كشف أحد المعتقلين بالسجون المصرية، أن حكم محكمة الأمور المستعجلة بإعتبار حركة المقاومة الإسلامية "حماس" منظمة إرهابية، تم التمهيد له منذ عدة أشهر، مضيفا أنه في ديسمبر الماضي صدر قرارا من نفس المحكمة بحظر أنشطة حماس في مصر وأعقبه في يناير المنصرم إعتبار الجناح العسكري لحماس منظمة إرهابية.
واعتبر- في تقرير صحفي أصدره من داخل المعتقل يحمل عنوان "تداعيات حكم حماس"– أن إعلان حماس منظمة إرهابية، هو "أول حكم من نوعه يصدر من دولة عربية بحق حركة مقاومة تكافح من أجل تحرير وطنها وهذا ما يشهد به القاصي والداني".
وأضاف: "هذا الحكم أحدث مشكلة قضائية، فتلك المحكمة ليست مختصة لنظر هذه القضايا لا من حيث الشكل، ولا من حيث الموضوع، فهناك محاكم مختصة للفصل في القضايا السياسية والإدارية، وقضية مثل هذه من إختصاص تلك المحاكم، ناهيك عن أن السلطات المصرية أنشأت دوائر محددة للنظر فى تحديد الكيانات الإرهابية، ولذلك كان من الأولى على محكمة الأمور المستعجلة أن تتنحى عن تلك القضية نظرا لعدم الإختصاص".
وتابع: "أما من حيث الموضوع فلم يكن هناك قرائن على أن حماس تمارس الإرهاب داخل مصر، و كل ما اعتمدت عليه المحكمة أن حماس لها نفس فكر جماعة الإخوان المسلمين، والتي قضت المحكمة ذاتها بأنها إرهابية أيضا، فاعتمدت على ذلك فى حكمها على حماس".
وأعرب عن اندهاشه من أن المجتمع الدولى بدأ يتخذ خطوات فى رفع حماس من قوائم الإرهاب، كان آخرها محكمة الإتحاد الأوربي عندما أصدرت حكما بإعتبار أن حماس ليست منظمة إرهابية.
وأشار إلى أن موقف حماس بمجرد صدور الحكم، تمثل في إصدارها بيانا أكدت فيه رفضها لذلك الحكم، وأن هذا الحكم لا يساوى الحبر الذى كتب به، وأنه يؤكد أن مصر ليست راعيا نزيها للمصالحة الفلسطينية، وافتتحت حماس بيانها بأن سلاحها لم ولن يوجه ضد أحد سوى الكيان الصهيوني.
كما أشار إلى ردود الفعل الغاضبة التي توالت على كافة المستويات، فسياسيا خرج مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية أن حماس ليست منظمة إرهابية، وإنما هى حركة مقاومة وفقا للقانون الدولي، وأن الجامعة لا تعترف بهذا الحكم، كما اعتبرت الفصائل الفلسطينية "الجهاز والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وآخرين" أن الحكم يمثل إنتكاسة، وطالبت القاهرة بسرعة تدارك الأمر.
وأضاف: "ودبلوماسيا إعتبر نائب وزير الخارجية الإيراني أن حماس ليست إرهابية وأن الكيان الصهيوني هو الإرهابى، أما شعبيا فأعلنت الشعوب العربية رفضها للحكم، وقامت بحملات تأييدية لحماس وللمقاومة مثل كلنا حماس، وحماس ليست إرهابية، و قام آخرون بنقل مقر جامعة الدول إلى دولة أخرى تؤيد وتساند حركات المقاومة".
وألمح إلى تعقيب وزير الخارجية الصهيوني ليبرمان على الحكم، إذ وصفه بأنه يصبّ فى مصلحة إسرائيل، مشيرا إلى أن ذلك دليلا على أن هذا الحكم كان المستفيد الأكبر منه هو الكيان الصهيوني، لأن هذا الحكم لن يستفيد الشعب المصري والفلسطيني منه، مضيفا أن "معاناة الفلسطينيين ستزيد مزيدا من الحصاد المتمثل في إغلاق معبر رفح وكأن هذا الحكم عقابا للشعب الفلسطيني على تأييده للمقاومة ولحركة حماس، ويبدو أن الفلسطينيين هم من سيدفعون ثمن ذلك الحكم وهم من سيتحملون تبعاته".
وتابع: "لا أحد يستطيع أن ينكر دور حماس، بل يمكن القول بأن حماس هي الرقم الصعب فى المعادلة الفلسطينية، وهي العمود الفقري للمقاومة الفلسطينية، وهي المسيطر الحقيقي على قطاع غزة، ولذلك فقد قام رئيس حركة الجهاد الإسلامي بزيارة للقاهرة عقب صدور الحكم ومقابلته العديد من المسؤلين في محاولة منه لرأب الصدع بين القاهرة وحماس، بل إن قيادات حماس طالبت الدول العربية وعلى رأسها السعودية التدخل لدى القاهرة لوقف ذلك الحكم، و هذا ما أكده إسماعيل هنية – نائب رئيس المكتب السياسى لحماس".
وعدد الخسائر التي جنتها مصر من ذلك الحكم والتي كان أهمها "افتقاد مصر لدورها الإقليمي فيما يخص الشأن الفلسطيني، لأن وضع حماس كعدو للدولة المصرية يعني أن مصر لن تستطيع أن تلعب أي دور في القضية الفلسطينية سواء المصالحة بين الفصائل أو التواصل بين الفلسطينيين والكيان الصهيوني لأن حماس هي الفصيل الأقوى داخل فلسطين".
وأضاف: "ثانى هذه الخسائر تشويه صورة مصر إقليميا ودوليا لأن هذا الحكم يدعم إسرائيل، ومن ثم فإن مصلحة مصر هي مصلحة إسرائيل، كما كشف هذا الحكم أن القاهرة تريد كسر شوكة المقاومة الفلسطينية وإضعافها، أما أشد الخسائر فهي فقد مصر الشعوب الحرة في المنطقة والعالم لأنهم ينظرون لحماس كحركة مقاومة استطاعت أن توقف بطش الكيان الصهيوني، وأنها نجحت فيما فشلت فيه الجيوش العربية".
واختتم التقرير متسائلا: "لماذا تصر القاهرة على خوض معارك وإختلاقها، حيث أنها فى غنى عن ذلك؟"، مضيفا "لكن هذا إن دل فإنما يدل على أن القيادة السياسية ليس لديها وعي بقدر كافٍ فضلا عن أنها لا تريد أن تخوض معاركها السياسية بمفردها فتلجأ إلى القضاء ليغوص معها في أتون الخلافات السياسية ، وهذا ما ينذر بكارثة بحق الدولة المصرية".