بعد الإطاحة بمدير جهاز المخابرات العامة المصرية اللواء "محمد التهامي" في ظروف غامضة تلت عملية تسريبات "صوتية" لبعض أعضاء المجلس العسكري المشاركين في الانقلاب العسكري أثناء اتفاقهم على كيفية تزوير مستندات رسمية لإخفاء حقيقية اختطاف الرئيس "محمد مرسي" في قاعدة عسكرية غير قانونية.
وكذلك بعد خروج تصريحات لأحد عرّابِ الانقلابات العسكرية في مصر وهو "محمد حسنين هيكل" الذي أكد ضرورة تخلص "السيسي" من رجال نظام "مبارك" في حكمه، ومن المعروف سلفًا أيضًا أن اللواء التهامي أحد المتسترين على فساد مبارك وعائلته أثناء توليه جهاز الرقابة الإدارية، ما دفع الرئاسة في عهد الرئيس "مرسي" للإطاحة به من منصبه.
تأتي هذه الأخبار وسط تحليلات تؤكد وجود صراع داخلي بين الأجهزة السيادية في نظام "الانقلاب"، بالتزامن مع تأكيدات أن النظام الانقلابي قرر التخلي عن بعض الوجوه التي استخدمها في حسم صراع الانقلاب مع "جماعة الإخوان"، وكان في مقدمة هؤلاء محمد التهامي الذي يصف البعض تصرفاته عقب الانقلاب بأنها انتقامية من الإخوان ورافضه لأي تفاهمات معهم، كذلك الحال مع وزير الدخلية "محمد إبراهيم" الذي دخل مرحلة اللاعودة في الإجرام حيث تعدت قراراته العنيفة حدًا كبيرًا، ما جعل نظام الانقلاب يتورط في عدة مجازر متلاحقة أخفق في تبرريها، ما يجعل نظام "السيسي" يحمل شخص "محمد إبراهيم" المسؤولية كاملة عن تلك المجازر، وهو ما يجعل "محمد إبراهيم" أيضًا أعنف الشخصيات المتواجدة عقب الانقلاب إذ أنه يعلم بتورطه في قضية الانقلاب وما تلاه لذلك فإنه من أشد المعارضين للوصول لأي صيغة توافق أو تصالح مع معارضي الانقلاب.
ومع اضطراب الوضع الإقليمي ورغبة القوى العالمية ذات المصالح في الشأن المصري في إيجاد حل توافقي لتهدئة الأوضاع في مصر، تتأكد الأخبار حينًا بعد حين أن الانقلاب يتخلص من تلك الأسماء المعارضة لتلك التهدئة وأبرزها "محمد إبراهيم" عقب الاطاحة بالتهامي في ظل فشل أمني ذريع في كافة الملفات الموكلة إليه وهو ما سيكون أدعى لتبرير موقف الإطاحة به.
حيث خرجت تسريبات إعلامية تتهم "الأمن الوطني" بوزارة "محمد إبراهيم" بأنه ضالع في تفجير مديرية أمن الدقهلية الذي وقع قبل عام من الآن في ديسمبر 2013 وذلك بالتأكيد على أن منفذ العملية هو أحد "مرشدي جهاز الأمن الوطني" وأن الداخلية قبضت عليه أكثر من مرة وأطلقت سراحه بإيجاز من العهاز، وهو ما يثير الشكوك تجاه الوزارة التي اتهمت عناصر من "جماعة الإخوان" بالاشتراك مع أفراد من حركة "حماس" بالضلوع في التفجير والقبض بالفعل على عدة عناصر منهم، وهو ما تنفيه الفيديوهات التي بثتها "أنصار بيت المقدس" في حين يتمسك "محمد إبراهيم" بالرواية التي تروج تورط "جماعة الإخوان المسلمين" في الحادث ما يثير الشكوك حول جهاز "الأمن الوطني" والوزارة وهو ما كشفته أجهزة سيادية من خلال تسريب أخبار مجهلة المصدر لبعض الصحف الموالية لها.
كل هذه الشواهد قد توضح نية الانقلاب التخلص من شخصية جديدة وأحد ركائزه في اتمام الانقلاب العسكري الذي تم في الثالث من يوليو عام 2013، وقد يكون لذلك بعض المآرب السياسية الأخرى.
فالمصالحة القطرية لا تبعد عن تلك الإقالات الحالية ،أو التي ستلحق بها لشخصيات ترفض المصالحة أو التهدئة، حيث أن الدولة "القطرية" قد تعود لدورها القديم في فض النزاعات بعد أن أخذت خطوات في قضية المصالحة مع نظام الانقلاب عقب تدهورات عدة بين البلدين بسبب الانقلاب العسكري، وما يحدث داخل أروقة الدولة المصرية قد يكون قربانًا للمصالحة مع قطر الموكل إليها إيجاد صيغة تفاهم في مصر لتهدئة الأجواء بين الانقلاب ومعارضيه للحد من التوتر السياسي الذي ساد المنطقة على خلفية الانقلاب والدخول في صراع صفري مع "جماعة اللإخوان المسلمين" .