قال د. نادر فرجانى، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، معلقا على المؤتمر الاقتصادى المنعقد فى شرم الشيخ ان "إشارات الحكم العسكري في المجال الاقتصادي والاجتماعي أهم من بهلوانيات المؤتمر المسرحي الذي أداره الأجانب لإستبدادية عسكرية باطشة بأهل الوطن"، على حد تعبيره.
واضاف عبر صفحته الشخصية على موقع "فيس بوك": "سبق وأن قال السيسي أن الدعم أخطر من الفساد، وينفذ فعلا هذا التفكير المشوه والمناقض لأي تصور تنموي حقيقي، بالتستر على أبشع أشكال الفساد الفاجر، حتى لا أقول حمايته ومكافآته".
وتابع فرجاني: "وعلى الجانب الآخر ترفع حكومته الدعم عن جميع السلع والخدمات الأساسية محولة حياة الغالبية العظمي من المواطنين إلى جحيم أشد إشتعالا من خلال التضخم المنفلت، أي الغلاء الجامح للأسعار الملتهبة أصلا، والذي يفاقم منه إنهيار الجنيه المصري أمام الدولار والعملات الأخرى".
وأوضح فى تدوينته التى جاءت تحت عنوان "لا تلدغوا من الجحر نفسه عدة مرات!" أنه "في الوقت نفسه تلغي حكومته الضريبة التافهة (بمعدل 5% فقط) التي كانت قد فرضت على الكسب الرأسمالي، أي تضخم الثروة، كما تخفض حكومة السيسي الضرائب على الأغنياء التي لا يدفعونها أصلا وتثقل على كاهل الكادحين بالضرائب خصوصا غير المباشرة".
واستطرد استاذ العلوم السياسية: "النتيجة الحتمية هي ضمان أن يثرى الأغنياء فحشا بينما يتردى عامة المصريين في غياهب الفقر والحاجة".
وتابع: قد يتساءل القارئ، لماذا يتبنى أي نظام حكم مثل هذه الإستراتيجيه الموغلة في الظلم؟ ، وللإجابة بعدين: الأول أن عماد القاعدة المجتمعية لدعم الحكم العسكري يتمثل في تحالف أصحاب الأموال والقيادات العسكرية، المتقاعدة وحتى الحالية والتي يتزايد إلتحاقها بشريحة أصحاب الأموال من خلال الدور المتزايد للقوات المسلحة في النشاط الاقتصادي، وهذا التحالف المشين هو عماد أرستقراطية قديمة-جديدة يراد لها أن تتسيد على الشعب المطحون".
وذكر فرجانى فى تدوينته رجال الاعمال الهاربين أصحاب الأموال الذي مكنهم الرئيس الحاكم من التهرب من مليارات من أمول الشعب بإعفائه بقرار جمهوري من الضرائب المستحقة عليهم.
ويرى الفرجانى أن تعبير المسثمرين ينطوي على مغالطة مفضوحة، ويفسر ذلك قائلا: كثير منهم نهابون ظالمون للاقتصاد والعمال أبناء الشعب سويا، ولا يتورع بعض المستغلين الأجانب عن التدخل في الشان المصري العام فقد نشرت الصحف أن مجموعة كعكى للتجارة، المملوكة للشيخ عبدالإله كعكى، مالك شركة النوبارية لإنتاج البذور "نوباسيد"، التي إشتهرت بالاستفادة من صفقات الخصخصة الفاسدة وبإنتهاك حقوق العمال المصريين بعدها، أكدت أن الأعمال الإرهابية التى تستهدف أمن واستقرار مصر لن تستمر طويلًا وأن هذه الأعمال الجبانة إنما الهدف منها إرهاب القيادة المصرية برئاسة الزعيم المصري عبد الفتاح السيسي لعدم استكمال خارطة الطريق لتنمية مصر".
ويسرد فرجانى البعد الثاني للإجابة، ويلخصه فى: "تحرق الحكم العسكري لنيل رضا أصحاب المشروع الصهيوني- الإمبراطوري في الغرب: الإدارة الأمريكية وصندوق النقد الدولي، ما يعد مؤشرا على رغبتهم في الإقتراض من مؤسسات التمويل الدولية كما سعت جميع حكومات الحكم التسلطي الفاسد منذ ماقبل إندلاع الثورة الشعبية العظيمة في يناير 2011".
وأضاف: "بالمناسبة فإن كل الأموال التي أعلن عنها في المؤتمر الإستعراضي لايصل إلى نصف أموال شعب مصر المنهوبة في الداخل والخارج، والتي يحميها الحكم التسلطي الفاسد ويمنع إستردادها، بل ييسر نهب أموال ضخمة جديدة، بما في ذلك من خلال مشروعات المؤتمر المزعومة، تماما كما لم، ولن، يرى أحدا من الشعب عائدا من المليارات (40 مليار دولار بحساب قيادات المؤسسة العسكرية) التي دفعت دول الخليج لشن الإنقلاب العسكري في منتصف 2013)".
وتابع: "والأهم ربما أن غالبية الأموال المعلن عنها مترافقة مع ضجيج الطبول وضربات الدفوف ليست إلا قروضا سيتحمل عبء سدادها، مع فوائدها، الشعب والأجيال القادمة من المصريين، وما أخذ شكل مشروعات يحمل شبهات التحكم الظالم في مصر والمصريين، حتى لا أذكر النهب الإجرامي، الذي عاناه البلد الطيب من جراء الهرولة وراء الرأسمال الأجنبي بأي ثمن، ولو باستحلال الأرض والعرض. "
ويدلل فرجانى على صحة قوله بأن الشركة الإماراتية التي أعلن انها ستنفذ المشروع الإستعراضي المسمى العاصمة الجديدة والتي كان لها تاريخ غير مشرف في ميدان المعمار في مصر، في سلسلة المشروعات الضخمة غير المدروسة ولا يقصد منها إلا الإبهار بإعماء العيون بأضواء ساطعة من دون أساس من العلم أو الدراسة والتخطيط السليمن حتى لا نقول مشاركة الشعب في مشروعات ستقرر مستقبل الوطن، على شاكلة جهاز الكفتة والمليون وحدة سكنية (والتي كان يفترض أن تنفذه شركة إماراتية أيضا إلى أن تبين خواء المشروع المكذوب أصلا، على حد تعبيره.
واختتم قائلًا: "باختصار، في ضوء تكشف أن كل مشروعات الحكم العسكري لم تكن إلا وعودا كاذبة وخداعة عمدا، يتعين ألا ننساق وراء السلسلة الأخيرة من الإعلانات البراقة التي يمكن أن تحمل من الخسارة الأكيدة أكثر من المكسب المحتمل".