تقول صحيفة "الجارديان" إنه في بداية عام 2015 سيواصل العالم مواجهة تحديات العام الذي مضى، وبعض المشاكل التي ستواجهه مألوفة ومستمرة منذ عقود مثل القضية الفلسطينية والملف النووي الإيراني، إضافة إلى الحرب الأهلية السورية المندلعة منذ أربعة أعوام تقريبا.
وطبقا لعربي21 تضيف الصحيفة في افتتاحيتها أن هناك أحداثا ذات طبيعة مفاجئة كان من الصعب التكهن بها مع بداية عام 2014، مثل الاحتلال الروسي لأجزاء من أوكرانيا وضمها لجزيرة القرم. فمن كان يتوقع قيام روسيا بهذه الخطوة؟، ومن كان يتوقع قبل عام أن تنخفض أسعار النفط العالمية بنسبة 40%؟، أو قيام كوريا الشمالية بشن هجوم سايبري على شركة سوني؟
وتشير "الجارديان" إلى أنه بعيدا عن هذا فقد كانت هناك بعض الخطوات المتوقعة مثل انسحاب القوى الغربية من أفغانستان، مستدركة بالتساؤل: من كان يتوقع عودة الولايات المتحدة من جديد للعراق في محاولة لقمع تمرد جهادي جديد؟
وبناء على ما جرى العام الماضي ترى الصحيفة أن محاولة التكهن بما سيحدث في العام الجديد تظل مغامرة. وهذا يجعلنا نستحضر كلمات رئيس الوزراء البريطاني هارولد ماكميلان "أحداث، عزيزي، أحداث"، التي تدفع العلاقات الدولية بطريقة لا يخطط لها. ولكن هذا لم يمنع "الغارديان" من التكهن حول ما سيحمله العام الجديد.
فيتوقع التقرير أن تظل أوروبا تسبب صداعا، وذلك فيما يتعلق بمنطقة اليورو ومصيرها، خاصة في دول مثل إسبانيا واليونان اللتين ستشهدان انتخابات قد تجلب للحكم جماعات معادية للاتحاد الأوروبي. وكما أن سياسات التقشف في أوروبا زادت على حدها، ويرى يوشكا فيشر، وزير الخارجية الألماني السابق أن عام 2015 سيكون "عام القرار" بالنسبة للاتحاد الأوروبي.
وتقول الصحيفة إن أوروبا لن تواجه مشاكلها الداخلية، سياسية كانت أم مالية، بل ستظل عرضة للمشاكل التي قد تؤثر على استقرارها والقادمة من الخارج. فمن ناحية الشرق لا أحد يستطيع التكهن بالطريقة التي سيمضي فيها الرئيس فلاديمير بوتين ويتحدى فيها النظام الذي نشأ عام 1989 على أنقاض الاتحاد السوفييتي السابق، فقد تصبح مولدوفا والمناطق الجنوبية لأوكرانيا هدفا جديدا له، ولا أحد يستبعد قيام روسيا، التي تتجه نحو الركود الاقتصادي، بمغامرات خارجية أو حدوث قلاقل واضطرابات.
ويبين التقرير أنه بالاتجاه إلى الجنوب من أوروبا فهناك تحديات متوقعة من الطرف العربي على البحر المتوسط. وليبيا هي المكان الذي يجب مراقبته بشكل قريب، فهذا البلد الذي يعيش حربا أهلية بعد الإطاحة بنظام الرئيس معمر القذافي عام 2011، أصبح اليوم ممزقا، تتنازعه قوتان كل واحدة منهما تدعي شرعية الحكم، وتسيطر إحداهما على مدينة طرابلس العاصمة، أما الثانية فتتركز في مدينة طبرق، شرق البلاد.
وترى الصحيفة أن ليبيا مهمة لأوروبا؛ لأنها تعد المعبر الرئيسي للمهاجرين غير الشرعيين الذين يحاولون عبور المتوسط بحثا عن حياة جديدة في أوروبا، وهي مهمة أيضا بسبب التهديد الجهادي مع استمرار معاناة هذا البلد من الفوضى والاقتتال الداخلي، وبسبب الخوف من انتشار الفوضى للدول الجارة، الأمر الذي دعا قادة دول الساحل والصحراء إلى جانب فرنسا لتدخل دولي في ليبيا.
ويجد التقرير أنه في إفريقيا هناك نيجيريا التي تشبه قطارا في طريقه للتحطم، حيث تحضر للانتخابات الرئاسية، وتواجه حركة تمرد مسلحة بقيادة بوكو حرام، وتعاني من آثار تراجع أسعار النفط الدولية، خاصة أن النفط يشكل نسبة 70% من عوائد الدولة.
وتذكر الصحيفة أن إفريقيا تقدم صورة متناقضة، فمن جهة هناك مشاكل مستعصية على الحل، بسبب الحكم الفاشل وتهديد الجماعات الإسلامية والنزاعات. ومقابلها هناك صورة مضيئة للتحولات التي أحدثها الهاتف النقال على المجتمعات الإفريقية والنمو الاقتصادي.
ويلفت التقرير إلى أنه وسط هذه القضايا المألوفة لدينا كل عام هناك قضية تتعلق بالمواجهة السايبرية التي تزداد مخاطرها وستظل مواجهة مفتوحة. وسيشهد العام الجديد هجمات يقوم بها هاكرز، حيث تتحول الإنترنت للساحة القتالية الجديدة للدول وللجماعات غير الدول لإظهار قوتها.
وتشبه الصحيفة العالم بأنه "مقهى" دولي "يجمع غوغل وأمازون"، واللذين يحصدان حوالي 300 مليار ما يعادل نصف ميزانية العالم المتداخل. في وقت تعاني منه الدول العظمى من تراجع في النمو الاقتصادي، وبالتأكيد سيؤثر هذا على الوضع الجيوسياسي وكذلك الاحتباس الحراري. وفي حالة انخفاض أسعار الطاقة فمن الصعب التوصل إلى معاهدة دولية حول المناخ في مؤتمر باريس العام المقبل.
وتخلص "الجارديان" إلى أنه في غمار هذا التوتر كله هناك أمر واضح، وهو أن مشاكل العالم متداخلة، ما يجعل من الصعوبة التعامل مع كل واحدة على حدة.