بدأت قوي سياسية وأحزاب مصرية الحديث عن المصالحة مع تركيا، بعد تصريحات الخارجية التركية حول أمكانية التعامل مع الانقلاب العسكري المصري باعتباره أمر واقع.
وتوقعت صحف خليجية ومراقبون أن "تخطو تركيا نحو مصالحة أخري مع مصر على غرار المصالحة القطرية، غير أن مصادر سياسية ودبلوماسية استبعدت ذلك، معتبرة أن "المصالح القطرية الخليجية مع مصر تختلف عن المصالح التركية، كما أن تركيا ديمقراطية تتخذ قرارها بحرية بعكس دول الخليج التي لا تستشير شعوبها".
ترحيب مصري
وقال الإعلامي المصري عمرو أديب، في تحول واضح للمواقف والخطاب الإعلامي بعد المصالحة المصرية القطرية، إن العلاقات بين مصر وتركيا متجهة نحو التحسن.
وأكد أديب في برنامجه اليومي على إحدى الفضائيات المصرية أنّ "الخلاف بين الإخوة انتهى"، في إشارة منه للمصالحة الأخيرة مع قطر، وأن الدور القادم سيكون صفحة جديدة في تحسن العلاقات مع تركيا.
وبرر ما ذهب إليه بالقول "إوعى تستغرب، آه العلاقات تتحسن، السياسة ما فيهاش غير المصالح"، على حد تعبيره.
وفى السياق ذاته، توقع الدكتور وحيد عبد المجيد، الخبير السياسى، أن تركيا ستتراجع عن موقفها المضاد لمصر إذا ما وجدت أى مصالح مشتركة لها مع مصر في المرحلة المقبلة.
وأضاف عبد المجيد، أن العلاقات الدولية تدار بشكل أكثر تعقيدًا مما يرى أغلب المراقبين السياسيين، حيث لا ينبغى الاعتماد على التصريحات الرسمية لقادة البلاد في الحكم على علاقات الدول، ولكن العلاقات مرتبطة بالمصالح المشتركة على أرض الواقع، وهو العامل الذى سيؤثر على علاقة مصر وتركيا في المرحلة المقبلة بالسلب أو الإيجاب.
وأوضح عبد المجيد، أن مصر وتركيا تربطهم مصالح تاريخية كبيرة، وهذه المصالح مستمرة حتى الآن بالرغم من الموقف المعادي الذي تتخذه تركيا ضد مصر في الآونة الأخيرة.
شروط تركيا
وقال نائب رئيس الوزراء التركي بولند أرينج، الذي تحدث لفضائية الجزيرة التركية "قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولاً"، إلا أنه قال "لكن علينا تحقيق ذلك”.
وأوضح أرينج أن رد فعل بلاده إزاء "الانقلاب الذي وقع في مصر" قد يكون مختلفًا من الناحية الديمقراطية، مشيرًا إلى أن مصر شهدت مرحلة انتقالية عقب ذلك، وأن بلاده تعتبرها "غير صحية".
وأضاف: "أجريت انتخابات ووصل السيسي إلى الحكم.. تركيا تقول حتى الآن إنها لا تقبل مبدئيًّا الإطاحة بشخص وبحكومة منتخبين عن طريق الانقلاب”.
وأفاد أن هناك وضعًا قائمًا، والعالم بأسره تقبله، "فالسيسي اليوم يمكنه زيارة أمريكا والبلدان الغربية، وفي هذا الخصوص، علينا أن نقيم علاقاتنا مع مصر على أرضية سليمة بسرعة، قد تكون مصر هي التي يجب أن تقدم على خطوة أولًا، لكن علينا تحقيق ذلك".
الخليج كلمة السرالخليج
تصريحات أرينج ألمحت إلى أن السبب الرئيسي في تغير وجه نظر بلاده تجاه مصر يعود إلى دول الخليج، بسبب الفتور في العلاقات التي حدثت بين أنقره وتلك الدول، وهو ما يؤكد أن الفتور في علاقات بلاده مع دول الخليج سيزول وستتغير العلاقات بسرعة، قائلاً: "لدينا علاقات عريقة وعميقة وتاريخية، من غير الممكن أبدًا أن نكون بعيدين عن بعضنا، وأن نتصرف ببرود إزاء بعضنا البعض”.
وأفاد أنهم شعروا ببرود في العلاقات بين قادة بعض البلدان والحكومة التركية، بسبب بعض القضايا في الآونة الأخيرة منها الأحداث في سوريا ومصر، وفلسطين وغزة، أو فيما يتعلق بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مضيفًا: "هذا وضع غير عادي، ويجب إزالته حتمًا”.
وأكد أهمية الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى بالنسبة لتركيا، مشيرًا إلى أنها لا تتحرك على نفس المستوى مع تركيا، كما يبدو، من وجهة نظر مختلفة إزاء الأحداث في مصر، وأن هناك مخاوف ووجهات نظر مختلفة، مضيفًا: "علينا تعزيز صداقتنا مع بلدان الخليج بطريقة ما”.
ومضى قائلاً: "وباختصار تركيا بحاجة، على صعيد السياسة الخارجية، إلى علاقات صداقة طيبة تستند إلى التفاهم المتبادل، على الأخص مع مصر ودول الخليج والكويت وجميع البلدان في الشرق الأوسط”.
وفي رده عن سؤال يتعلق بدعم الدول الخليجية للسيسي باستثناء قطر، قال أرينج إنَّ اختلاف وجهات النظر، يجب أن لا يكون سببًا في بعدنا عن بعضنا البعض، ومواقفنا التي اتخذناها قائمة من مفهومنا للديمقراطية، ومحمد مرسي هو رئيس منتخب، تعرض للانقلاب من قبل السيسي الذي كان قائدًا للأركان العامة، ومعين من قبل الرئيس مرسي نفسه، ونحن كحكومة نؤمن بالديمقراطية، ولا يمكن أنَّ نقبل بذلك.
الإفراج عن المعتقلين
وثانيًا نحن لا نستطيع أن نقبل زجَّ الناس في السجون بمحاكمات ملفقة، وإصدار أحكام إعدام لأكثر من ألف شخص، ورفضُنا هذا نابع من وجداننا، فنحن في تركيا عانينا من مثل هذه الممارسات، فحكومات منتخبة كان يُطاح بها بقوة العسكر، وتحظر الأحزاب، وكنا ضحايا لذلك ففي حياتي السياسية أغلق الحزب الذي أنتمي إليه 4 مرات، ولا يمكن لنا أن نرضى أن يعاد المشهد ذاته في بلد آخر.
وعلى الرغم من كل ذلك فنحن نتمنى أن لا تسوء الأوضاع أكثر مع الدولة والحكومة المصرية، ومن أجل هذا لتوضع كل المؤاخذات التي لدينا جانبًا ولنتعامل دولة لدولة وحكومة لحكومة، فنحن في حالة تضامن مع الشعب.