بعد مرور أربع سنوات على انطلاق ثورة يناير 2011، عادت مصر إلى المربع الأول إبّان عهد مبارك، عقب تحطم الآمال بتأسيس نظام سياسي جديد، حيث استطاع النظام القديم العودة إلى لسلطة، في ظل فشل الثوار في الالتفاف حول قائد واحد، ولا تزال كل المظالم الأساسية موجودة، ولا يوجد دليل على أن السيسي سيستطيع حلها.. هذا هو حال مصر في الوقت الراهن، كما صوَّره الكاتب ثاناسيس كامبانيس في كتابه "كانت هناك ثورة .. قصة مصرية"، الذي صدر عن دار "سايمون اند شوستر" في 274 صفحة.
بشكل مقنع وسلس، سرد ثاناسيس كامبانيس ما حدث في مصر خلال السنوات الأربع الماضية، على حد وصف الكاتب باتريك كوكبيرن في صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، مؤكدًا "أنه أحد أهم كتبه من حيث القوة والسلاسة والذكاء والإطلاع الشديد"، وشدد على ضرورة مطالعته لكل من أصابته الحيرة حول كيف منيت مصر في نهاية المطاف بالانتكاسة بدلا من دخول عالم ديمقراطي جديد.
في "قصة مصرية"، لم يقلل كامبانيس من المصاعب التي واجهت الثوار في حشد الناس ضد الدولة التي أحكمت قبضتها منذ صعود الجيش للسلطة عام 1952، بل أكد على امتلاك الثوار الإصرار للتغلب على الشعور باليأس وعدم المبالاة من كتلة من المصريين، الذين آمنوا أن أي محاولة لتحسين أوضاعهم مصيرها الفشل بل وزيادة الأمور سوءًا، وهو الشعور الذي عززته القيادات المصرية زاعمين أن أي حكم بالقبضة الحديدية هو للفوضى، قائلا: "أصر الطغاة بمصر على أن الشعب غير كفء، فالغنم العاجز بحاجة ليد راعٍ قوية، وإذا حاول التمرد على ذلك فإنه سيحدث فوضى ويجوع حتى الموت".
ويتابع "كامبانيس" أن مبارك سقط بسبب الضغط الشعبي، لكنه سقط أيضًا لأن الجيش المصري لم يعجبه خطته لتوريث ابنه جمال، وكان الثوار سذجًا؛ فلم يستفيدوا من النجاحات المذهلة، أو يطيحوا بأعدائهم من مواقع السلطة، كما لم يحاولوا السيطرة على محطات التلفزيون الحكومية أو أي الوزارات، ويخلص كامبانيس إلى أن "شباب الإنترنت لم يعيدوا تكوين حسابات السلطة"، وذلك ردًا على مبالغة الإعلام الغربي في القول بأن الإنترنت والفيس بوك واليوتيوب سيطر على التلفزيون الحكومي.
وفي سياق تعليقه على الكتاب، قال برنارد فوغان الكاتب في صحيفة "بوسطن جلوب" الأمريكية "يجب أن أكون صريحًا، بعد قراءتي لكتاب كامبانيس وقعت في حب ثورة يناير في ميدان التحرير، إلا أن هذا الحب لم يحجب رؤية عيوبها"، مضيفًا: "تصاعدت المظاهرات في التحرير بعد التنحي، وبطبيعة الحال، كانت هناك لحظات من الغبطة والنشوة بين الإسلاميين والعلمانيين عندما يتوحدون في قضية مشتركة، لكنهم لم يتمكنوا من الحفاظ على الائتلاف، مستشهدًا بما كتبه كامبانيس: "لقد كان ولاء التحالف على الثورة لا يرقى إليه الشك، لكن القادة الثوريين – في الواقع – تصرفوا كصبيان في سن المراهقة بنواياهم النبيلة".
بدورها استعرضت إذاعة "الراديو العام الدولي" الأمريكية "قصة مصرية"، قائلة: "لقد كانت هناك شجاعة مذهلة دفعت المتظاهرين المصريين إلى محاولة وضع نظام سياسي جديد، لكن ذلك لم يتحقق، بعد عزل الجيش أول رئيس منتخب ديمقراطيا، محمد مرسي، والإطاحة بحكومة الإخوان المسلمين بعد عام واحد فقط. وبحسب حسب كامبانيس، فقد ظل النشطاء لبعض الوقت يعتقدون أنهم سيقيمون حكمًا مدنيًا، بيد أن هذه الوعود تلاشت بانتخاب قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي رئيسًا العام الماضي، وهو ما عاد بالبلاد سريعًا إلى التكتيكات القمعية السالفة.
ويخلُص مؤلف كتاب "كانت هناك ثورة .. حدوته مصرية" إلى أن المسؤولية في ضياع الثورة تقع على عاتق النظام القديم الذي كان قويًا وعديم الضمير، واستخدم كافة الأدوات المتاحة أمامه، حتى بقتل الكثير من معارضيه في سبيل العودة إلى السلطة، لكنه كذلك أشار إلى أن الثوريين لديهم مشاكل في التنظيم حول قائد واحد"، مؤكدًا أن بقاء الثورة بلا قيادة أتاح للجيش الالتفاف عليها، وأن السيسي يستخدم الأدوات ذاتها لمواجهة ذات المشاكل التي أدت إلى انتفاضة ميدان التحرير في عام 2011، كما أن المظالم الأساسية لا زالت باقية، وعلى ما يبدو أن السيسي لن يستطيع حلها".