في الوقت الذي يحسد السيسي فيه سلفه ومثله الأعلى جمال عبد الناصر على حالة الإعلام في عهده عما هي في هذه الأيام، وذلك في لقاءاته المتعددة برؤساء تحرير ومديري قنوات مصرية حكومية وخاصة، ويلفت فيه إلى بعض الجهات والأخبار كمصدر إلهاء عن المشروع القومي الكبير، يتسائل المصريون عن كيفية تعامل إعلام دولة السيسي مع الأزمات المتتالية في مصر، والتي تنحر فى عظم الفقراء وتقضي على آخر رمق لهم، مما يجعل البعض يظن أن الثورة القادمة ستكون لهؤلاء الفقراء الذين لايجدون ما يسدون به رمقهم.
"الرئيس بيقول إن الشعب غير مرة وممكن يغير مرتين، وأنا بقول الشعب عاوز أمور مبشرة على البناء في مصر ،" هذه الكلمات رددها أحد أبواق الانقلاب العسكرى في مصر وهو الإعلامي محمود سعد مجاملا بها سلطة الانقلاب ومسايرًا بها نصيحة قائد الانقلاب بوقوف الإعلام إلى جانبه مثلما كان سالفًا.
محمود سعد إعلامي ، صحفي مصريمن مواليد يناير 1954متزوج من الصحفية نجلاء بدير ولديه ابنة واحدة، ومن أشهر البرامج التي قدمها برنامج البيت بيتك على القناة الثانية بالتليفزيون المصري ويقدم حاليًا برنامجه على قناة النهار.
لعل ما جعل الكثيرين يتقربون إليه أكثر موقفه يوم 26 يناير عندما ترك محمود سعد برنامج مصر النهاردة وذلك لرفضه أن يصف الثوار بالبلطجية والمندسين وألا يكون بوقًا للنظام السابق ويروج أكاذيبهم، ولكن العجيب في الأمر أن محمود سعد أصبح بعد الانقلاب العسكري هو ذلك الشخص الذي رفض تقمص شخصيته قبل ذلك، الأمر الي أظهر إفلاسه.
وهو الإعلامي الذي أشاد بالفريق أحمد شفيق وبإمكانياته القديمة وأنه الأنسب في هذا المكان (توليه رئاسة الوزراء بعد ثورة 25 يناير) على الرغم من أن "شفيق" هو أحد أهم رموز دولة مبارك وأنه يعلم عن خبراته الكثير –كما قال في برنامجه الأسبق "مصر النهاردة " – .
ولكن بعدما وجد الثوار رافضين له حاول مجاملتهم والوقوف إلى جانبهم ورفض إجراء حوار معه آنذاك وقدم على إثر ذلك استقالته من التليفزيون المصري.
وفي فترة تولي المجلس العسكري الحكم إبان خلع مبارك بإرادة شعبية، كان "سعد" أحد أهم مؤيديه والمدافعين عنه على الرغم من المجازر التى ارتكبها المجلس العسكري وقتئذ ومن أشهرها مذبحة ماسبيرو وغيرها على مستوى جميع المحافظات، فقال وقتها موجها كلامه للشباب الذين هتفوا برحيل المجلس العسكري في التحرير "بتقولوا للمجلس العسكري ارحل طب إزاي؟ طب مين يمسك البلد؟ "
تناقضات
قضية واحدة تكفي بأن تفصح الوجه عن شخصيتيين لشخص واحد فمحمود سعد أثناء حكم الرئيس مرسي هو غيره تمامًا محمود سعد بعد الانقلاب العسكري.
ارتفعت نبراته ولهجته في حديثه ببرنامجه عن مشكلة الانقطاع المستمر للكهرباء أثناء حكم الرئيس مرسي وتساءل "إيه اللي حصل ,أين الوقود ,إحنا كنا ماشيين حلو أيام مبارك ومكانش في انقطاع تيار كهربائي خالص واللي يقول غير كده يبقى كذاب ".
واستكمل: "حكومات مبارك أفضل من حكومة الإخوان في حل الأزمة " واستخدم "سعد" ألفاظًا خارجة لتوصيف مشكلة انقطاع التيارالكهربي وقت حكم الرئيس مرسي.
ولكن هل سيتغير موقفه في طريقة نقده اللاذع حيال استمرار الانقطاع المستمر للكهرباء الذي زاد عن الحد المعقول في عهد الانقلاب العسكري؟
وقلل "سعد" نبرة الصوت كثيرًا حتى لا يزعج قادة الانقلاب، فذهب بوق النظام العسكري ليبرر موقف الحكومة في انقطاع الكهرباء وسرد الأسباب للدفاع عنها بل وناشد المواطنين في الاستجابة لإرشاداتها.
وتوالت مواقفه المدافعة عن سياسات الانقلاب العسكري في مصري بدءًا من إشادته بجهود الدول الداعمة للانقلاب وانتهاءً بموقفه من عدم استضافته للفنان "خالد أبو النجا" لتبنيه مواقف ضد نظام الانقلاب في مصر وتصريحاته الأخيرة التي أثارت جدلا واسعًا بشأن فشل سلطات الانقلاب فى استيعاب الأزمات وتضييق مساحات الحريات.
فعلى "موقع التواصل الاجتماعي" تويتر ” نشبت محادثات وتساؤلات بين حساب محمود سعد وهو الحساب الخاص ببرنامج ” آخر النهار” وليس الحساب الشخصي له، وبين محبي الفنان خالد أبو النجا، دارت حول عدم استضافة سعد لبطل العمل، ليرد الأخير أنه خارج مصر. ثم يأتي الفنان أبو النجا ليرد بنفسه مؤكدًا أنه لم يغادر البلاد، ولم يطلب أحد استضافته. فيما علل الكثيرون أن السبب وراء عدم ظهور أبو النجا هو آراؤه السياسية، وأن البرنامج أخذ تعليمات باستضافة من يطبل لهم – على حد قولهم – .
ويتعمد "سعد" المبالغة في المجاملات دومًا فى برنامجه لينال رضا سلطة الانقلاب، فمثلا وصف عبد الفتاح السيسىي للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بــ"ضربة معلم"، قائلا: «مفيش رئيس دخل الكاتدرائية في أعياد الميلاد ساعة القداس أبدًا إن الرئيس جمال عبدالناصر ، هو من وضع حجر أساس الكاتدرائية وقام بافتتاحها بنفسه، ورغم ذلك لم يحدث أن حضر قداس عيد الميلاد مثل السيسي ".
وفي تقرير سابق لها وصفت مجلة الإيكونوميست البريطانية مستوى الحوار في برامج التوك شو المصرية بالهابط. وتابعت أن الإعلام المصري بعيد تمامًا عن الموضوعية التي تعد من مميزات الإعلام الناجح، مشيرة إلى أن التعصب لمذهب أو حزب أو توجه أضحى ديدنًا أساسيًا للإعلام المصري، وهو ما يؤثر على درجة المصداقية. واستطردت المجلة أن أصحاب القنوات المصرية باتوا يوجهون سياساتها وفقًا لمصالح شخصية. وأشارت إلى إن تأثير هذا الصراع الإعلامي يمتد بدوره إلى الشارع المصري المحتقن أساسًا، وهو ما يؤدي إلى اشتباكات عنيفة.
"قرصة ودن "
قررت قناة النهار منع الإعلامي محمود سعد، من تقديم إحدى حلقات برنامجه اليومي، ورغم أن قناة النهار ومحمود سعد، يتكتمان على الأسباب الحقيقية للمنع، فإن أحد العاملين بالبرنامج، كشف لـ«الشروق» عن أن إدارة القناة لم تبلغ «سعد» بإلغاء الحلقة السبت، واستبداله ببرنامج خالد صلاح.
وأضاف أن سعد فوجئ لحظة وصوله إلى مقر الاستوديو بمدينة الإنتاج الإعلامي، بوجود فريق عمل وضيوف خالد صلاح، وعندما سأل إدارة القناة عما يحدث كانت الإجابة «مش هينفع تطلع النهاردة»، دون إخباره بأي مبررات لذلك.
على جانب آخر، قال أحد المقربين من محمود سعد، إنه لا يرى مبررًا لمنع مقدم «آخر النهار» من الظهور على الهواء، خاصة أنه وخلال الفترة الأخيرة، قلل من حدة معارضته للسلطة وأعلن مساندته لها في مواجهة الإرهاب، وقال بالنص في حلقة الجمعة الماضية، إنه «على استعداد كامل أن يتنازل عن أجره عامًا كاملا لصالح الحرب على الإرهاب».
نصيحة وحيد حامد
"لابد أن تراجع نفسك يا محمود فهذا واجبي تجاهك كصديق هذه الكلمات وجهها الكاتب والسيناريست إلى محمود سعد في أحد حواراته الصحفية مفسرًا سبب العداوة التي نشأت بينهما مؤخرًا.
يظل محمود سعد واحدًا ممن تستعين بهم سلطة الانقلاب العسكرى في مصر مستغلة جماهيريته ليكون أحد أبواقها, فتمرر من خلالهم ما تود وتمنع أيضًا من خلالهم وصول الحقائق لتغييب عقول الناس وتشتيتهم ليظل الرأي العام هائمًا على وجهه لا يعرف السبيل للخروج من الأزمات المتتالية أو يفكر مرة خطأ أن يقوم بثورة ضد العسكر كما فعلها من قبل .