حظيت الأغاني الوطنية على مدار التاريخ بمكانة خاصة في حفظ تاريخ الشعوب، وتوثيق ما تمر به من أحداث وفي مصر هناك العشرات من الأغاني الوطنية التي سجلت أحداثًا تاريخية هامة، منها أغاني كانت ثورية تستنهض الهمم ومنها ما كان يُمليّ من قبل الحاكم وإرضاءً للسلطة.
الأغاني الوطنية في زمن ناصر والسادات
ففي عهد جمال عبدالناصر غني "عبدالحليم حافظ" إحنا شعب.. تغزلاً في جمال، كما غنى له "ناصر يا حرية"، وفي عهد أنور السادات لم يختلف الأمر كثيرا فقد استعان بنفس الملحنين والمغنين الذين كتبوا وأنشدوا لجمال، وقد غنى عبدالحليم حافظ في ذكرى انتصارات أكتوبر أغنية "عاش اللي قال" كلمات محمد حمزة وألحان المبدع بليغ حمدي، وعمد فيها للثناء على السادات مهديا له نصر أكتوبر، وفي عام 1971 السادات كلف عبدالوهاب بإعداد نشيد بلادي بلادي ليكون السلام الوطني.
ولم يكن حال الأغاني الوطنية في عهد المخلوع حسني مبارك بأفضل من سابقيه، فمن الأغاني التي أسموه بالوطنية من أجل "مبارك" أوبريت "اخترناه"، وأغنية" يا راعي السلام" لوردة الجزائرية.
الأغاني الوطنية في ثورة 25 يناير
وجاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير كي تخط نمطًاً جديدًا في سجل الأغاني الوطنية، فغنى الثوار في ميدان الثورة بالتحرير "ارحل" لرامي عصام والتي أطلقها من منصة ميدان التحرير يوم 5 فبراير 2011 ومن كلماتها: "كلنا إيد واحدة.. وطلبنا حاجة واحدة.. ارحل.. ارحل.. يسقط يسقط حسني مبارك.. طيب يسقط يسقط حسني مبارك".. الشعب يريد إسقاط النظام.. هو يمشي.. مش هنمشي".
وقد لعبت أغنية "ارحل" دورا بارزا في شحذ همم الثوار بالميدان، وكان الثوار يهتفون بها خلال تواجدهم بالميدان موجها بها رسائل لحسني مبارك بالرحيل.
وتلا نجاح ثورة 25 يناير صدور أغنية "أنا بحبك يا بلادي" لرامي جمال وعزيز الشافعي والتي كانت توجه رسالة من قبل الشهداء الذين ارتقوا خلال الثورة فداءً وتضحية من أجل الوطن، ومن كلماتها: "يا بلادي.. يا بلادي.. أنا بحبك يا بلادي.. قولوا لأمي ماتزعليش.. وحياتي عندك ما تعيطش.. يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي.. يا بلادي يا بلادي أنا بحبك يا بلادي.. في جسمي نار ورصاص وحديد.. علمك في إيدي واسمي شهيد.. بودع الدنيا وشايفك.. يا مصر حلوة ولابسة جديد.. آخر نفس فيه بنادي.. أموت وانا بحب بلادي".
وقد حظيت أغنية "أنا بحبك يا بلادي" بانتشار كبير عقب الثورة، وكان رمزًا مميزًا لثورة الخامس والعشرين من يناير.
أغانٍ ضد الانقلاب
وفي أعقاب الانقلاب العسكري وما شهده من حالة قمع كبيرة وثورة بالشوارع، صدرت العديد من الأغاني الوطنية منها "حورية وطن" لمحمد الصنهاوي "الثورة للجدعان" للمنشد محمد الصنهاوي وكان لهما أثرا كبيرا في استنهاض همم الثوار ودفعهم وحثهم لاستكمال ثورتهم، وكذلك أغاني "هنا القاهرة"، "وهل ترانا نلتقي" لرامي محمد، ومؤخراً أصدر محمد عباس أغنية "موطني"، وهي من كلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان وألحان الموسيقار اللبناني محمد فليفل، والذي اتخذته العراق نشيدا وطنيا لها، ومن كلماتها: ""مَــوطِــنِــي مَــوطِــنِــي.. الجـلالُ والجـمالُ والسَّــنَاءُ والبَهَاءُ.. فـــي رُبَــاكْ فــي رُبَـــاكْ.. والحـياةُ والنـجاةُ والهـناءُ والرجـاءُ.. فــي هـــواكْ فــي هـــواكْ.. هـــــلْ أراكْ هـــــلْ أراكْ".
وجاء إصدار أغنية "موطني" بالتزامن مع الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير، وقد أصدر أيضا راديو ميدان "أوبريت" ساووا الصفوف الذي دعا الثوار ليكونوا لُحمة واحدة في صفوفهم لمواجهة قمع الانقلاب ومن كلماتها:" ساووا الصفوف واتقدموا.. مبقاش كتير على حلمنا.. لو ألف سور راح نهدمه .. ما دمنا واحد كلنا".
ومما لاشك فيه أن تلك الكلمات والألحان التي تحفظها ذاكرة الشعوب تساعد في حفظ التاريخ وتوثيقه لاسيما في ظل كثرة الأحداث التي تتوالي على مصر والتي قد ينساها البعض فتظل الأغنية خير شاهد على تلك الحقبة الزمنية التي يمر بها الشعب المصري.