قال عمر الشنيطي، مؤسس “مجموعة مالتبيلز للاستثمار”، وهي شركة لإدارة الأصول والاستشارات المالية: إن سعر صرف العملة له أهمية اقتصادية كبيرة؛ حيث إنه يؤثر على أسعار ومستويات الصادرات؛ وبالتالي معدلات الإنتاج والنمو، كما يؤثر على أسعار الواردات ومعدلات التضخم.
وأضاف في مقال له، أن التصور المعتمد أن تخفيض الجنيه دائمًا يؤدي إلى زيادة الصادرات؛ حيث تنخفض أسعارها وتزيد تنافسيتها في الأسواق العالمية، جَعَلَ قضية تخفيض الجنيه مطلبًا رئيسيًّا لبعض الاقتصاديين والمصنّعين كأداة لتشجيع الصادرات؛ لكن العلاقة بين تخفيض الجنيه وزيادة الصادرات قد لا تستقيم في كل الحالات.
وتابع أن تخفيض الجنيه يحدث حينما يقوم البنك المركزي -الذي يتحكم في سعر الصرف- بخفض سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية وخاصة الدولار.
ويلجأ البنك المركزي لذلك حينما تصبح التدفقات الدولارية الخارجة للاستيراد وما شابه، أكبر من التدفقات الدولارية الواردة من التصدير والسياحة وما شابه.
وحينما ينخفض الجنيه؛ فإن الصادرات المصرية ينخفض سعرها بالدولار في الأسواق العالمية، وهو ما يزيد الطلب عليها ويؤدي إلى ارتفاعها.
بالإضافة لذلك، حينما ينخفض الجنيه؛ فإن ذلك من المفترض أن يشجع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في مصر؛ وذلك بإنشاء المصانع بهدف التصدير للخارج، وهو ما سيؤدي بدوره إلى زيادة الصادرات؛ وبالتالي زيادة معدلات الإنتاج والنمو.
وأضاف أنه على الرغم من الأثر الإيجابي المفترض لتخفيض الجنيه على الصادرات والإنتاج والنمو؛ فإنه يأتي بتكلفة اجتماعية كبيرة؛ حيث إنه يؤدي إلى زيادة أسعار الواردات بالجنيه؛ وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم وما يستتبعها من إضعاف القوة الشرائية للأفراد والعائلات.
وأوضح أن الاقتصاد المصري شَهِدَ عدة موجات من تخفيض الجنيه في العقود الأخيرة؛ وعادة ما يحدث ذلك بعد فترة من تراجع ما يتدفق على الاقتصاد من دولار؛ مقارنة بما يخرج من الاقتصاد من دولار؛ مما يؤدي إلى وجود عجز في العملة الصعبة يجعل من الصعب على البنك المركزي توفير الدولار اللازم لعمليات الاستيراد والأنشطة التجارية، ويؤدي إلى خلق سوق موازية.
وأضاف انه مع مرور الوقت، تتفاقم السوق الموازية، ويصبح البنك المركزي تحت ضغط لتخفيض الجنيه وسد الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي للعملة. وقد شهد العقد الذي سبق ثورة ٢٥ يناير، موجة كبيرة لتخفيض الجنيه؛ في إطار محاولات الحكومة لإصلاح الاقتصاد وتنشيط الصادرات وجذب الاستثمارات؛ حيث ارتفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه قرابة الضعف خلال تلك الفترة.
واختتم “الشنطي” كلامه قائلًا: “الخلاصة أن التصور المعتمد يقضي بأن تخفيض الجنيه يؤدي لزيادة الصادرات، وهو ما تؤيده التجربة المصرية في العقد الذي سبق ثورة ٢٥ يناير؛ لكن الواقع بعد الثورة جاء مغايراً لذلك؛ حيث واجه الجنيه ضغطاً كبيراً بسبب الفجوة بين الصادر والوارد للاقتصاد من دولار؛ مما أدى لتخفيضه.
لكن على عكس المتوقع، واكب ذلك انخفاض في الصادرات؛ مما يؤكد أن تخفيض الجنيه -وبالتالي سعر الصادرات- عامل واحد ضمن منظومة التصدير التي تأثرت بعوامل كثيرة أخرى.
وفي وقت نستشرف فيه المزيد من التخفيض للجنيه، من المهم إدراك أن تخفيض الجنيه لا يؤدي دائمًا لزيادة الصادرات؛ لكن يأتي دائمًا بتضخم ذي تكلفة اجتماعية كبيرة، وأن تشجيع الصادرات يتطلب استراتيجية تنافسية متكاملة في الأساس.