شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

نظام السيسي أشد فقرا!

نظام السيسي أشد فقرا!
حين نطالع لأول وهلة أخبار ما يجري في مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ فإن أول ما سيلفت انتباهنا الارتفاع غير المسبوق للأسعار

حين نطالع لأول وهلة أخبار ما يجري في مصر خلال الأسابيع القليلة الماضية؛ فإن أول ما سيلفت انتباهنا الارتفاع غير المسبوق للأسعار، وسط تضخم كبير في العملة المحلية، بعد أقل من شهرين فقط من المؤتمر الاقتصادي الموعود الذي صوره السيسي ونظامه أنه عنق الزجاجة للمصريين، وهيأهم نفسيا لاستقبال المعونات الخليجية بالمليارات!

وما زاد الطين بلة وجعل قضية غلاء الأسعار في صدارة الأخبار هو التصريحات الغريبة للوزراء والمسؤولين في مصر تعليقا على ارتفاع الأسعار، أشهرها تصريح المتحدث باسم وزارة التموين أن “يبحث المواطنون عن بدائل وحلول (!!)، فإذا كانوا متضررين من ارتفاع سعر البامية فأنصحهم بتناول “الكوسة” فهي أرخص وذات قيمة غذائية عالية، فهي بالتأكيد أفضل بكثير من أن يقوم المواطن بشراء البامية”، وهو تصريح شديد الاستفزاز جعله ينفي هذا التصريح لاحقا!

تصريح آخر يجسد ذات العقلية التي يتعامل بها المسؤولون والوزراء في نظام السيسي، فقد صرح اللواء عاطف يعقوب، رئيس جهاز حماية المستهلك، حول أزمة ارتفاع أسعار الخضراوات بأنه “من الممكن أن يتعامل المواطنون مع هذه الأزمة بقليل من الحكمة (!!)، فبدلا من تناول البامية التي يصل سعرها إلى 22 جنيها من الممكن استبدالها بالبطاطس، أما الطماطم فمن الممكن التنازل عنها واستخدام الصلصة بدلا منها”.

وأنا هنا أسأل اللواء يعقوب: وإذا سوّلت لي نفسي الأمارة بالسوء يوما آكل طبق سلطة على الغداء، هل أستخدم الصلصة أيضا بدلا من الطماطم؟

***

فقر الناس إذن هو السبب الرئيسي الذي يفهمه المسؤولون في نظام السيسي، دون محاولة -مجرد محاولة- تقديم حلول للناس، فضلا عن تعديل وضعهم الاجتماعي من الفقر إلى الطبقات المتوسطة وفوق المتوسطة! ولسان حال هؤلاء المسؤولين يقول للناس: احمدوا ربنا إنكم عايشين، ويا ريتنا وقعنا في شعل أحسن شوية!

لكن ارتفاع الأسعار ليس المؤشر الوحيد الطاغي في الوضع الداخلي المصري؛ فالمدقق للنظر يجد العديد من التمثيليات غير المحبوكة التي يقوم بها النظام وتجاهد أذرعه الإعلامية لتسويقها للناس، تمثيليات تعكس فقره الشديد لأي إنجاز، وحاجته الملحة لإلهائهم عن مشكلاتهم الضخمة وفشله المتكرر في كل أزمة يخوضها.

أبرز هذه التمثيليات كان ادعاء الجيش إنقاذ “أسرى إثيوبيين” في ليبيا! وقد بدا الخبر غريبا منذ بدايته، فهل صار الجيش المصري جمعية خيرية تحرر أي أسير في أي دولة أجنبية؟ ولمَ لم يحرر المصريين المقتولين في ليبيا إذن؟؟

وسرعان ما أعلن صحفي جريدة الوطن الموالية للانقلاب، ومصادر في الحكومتين الإثيوبية والليبية معا، نقلت عنهم وكالة رويترز قولهم إن الأسرى الذين أعلن الجيش المصري تحريرهم في عملية عسكرية في ليبيا ما هم إلا مجرمون خارجون عن القانون كانوا مهاجرين بطريقة غير شرعية إلى هناك، فقبضت عليهم الحكومة الليبية! وحيث إن الحرب في ليبيا تعوق حركة الطيران، فقد رأت ليبيا إرسالهم إلى أقرب مطار “مصر” لترحيلهم إلى بلدهم!

***
تمثيلية أخرى كانت الاستقالات الجماعية لطياري مصر للطيران الذين تخطى عددهم 250 طيارا؛ ثم ما لبث السيسي أن ناشدهم أن لا “يأخذوا فلوس مصر وهي بتموت” (قالها هكذا فعلا: بتموت!)، فما لبث الطيارون أن تراجعوا عن مطالبهم! وكأنه مطلوب مني أن أتأثر ويقشعر جسدي وتترقرق الدموع من عيني وأنا أسمع هذه الكلمات البلهاء! لكن كما قال تميم: معين الدمع لن يبقى معينا!

تمثيلية ثالثة متمثلة في تصريحات وزير العدل المقال، الذي صرح بأن ابن عامل النظافة من غير الممكن أن يصبح قاضيا، وكفاية قوي إنه اتربى! وبغض النظر عن التصريح المستفز لا أدري بأي معيار يقول الوزير بثقة أنه اتربى! فابن عامل النظافة بكل تأكيد لا يجد فرصة عمل خارج سلك القضاء براتب مريح، ولا تأمين صحي جيد، ولا قدرة له على الزواج في سن مناسب، ولا يستطيع الهجرة إلى الخارج، وإن فعل فبطريقة غير شرعية فمن المؤكد أن شهادته التعليمية هنا غير معترف بها في الخارج! وبعد كل هذا يظلمه ويقول عنه اتربى؟؟ بأمارة إيه؟؟

وعندما وجد الوزير أنه قد استفز الناس بتصريحه، أراد أن يُكحّلها فعماها؛ فقال إنه يصف الوضع القائم بالفعل في الجيش والشرطة والقضاء! فجاء خبر قبول استقالته اليوم محاولة لإظهار السيسي وكأنه يسمع لهموم الناس! وكأن إقالة الوزير تعني أن ابن عامل النظافة سيصبح قاضيا!

هذا غير تمثيليات أخرى عديدة الهدف منها فقط إلهاء الناس؛ كتصريحات مخرجة العهر إيناس الدغيدي عن شرعية العلاقات الجنسية قبل الزواج، وتلفيق تهمة باطلة لنجم مصر العالمي محمد أبو تريكة للتحفظ على أمواله، وغيرهما.

***

الشاهد، أن نظام السيسي لا يقل فقرا عن عموم المصريين، بل أشد، رغم تلقيه عشرات المليارات من الدولارات منذ الانقلاب غير راتبه ومعاشه المليوني في الجيش، ورغم تعيين اثنين من أبنائه في المخابرات العامة والرقابة الإدارية!

فقر السيسي ونظامه من نوع آخر، هو فقر لأي إنجاز يقدمه للناس، يجعله يخترع إنجازات وتمثيليات لا تقل خيالا عن جهاز الكفتة الشهير أو مشروع المليون وحدة سكنية أو عربات الخضار! ولا عجب في ذلك فكل ما نحن فيه الآن مبني على أساس رخو لتمثيلية سريعة التحضير اسمها 30 يونيو!

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023