتحديد خريطة العملية الانتخابية والمدة الزمنية التي ستجرى فيها الانتخابات، وأيضًا قواعد وضوابط العملية الانتخابية بالكامل، بدءًا من فتح باب الترشح حتى آلية الإعلان عن القوائم الفائزة في الانتخابات والشروط الواجب توافرها في منظمات المجتمع المدني الراغبة في مراقبة العملية الانتخابية.
وأشار المصدر بحسب "الأخبار" إلى أن اللجنة ستحدد، في غضون أسبوعين على الأكثر من تاريخ إعلان القانون، الجدول الزمني الكامل للعملية الانتخابية، بما يضمن إجراءها على ثلاث مراحل، وذلك "بإشراف قضائي كامل"، على أن يجري التنسيق مع قوات الجيش والشرطة لنقل وتأمين القضاة من أماكن إقامتهم إلى محطات الإشراف. مؤكدًا في الوقت نفسه أن اللجنة ستضع الجانب الأمني في اعتبارها من حيث اختيار أوقات المراحل الثلاث، فضلاً عن طلب الاستعانة بقوات مكثفة لتأمين بعض اللجان التي يتوقع أن يحدث فيها شغب.
كل هذا يأتي تحت راية أن يكون جدول زمني معد بصورة كاملة قبل موعد انعقاد المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ، والمؤتمر سيعقد ما بين 13 إلى 15 آذار المقبل. لكن المصدر نفسه رهن ذلك بسرعة إصدار القانون من قائد الانقلاب، "بل يجب ألا يتأخر أكثر من نهاية الأسبوع المقبل".
"عودة الفلول"
420 مرشح فردي وسط تصاعد لبعض فلول النظام السابق أمثال رجل الأعمال ورئيس التنظيم بالحزب الوطني المنحل أحمد عز الذي أعلن عن خوضه الانتخابات القادمة على دائرة السادات منوفية.
وبدأت خريطة التحالفات الانتخابية تصل مرحلتها الأخيرة بعد مفاوضات شاقة على مدار عدة أشهر بين الأحزاب والقوى، فيما برز تحالف "الجبهة المصرية" الذي يضم أحزابًا وشخصيات محسوبة على نظام مبارك على أنه أقوى التحالفات حتى الآن، وذلك لجهة أسماء الشخصيات العامة التي تم الاتفاق عليها.
ويرجّح أن تحدث توافقات بين هذا التحالف وتحالف الوفد المصري الذي يتزعمه حزب «الوفد".
فيما استقر تحالف "الجبهة المصرية" على رئيس حزب "الحركة الوطنية" الفريق أحمد شفيق لترؤس قائمة القاهرة، وكذلك اختير المرشح الرئاسي السابق عمرو موسى ليرأس قائمة الجيزة ومحافظات الصعيد. كما ستتضمن القوائم الانتخابية رئيس نادي القضاة المستشار أحمد الزند، والمستشارة تهاني الجبالي، وهي نائبة رئيس المحكمة الدستورية السابقة.
فيما رجحت مصادر قبلية وسياسية بمحافظة قنا، عودة نواب الحزب الوطني القدامى وفوزهم بالانتخابات البرلمانية المقبلة، بسبب تقسيم الدوائر الانتخابية التي أقرها مجلس الوزراء أمس، التي تسمح بالتربيطات والتحالفات القبلية العصيبة، نتيجة لاتساع الدوائر الانتخابية مما يزيد من تحالفات النواب السابقين.
وبحسب ما ذكرته "الشروق"، فإن تقسيم الدوائر الجديد يسمح بزيادة الصراعات القبلية بين العرب والأشراف والهوارة، وتواجد تحالفات قبلية عصبية، من ناحية وتحالفات نواب الحزب الوطني القدامى من ناحية أخرى، وأبرز الدوائر التي ستشهد صراعات قوية في المحافظة هي الدائرة الثانية ومقرها قسم شرطة قنا.
في الوقت ذاته أكدت "مارجريت عازر" بحسب "الدستور" عضوة البرلمان السابق عن مخاوف البعض من عودة الفلول للبرلمان، ، أن الناخب قادر على فرز المرشحين في الانتخابات البرلمانية القادمة، مشددة على أن أعضاء الحزب الوطني المنحل لن يكون لهم مكان في البرلمان القادم.
"برلمان أعمى"
من جانبها، أكدت الناشطة السياسية شيماء حمدي، عضو المكتب السياسي لجبهة طريق الثورة، أنهم سيقاطعون الانتخابات القادمة ردًا على خروج نظام مبارك من السجون.
وأوضحت "حمدي" بحسب صحيفة "المصريون" أن القوى الثورية دائما كانت ترى أن الحل ليس في المقاطعة وتعلن دعمها لمن يستحق الدعم بظهير شعبي؛ ولكنها ترى أن الوضع اختلف تمامًا الآن.
ووصفت البرلمان القادم بأنه "أعمى" يتناسى القوانين والدستور وخاصة البنود الخاصة بالمحاكمات العسكرية، مؤكدًا أن هذا البرلمان لن يفلت من أيدي النظام وأنهت كلمتها بأن هذا البرلمان سنصفه بكلمة واحدة فقط وهي "العيب".
فيما قال الدكتور وحيد عبد المجيد، الخبير بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بـ "الأهرام"، إن الخطر الحقيقي على البرلمان القادم ليس في عودة أحمد عز ورفاقه بشكل محدد، لكن في معظم المستقلين الذين سيعبرون للبرلمان، اعتمادًا على ما يمتلكونه من مال وعصبيات وعشائر بسبب نظام الانتخاب الحالي، معتبرًا أن الخطر كامن في نظام الانتخابات، وأوسع من عودة نواب بعينهم.
وتوقع عبد المجيد بحسب "المصريون" أن يصل نواب آخرون لا ينتمون للحزب الوطني المنحل، لكنهم لا يختلفون من حيث الاعتماد على المال السياسي والعصبيات القبلية في حشد الأصوات، وهؤلاء لا يهمهم شيئًا سوى الوصول للبرلمان دون الالتفات لمصالح الجمهور.