ساعات قليلة تفصل بين تسمم المئات في الشرقية، واثنين في الإسكندرية، بسبب تلوث مياه الشرب، وسقوط 500 طن فوسفات في نيل قنا، من ناقلة تابعة للقوات المسلحة، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول إمكانية أن يكون “فوسفات قنا” هو السبب في سقوط ضحايا الشرقية والإسكندرية، وإلى أي مدى كانت الحكومة صادقة في نفي خطورة الفوسفات على صحة المصريين، كما يفتح المجال للتساؤل حول: هل ما سقط في النيل فوسفات فقط .. أم شيء آخر؟
حمزة يتراجع
ومن جانبه قال المهندس ممدوح حمزة – الناشط السياسي – إن “مركب الخام التي غرقت في النيل قرب قنا لا تقل فوسفات، بل كانت تقل كاديم ويورانيوم وموادًا أخرى تسمى شوائب”.
وأضاف حمزة، خلال تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن “إجمالي المواد الضارة في الخام حوالي 125 كج لكل طن، متابعًا “اليورانيوم في خام الفوسفات حوالي 2.5 كج لكل طن خام”، بحسب زعمه.
وتراجع حمزة عن تصريحاته قائلًا :” خطأ كتابي عن كميه عنصر اليورانيوم في خام الفوسفات: الكميه المذكورة لإجمالي الخام وليس لكل طن، وهي محسوبة للحد الأدني لـ ١٠١ عينة من خام الفوسفات”.
وأضاف أن هناك لَبْسًا لدي بعض المواقع علي النت بخصوص خام الفوسفات، وأنه لم يذكر أن الصندل لم يكن يحمل فوسفات.
الفوسفات ليس كارثة وهناك شيء آخر
وأوضح الدكتور علي صبري – وكيل وزارة البيئة السابق – أن الفوسفات رغم خطورته إلا أنه ليس بالخطورة التي تستدعي الضجة الإعلامية الكبيرة ورد فعل الحكومة المرتبك.
وأضاف في تصريح خاص لـ”رصد” أن الفوسفات نسبة ذوبانه في المياه ضئيلة جدًا ولا تتسبب في أضرار صحية كبيرة رغم ضررها الموجود، مشيرًا إلى أن التحرك السريع لتنظيف النيل يقلل من تأثيره السلبي، وأن هناك الكثير من المخلفات تلقي في النيل وتسبب أضرار أكثر بكثير من الفوسفات.
وأشار إلي أن حالات التسمم الكثيرة التي حدثت في الشرقية وعدد من المناطق ليست بسبب الفوسفات، ولكن من الأرجح أن يكون بسبب اختلاط المياه مع الصرف الصحي.
ارتباك الحكومة
وقال وكيل وزارة البيئة السابق أنه استغرب رد فعل الحكومة من غرق الفوسفات مشيرًا إلي انه من الممكن أن يكون هناك شيء أخر في السفينة غير الفوسفات تسبب في هذا القلق والذعر خاصة بعد تصريحات ممدوح حمزة إلا أنه عاد وأكد أنه ليس لديه معلومة ولكن كلها شكوك.
وأكد صبري أن مياه النيل تلوث يوميًا ويلقي بها أطنان من المخلفات في ظل تخاذل الحكومة، وأن معظم أمراض الشعب المصري بسبب تلوث المياة.
أطنان المخلفات في النيل
وكشفت دراسة حديثة عن حجم المخلفات التي تلقى في النيل يوميًا وتسبب الكثير من الأمراض المزمنة، ومن أهمها المخلفات الطبية التي يتم إلقاؤها في النيل تبلغ معدلاتها 21 ألف طن سنويًّا.
بقعة زيت
وقالت الدراسة إن بقعة زيت في نهابة 2013 شهدت مدينة إيتاي البارود بمحافظة البحيرة انقلاب سيارة محملة بالمياه البترولية في مياه النيل ما أدى إلى تسرب بقعة زيت، ورفع شركة مياه الشرب بالبحيرة لحالة الطوارئ، لتفتيت هذه البقعة وفى شهر مارس من عام 2014 تسربت بقعة زيت في النيل، بطول 500 متر بلغت مساحة البقعة 500 متر في 10 أمتار متقطعة، ونتجت عن أحد المراكب السياحية الموجودة بمرسى كورنيش النيل بأسوان، وتحركت البقعة من مدينة أسوان إلى مدينة إدفو في صعيد مصر، عبر مياه نهر النيل.
وفي شهر يناير من العام الجاري 2015 ظهرت بقعة زيت في فرع النيل بالقرب من إيتاي البارود في محافظة البحيرة (غرب الدلتا)، نتيجة وقوع حادث لسيارة محملة بالزيت عند منطقة التوفيقية؛ مما تسبب في تسريب بقعة زيت إلى المياه وتلوثها.
نفوق الأسماك
وأوضحت أنه فى فبراير 2014 تفاقمت ظاهرة نفوق الاسماك تفاقمت حالات نفوق آلاف الأطنان من الأسماك بمياه النيل في محافظتي الغربية وكفر الشيخ بسبب ارتفاع نسبة الآمونيا، ففي فرع رشيد نفقت كميات كبيرة من الأسماك بمركزي كفر الزيات وبسيون والقرى التابعة لها، وقد تسبب تلوث المياه الناتج عن نفوق الأسماك إلى تعدد حالات تسمم المياة ما تسبب فى انقطاع مياه الشرب عن مدينة رشيد والقرى المحيطة لعدة أيام متتالية.
البحيرة الأكثر تلوثًا
وفي ذات السياق كشف تقرير لوزارة البيئة أن محافظة البحيرة تمثل أعلى نسب التلوث بين محافظات مصر (34.2%)، وأكد التقرير أيضًا أن مياه الشرب تخرج ملوثة من مخرج محطات المعالجة نفسها وقبل أن يتم تلويثها بواسطة الشبكة،
كما أشار التقرير إلى انتشار حالات التسمم بين قرى مصر المختلفة.
كما اعترفت وزيرة البيئة السابقة الدكتورة ليلي إسكندر بانتشار تلوث المياه في محافظات مصر، وقالت في تصريحات صحفية: “إن كل مياه مصر ملوثة، وأن أبسط حقوق المصري في شرب مياه نظيفة غير متوافرة حاليًا مخلفات المصانع شهدت مدينة كفر الشيخ فى منتصف عام 2014 العديد من حالات التلوث الشديد بسبب مخلفات المصانع ما أدى إلى نفوق الأسماك وانبعاث روائح كريهة، وهو ما دفع الأهالي إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مجلس مدينة دسوق اعتراضًا على تلوث المياه، كما تقدم عدد من الأهالي ببلاغ رسمي ضد محافظ كفر الشيخ ووزيرة الصحة ورئيس مجلس إدارة شركة مياه الشرب والصرف الصحي بكفر الشيخ بصفتهم بسبب تلوث مياه الشرب، واختلاطها بمياه الصرف الصحي.
129 مصنعًا يصرف مخلفاته في النيل
وكان الدكتور خالد فهمي وزير الدولة لشؤون البيئة قد اعترف بوجود 129 مصنعًا يقومون بصرف مخلفاتهم بمصارف تطل مباشرة على نهر النيل، مشيرًا إلى أنه تم ضبط 10 مصانع تلقي مخلفاتها بالنهر بدون تصريح.