شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

حرب الأولتراس.. قصة المدرجات والثورة والقضاء

حرب الأولتراس.. قصة المدرجات والثورة والقضاء
المنع من دخول المدرجات، ثم الاعتقالات المتكررة وقتل البعض منهم، وصولاً إلى الحكم عليهم باعتبارهم جماعة إرهابية، هذا هو ملخص صراع النظام الحاكم مع "روابط الأولتراس"، ولكن في التفصيل تتضح أبعاد الصراع ودوامات إقصاء الأولتراس

المنع من دخول المدرجات، ثم الاعتقالات المتكررة وقتل البعض منهم، وصولاً إلى الحكم عليهم باعتبارهم جماعة إرهابية، هذا هو ملخص صراع النظام الحاكم مع “روابط الأولتراس”، ولكن في التفصيل تتضح أبعاد الصراع ودوامات إقصاء الأولتراس. 

الحكم
قضت محكمة مستأنف القاهرة للأمور المستعجلة، اليوم السبت، بقبول الاستئناف المقدم من مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك، على حكم محكمة أول درجة بعدم الاختصاص، وقضت المحكمة في جلستها اليوم بحظر روابط الأولتراس على مستوى الجمهورية واعتبارها جماعة إرهابية.

في البدء كانت الكورة

الملعب كان المحراب، وصلاته التشجيع، فلم تكن ثمة طقوس أخرى ولا اهتمامات متجاوزة، ولا محاكم ولا زنازين. 
 
ونادرًا ما برز اسم “
الأولتراس”، تلك المجموعة من عشاق كرة القدم، في العناوين الرئيسية للصحف إلا لنقل سلوك شائن في ملاعب، أو لإثارة حماس اللاعبين بـ “البونط الأحمر”.

ولما الثورة قامت نزلنا في كل مكان 
في أحداث ثورة 25 يناير وما تلاها من تظاهرات وفعاليات توقف النشاط الرياضي بشكل عام لم يختف شباب الأولتراس من المشهد، فقد شكلت روابط الأولتراس تواجدًا في ثورة يناير، بداية من المناداة بالديمقراطية خصوصًا روابط أولتراس الزمالك و”أهلاوي” وسط جموع الشعب المصري.
وتنوعت تغريدات الأولتراس في الثورة بدءا من المشاركة
 على الأرض في التظاهرات، وكذلك النشاط الملاحظ على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم إلى تأليف أغنيات الثورية التي ما زال الكثير يرددها كأولتراس أهلاوي الذي شدى بأغنيته الشهيرة في المدرجات “يا غراب ومعشش” أمام عساكر الأمن المركزي، وأولتراس الزمالك “وايت نايتس” الذي غنى ضد رئيسه الحالي مرتضى منصور.

يوم ما أبطل أشجع هاكون ميت أكيد
وسقط أول شهيد.. كان ذلك في أحداث ثورة يناير، الشهيد “أحمد كمال”، كان عضوا في رابطة أولتراس أهلاوي بالمنصورة، وقتل على يد قوات الأمن يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011، ولم يكن هذا حدثًا ينبغي السكوت عليه من قبل شباب أولتراس أهلاوي، لكن مع سقوط ثاني شهيد، وهو “محمد مصطفى” الذي لقي حتفه في أحداث مجلس الوزراء في شهر ديسمبر عام 2011، انطلقت فوهة بركان الأولتراس الاحتجاجية، وأبرزها كانت دخلة مباراة الأهلى أمام المقاصة بالدوري العام في الموسم الأول الذي تم إلغاؤه بعد ثورة 25 يناير، حيث هتفوا خلالها ضد حكم العسكر.

تصفية حسابات  

لم يبلغ الانتقام من الأولتراس حد المشاركة في الثورة فقط ، فمجزرة “استاد بورسعيد” التي وقعت في الأول من فبراير 2012 أثناء عهد المجلس العسكري لم تكن ناتجة عن تعصب كروي، فشهداء أولتراس أهلاوي الذين ارتقوا في مباراة المصري والأهلي حدثت مجزرتهم في الذكرى الأولى لموقعة الجمل بعد تنحي المخلوع مبارك، ليتبدل الحال ويتحول شعار الألتراس “يوم ما أبطل أشجع هكون ميت أكيد” الذي كانوا يتغنون به إلى واقع.

وايت نايتس.. على طريق التضحيات
أما عشاق النادي الأبيض، اشتدوا غضبًا عندما سقط عمرو حسين، عضو رابطة وايت نايتس الزملكاوية، متأثرًا بإصابته بطلق ناري في الصدر، على خلفية الاشتباكات التي وقعت أمام مقر نادي الزمالك في ميت عقبة، أثناء محاولة الجروب اقتحام النادي، للمطالبة برحيل مجلس الإدارة السابق برئاسة ممدوح عباس، بسبب فشله في حل أزمات القلعة البيضاء، وخروج الفريق الأول من بطولة إفريقيا.

وبعد تولي مرتضى منصور رئاسة ناديهم الزمالك، بدأ مرتضى استدراج الـ”وايت نايتس” للانتقام منهم بالهجوم عليهم تارة بالتحذيرات وتارة بإهانتهم دون مبالاة، مستخدما تعبيرات قوية وحادة مثل: “اللي هيغلط هربيه، وهروحه لأمه ملط” في ظل أن شباب “وايت نايتس” لم يصدر منهم أي فعل مضاد أو مهين لمرتضى منصور، فبعد استفزاز مرتضى لهم طالبوه بالكف عن إهانتهم، وهو ما لم يحدث ليستمر التهديد بالانتقام من الأولتراس والتصريحات المهينة لهم إعلاميًا.

فكان رد فعل مرتضى منصور عنيفا وقويا على قيام “وايت نايتس” باقتحام نادي الزمالك، حيث طلب من رئيس الجمهورية تطبيق قانون الطوارئ، ذلك القانون الذي تسابق الجميع بعد ثورة يناير على رفضه لما يحمله من انتهاكات للحقوق المدنية وكان سببًا من أسباب قيام ثورة يناير، كما طلب أيضا السماح له ولأعضاء المجلس الأبيض بحمل السلاح الناري لحماية النادي من أي اعتداء، كما هدد الأولتراس أيضًا بالقتل. 

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، فتم توجيه أصابع الاتهام للوايت نايتس بعدة تهم في مجزرة مباراة الزمالك وإنبي المؤجلة بالدوري المصري التي راح ضحيتها أكثر من 30 مشجعًا من الوايت نايتس، وتم اعتقال البعض منهم وصولاً باعتقال قائد الوايت نايتس “سيد مساغب”، كما وصف رئيس الزمالك رابطة الـ”وايت نايتس” بأنهم جماعة إرهابية، ليوافق القضاء اليوم على طلبه بحظر روابط الأولتراس على مستوى الجمهورية واعتبارها جماعة إرهابية.

قوة التنظيم 

تعتبر قوة التنظيم سببًا بارزًا في محاولة القضاء على روابط الأولتراس في ظل التخبط والحالة الأمنية غير المستقرة في البلاد، فيؤكد باحثون أن لأولتراس له قوة تعتبر ثاني أكبر جماعة منظمة بعد جماعة الإخوان المسلمين، مشيرين إلى أن قوتهم في عددهم، فضلًا عن أن غالبيتهم من فئة عنصر الشباب الذي يتميز بأن الفكرة إذا آمن بها ضحى لها وبذل الكثير من أجلها.

ولا شك أن العسكر يسعى لئلا يكون قوة في أيد عامة الشعب أو من يمثل شريحة بارزة منهم فمجموعة الأولتراس تحوي مزيجًا من الطبقات الاجتماعية المختلفة داخلها، يتواصل بعضها البعض بطرق مختلفة، ربما ما جعلها أقوى الآن هو انتشار وتطور وسائل التواصل الاجتماعي تدريجيًا خصوصًا بعد ثورة يناير، كما أن التواصل بينهم لا يقتصر على ذلك فقط بل يعتمدون بشكل رئيسي على الاجتماعات للبحث والتشاور مع أعضاء الأولتراس حول اتجاه معين كتنظيم “دخلة” (تيفو) أو طريقة دعم معينة للنادي الذي يشجعونه.

وبتأثير قوتهم العددية يمكن للأولتراس الرد على أي جهة تحاول التنكيل بهم كما حدث في الفيديو الذي نشرته رابطة أولتراس وايت نايتس المنتمية لنادى الزمالك فيديو، يظهر تعدى عضوين من الرابطة على رئيس نادى الزمالك، بالضرب على “قفاه”، بينما رشقه الثاني بكيس من البول حسبما أعلنت الرابطة بعد دخولها في صراع مع رئيس القلعة البيضاء بعد رفضه خلافاته معهم.

كما أن محو تلك القوة أصبح حاجة ضرورية في نظر دولة العسكر التي تسعى لتصفية أي قوى تشكل رأيًا أو فكرًا، ليتم تصفية الأولتراس بدءًا من اعتقال الرؤوس الكبيرة كما هو حدث مع أولتراس”وايت نايتس” عندما تم اعتقال قائده سيد مشاغب من قبل قوات الأمن.

التحريض الإعلامي

تمهيدًا لرد الفعل على أي قرار يتخذه المسؤولون يتم خلق رأي عام بواسطة الإعلام الذي تسيطر عليه أجهزة الدولة الحالية، ليضفي صورة ذهنية للمتابع أن حظر الأولتراس وإبعادهم عن المدرجات مطلب ضروري تحتاجه البلاد، و تتعالى الأصوات المنددة بوجود الأولتراس، وإلصاق تهمة تعطيل الحياة الرياضية بهم.

كما تتاح الفرص للمهاجمين على الأولتراس في كل وسائل الإعلام؛ لإبراز نغمة واحدة قبل أو بعد تدبير مجزرة بحقهم، حتى قبل حظرهم اليوم، ليصبح التنكيل بهم أمرًا عاديًا في ظل غياب حقوق الإنسان.

أيضًا، يتم التضليل إعلاميًا وعدم ذكر الفاعل الرئيسي في أي مجزرة تتم بحق الأولتراس، وتوجيه تهم إما للأولتراس أو تهم غير حقيقية.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023