"الزلات خلل إجرائي، وتعتبر بمثابة مرآة تكشف أفكارا أو دوافع أو أمنيات دفينة في اللاوعي، وفي أغلب الحالات، تكون عنصرا مقلقا، وهي عبارة عن فكرة في اللا وعي تخرج إلى النور عبر خطأ لغوي غير مقصود"، كان ذلك تحليل سيجموند فرويد، مؤسس علم النفس الحديث لزلات اللسان.
جملة كهذه "لابد أن نعمل من أجل مستقبل إسرائيل"، منسوبة لوزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، أثارت جدلا واسعا حينما نطق بها في المؤتمر الاقتصادي الذي عقد في شرم الشيخ مؤخرا لدعم الاقتصاد المصري، بدلا من أن يقول "مستقبل مصر"، لكن يبدو أن الرجل كان يضمر شيئا آخر على خلاف ما فهمه الحضور الذين أطلقوا الضحكات، وأطلق المتابعون عليها النكات.
فرغم تبرير السفارة الأمريكية بالقاهرة على حسابها الخاص بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، بقولها: "إن السفر طوال الليل، وقلة النوم، وحضور الفعاليات صباحا، كل ذلك كان سببا في زلة لسان كيري، مضيفة أن فكرة خطاب وزيارة كيري الرئيسية، تأكيد الثقة في مستقبل مصر"، لكن وزير خارجية أمريكا له الكثير من الزلات التي أضحت في ما بعد حقائق، نسرد منها التالي.
سبق ووصف كيري خلال حديثه في الأمم المتحدة المناطق الفلسطينية بـ"الدولة"، وهو ما أثار غضب مناصري إسرائيل في واشنطن، خصوصا منظمة "إيباك"، قوة الضغط السياسية الأولى في أمريكا.
واعتبرت "إيباك" حينها عبارة كيري بأنها لا تساعد على ضمان سلاسة التمهيد لعودة الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي المرتقبة لطاولة المفاوضات.
وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأمريكية المناوبة ماري هارف في وقت لاحق في إطار ردها على سؤال حول وصف الوزير كيري للمناطق الفلسطينية بالدولة "إن سياسة الولايات المتحدة بشأن القضية الفلسطينية، لم تتغير وأن تعبير الوزير كيري لا يشكل أكثر من زلة لسان، ولا يعبر عن تغيير في هذه السياسة".
وكانت هناك "زلة لسان" ثالثة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري حيث "سخر" من الهجوم الإسرائيلي على غزة خلال حديثة في مقابلات تليفزيونية دون علم منه بأن المايكروفون ما زال مفتوحا.
وقبل المقابلة مع محطة فوكس نيوز، سمع كيري يتحدث عن الجنود الإسرائيليين الذين سقطوا في غزة مع مسؤول في وزارة الخارجية تبين أنه جوناثان فينر، وقال كيري "آمل أن لا يعتبروا ذلك دعوة ليفعلوا أكثر، بل أن يكون تحذيرا لهم"، مضيفا: "يا لها من عملية دقيقة، يا لها من عملية دقيقة"، في إشارة إلى حصيلة القتلى المدنيين في الهجوم الإسرائيلي على ما يبدو.
وحين واجهه الإعلامي في فوكس نيوز كريس وولس بتلك التصريحات، أعاد كيري التأكيد على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
وفيما كانت أمريكا تحشد أساطيلها في شرقي البحر المتوسط استعدادا لشن حرب على سوريا، بذريعة استخدام أسلحة كيماوية في غوطة دمشق، تحدث كيري عن إمكان التوصل إلى اتفاق يجنب سوريا حربا، حينذاك، وقيل إن كلامه زلة لسان، لكنه كان بالفعل مقدمة للاتفاق الأمريكي -الروسي، الذي قضى بأن تتخلى سوريا عن ترسانتها الكيماوية.
نائبة المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماري هارف كتبت على حسابها على موقع "تويتر": "السياسة العامة ما زالت نفسها وهي واضحة: لا مستقبل للأسد في سوريا ونحن نقول هذا طوال الوقت"، مرفقة عبارتها برابط لرسالة المبعوث الأمريكي الخاص الى سوريا دانيال روبنشتاين، ورابط آخر لكلمة الوزير كيري خلال مؤتمر ميونخ للأمن وتظهر فيها مواقف المسؤولين الرافضة لبقاء الأسد في السلطة.
وجون كيري هو سياسي أمريكي ولد في 11 ديسمبر 1943، أقر مجلس الشيوخ الأمريكي ترشيحه وزيرا للخارجية في 29 يناير 2013 ليخلف هيلاري كلينتون، واستلم المنصب رسميا في 1 فبراير 2013.
تخرج في جامعة ييل عام 1966 وكلية بوسطن عام 1976 وخدم في البحرية الأمريكية من عام 1966 إلى 1970 خلال حرب فيتنام.
عمل مساعدا للمدعي العام لمقاطعة مديل سيكي بولاية ماساتشوستس من 1977 إلى 1979 ثم محاميا من 1979 ـ 1982.
خاض كيري انتخابات مجلس النواب عام 1972 ولكنه لم يفز فيها، وانتخب بعد ذلك حاكما لماساتشوستس عام 1983 وانتخب في مجلس الشيوخ لأول مرة عام 1984، وأعيد انتخابه عامي 1990 و1996، وعمل من خلال منصبه على إصلاح التعليم العام والاهتمام بقضايا الأطفال وتعزيز الاقتصاد وتشجيع نمو اقتصاد التقنية المتقدمة وحماية البيئة وتقدم السياسة الخارجية الأمريكية حول العالم.
فاز جون كيري على منافسيه في سلسلة التصويتات الأولية لاختيار منافس ديمقراطي أمام جورج دبليو بوش في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر 2004، وقد خسر أمام بوش في تلك الانتخابات.
