قالت صحيفة “البايس” الإسبانية إن: “قائد الانقلاب العسكري عبدالفتاح السيسي يبحث عن شرعية له في أوروبا”.
وانتقدت الصحيفة بحسب موقع “التقرير” في افتتاحية تحت عنوان “الوهم المصري”، سياسة الدعم الغربي للسيسي؛ ووصفتها بـ “المثيرة للسخرية” وأنها “خطيرة وتغذي التطرف”.
وأكدت على أن “مصر السيسي” ستكون أكثر تماسكًا وقوة إذا رسخت سلطة القانون، و”إذا ما دفع بالسياسات التي تحرك الطاقة، وتلهم تطلعات بلاده الضخمة الشابة، بدلًا من تقوية الفساد الاقتصادي لجنرالاته وترسيخ الإفلات من العقاب الذي يلاحق عناصر من القوات المسلحة والأمن”.
وزار قائد الانقلاب العسكري دول إسبانينا وقبرص وعقد قمة ثلاثية مع رئيسها ورئيس وزراء اليونان.
واعتبر الاعلام المصري بحسب محللين أن الزيارتين التي قام بهما قائد الانقلاب كانتا موجهتين لتركيا أردوغان؛ باعتبارها الدولة الوحيدة التي لا تزال تعتبر ما جرى في مصر انقلابًا عسكريًا والرئيس مرسي ما زال رئيسًا شرعيًا.
وقال صحيفة الوطن المؤيدة للانقلاب إن أهمية إسبانيا تنبع من أنها “الدولة التي وقفت بجانب مصر في حربها ضد الدولة العثمانية عام 1839”.
وبحسب سياسيين كان واضحًا خلال زيارت السيسي لنيقوسيا ومدريد تركيزه على “مكافحة الإرهاب”، وتقديم نفسه على أنه الرجل المناسب؛ ففي قبرص قال خلال مؤتمر صحفي بعد القمة الثلاثية: “تحدثنا عن محاربة الإرهاب ودحره والقضاء عليه، ووقف إمداد الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح“، وأضاف: “نؤكد على تطابق وجهات النظر حيال مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه“.
وكان واضحًا خلال تصريحاته استشعاره لتشكيك الأوروبيين في شرعية نظامه، لذلك؛ كرر تأكيده أن الانتخابات البرلمانية ستجرى قبل نهاية العام، وأنه يركز على توفير الطعام للشعب المصري قبل أي شيء، حتى إنه قال في حواره مع صحيفة “إلموندو” الإسبانية: “هل ستدفع أوروبا رواتب المصريين؟”.
وكان من الواضح أيضًا أن العلاقات بين البلدين في المجال الأمني أخذت حيزًا مهمًا، في ظل احتلال الملف الأمني والعسكري مكانة في الزيارة؛ حيث تستورد مصر من إسبانيا بعض المعدات والأسلحة، التي تستخدم بعضها في صد المظاهرات، مثل المدرعات وشاحنات، رغم أن الخبير العسكري “اللواء طلعت مسلم” قال إنه لا توجد ملفات أمنية حيوية مشتركة بين مصر وإسبانيا من الممكن أن تشهد تعاونًا مشتركًا، والأمر قاصر على استيراد بعض الأسلحة من إسبانيا.
وخلال الزيارة، وقع وزيرا داخلية البلدين اتفاقًا بشأن تعزيز التعاون في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وفق ما أعلنت الحكومة الإسبانية.
وحذّر السيسي، في حوار مع الصحيفة الإسبانية “إلموندو”، من أن: “انهيار مصر سيقود المنطقة إلى الفوضى المطلقة”، وقدم نفسه على أنه ضمانة للاستقرار، في ظل التحديات التي تعيشها مصر ومنطقة الشرق الأوسط، وتعهد بإجراء الانتخابات العامة في مصر قبل نهاية العام، ودافع عن الحل السياسي في اليمن، وكذلك سوريا التي يرغب في رؤيتها خالية من الحركات المسلحة.
وراهن السيسي بذلك على الأطروحة التي تحذر الغرب من مغبة سقوط مصر، قائلًا: “إن مصر ليست سوريا أو العراق؛ بل هي بلد مكون من 80 مليونًا، وإذا سقطت عمت فوضى خطيرة”؛ محذرًا من عودة الإخوان المسلمين إلى السلطة، متكهنًا بفوضى إقليمية عارمة إذا حدث ذلك.
وعندما سئل عن قتل الإخوان واعتقال ليبراليين ويساريين دافعوا عن الديمقراطية؛ تأسف لسقوط القتلى في مصر بعد الانقلاب العسكري على الرئيس مرسي ، قائلًا: “في الوقت ذاته، كنت أود ألا يكون هناك عنف. ولكن، قارنوا أرقام مصر مع سوريا والعراق”، وأحال السؤال عن حبس الليبراليين إلى القضاء المصري.
وقال “السيسي” للصحيفة الإسبانية: “أواجه معادلة صعبة، دوري هو ضمان الأمن لـ (90 مليون) مصري يواجهون خطر الفوضى، وإذا سمحت بالقيام بأي شيء، فهل ستدفع أوروبا رواتب المصريين؟ لا ينبغي إصدار أحكام عليّ قبل الأخذ في الاعتبار الوقائع على الأرض“.
وردًا على الاتهامات بأنه يجمع السلطات كلها في يده؛ تعهد السيسي، في المقابلة مع صحيفة “إلموندو” الإسبانية، بتنظيم الانتخابات التشريعية قبل نهاية العام الحالي، بالرغم من تأجيلها ثلاث مرات منذ انقلاب يوليو 2013.
وفي مارس الماضي، أُرجِئَت الانتخابات البرلمانية ف للمرة الثالثة منذ الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي على الرئيس المنتخب “محمد مرسي”، وكان سبب التأجيل حكمٌ من المحكمة الدستورية ببطلان مادة في قانون الانتخابات تتعلق بتقسيم الدوائر.
وقال معارضون إن السيسي يعمل على تأجيل الانتخابات لكسب الوقت من أجل تحقيق إنجازات سياسية وجمع السلطات في يده، وإنه يستغل المحكمة الدستورية لهذا الهدف.
ويمسك السيسي بجميع السلطات التنفيذية والتشريعية منذ تنصيبه رئيسًا في مايو 2014، برغم أن أحد أسباب الانقلاب على الرئيس مرسي هو اتهامه بإصدار إعلان دستوري في غياب البرلمان؛ حيث يقول منتقدو السيسي إنه أقام نظامًا سلطويًا يُقصي كل المعارضين.
واستقبلت منظمة العفو الدولية بفتور زيارة السيسي لإسبانيا، وطلبت المنظمة في رسالة مفتوحة إلى الحكومة الإسبانية أن تلح على احترام حقوق الإنسان في مصر أثناء الزيارة، وقالت المنظمة: “إن حرية تعبير المعارضين والصحفيين تم تقليصها، وتم توسيع اختصاص محاكم عسكرية لمحاكمة مدنيين، وأصبح مسموحًا لقوات الأمن استخدام التعذيب والاستعمال المفرط للقوة دون عقاب”.