نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرًا لكارولتا غال، حول معاناة النساء في تونس في عقود الاستبداد الماضية في سجون الداخلية..
تقول “لم يتجاوز عمر حميدة جنقوي 21 عامًا، عندما اعتقلتها الشرطة التونسية، وأخذتها إلى مكتب وزارة الداخلية، وضربتها بشدة، لدرجة أنها لم تعرف كيف وصلت إلى هناك. فقد تمت تعريتها وتعليقها بالمقلوب، بينما قام عدد ضباط من الشرطة بشتمها وتهديدها بالاغتصاب“.
وأشار التقرير- والذي ترجمته “عربي 21”- إلى قول جنقوي، التي تبلغ من العمر الآن 46 عامًا: “كنت بنتًا آنذاك، وكنت قد نشأت في بيئة ملتزمة وعلى الأخلاق الحميدة والاحترام والأدب، وفجأة أخذت إلى هذا المكان، حيث يقومون بتعريتك، لقد أخذوا ملابسي كلها وتركوني عارية تمامًا“.
وأفادت الصحيفة أن تونس بدأت الآن تجربة أليمة، تجمع فيها شهادات الضحايا على مدى ستة عقود من الاعتداءات تحت حكم ديكتاتوريين قبل الثورة التي حدثت قبل أربع سنوات، مضيفًا أنه وصل الآلاف لتسجيل شكاواهم لدى لجنة الحقيقة والكرامة، أذ تقدم 12 ألف ضحية تقدموا بشكواهم معظمهم من الرجال.
ويشير التقرير إلى أن النساء تم تعذيبهن بالقسوة ذاتها التي عذب بها الرجال، ولكنهن عانين من الوصمة المرتبطة بالاعتداءات الجنسية، لمجرد أنهن قريبات أو متزوجات من أحد عناصر المعارضة، أو ناشطات أو قوميات أو ناشطات في الاتحادات، أو طالبات إسلاميات تم اعتقالهن مع زملائهن الإسلاميين.
وأوضحت الصحيفة أن السجناء رجالاً ونساء حرموا من الوظائف والتعليم، وألزموا بالتوقيع في محطات الشرطة مرتين أوث لاث مرات يوميا.
وتكشف الصحيفة عن أن المرأة أم لأربعة أفراد وزوجة لناشط إسلامي سجن لمدة 16 عاما، وكانت قد عذبت واغتصبت بعصا في ليلة تحقيق طويلة، بعد أن اعتقل زوجها عام 1991، مشيرة إلى أن التعذيب تسبب بإصابات داخلية خطيرة، بحيث أدخلت المستشفى، وأجريت لها عملية إزالة المبايض، وأصيبت بانهيار عصبي لم تتعاف منه، ولا تزال تتلقى العلاج في مستشفى في تونس.
ولفتت الصحيفة إلى أن النساء خشين من لوم المجتمع لهن، حيث إن الكثيرات من الضحايا من عائلات متدينة، ولذلك كن حساسات بشكل كبير للطبيعة الجنسية للاعتداءات، وأشارت إلى أن الهوة الكبيرة بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس منعت نقاشًا مفتوحًا للمشكلة. فالجمعيات النسائية العلمانية الرئيسة لم تفعل شيئا للتحقيق في الاعتداءات التي مورست ضد الإسلاميات خلال عهد ابن علي.
وأفاد التقرير أن الشرطة استخدمت العار سلاحًا، وأجبرت بعض السجناء على مراقبة تعذيب آخرين، وكانوا يسخرون من السجينات قائلين إنهن لن يتزوجهن أحد، وإن العار سيلاحقهن حتى القبر، بحسب ما قالته إحدى النساء في مقابلة معها.
واختتمت الصحيفة بأن العذاب لم ينته تماما حتى بعد الثورة، وإنشاء لجنة الحقيقة والكرامة التي تتهم الضحايا بأنهم يدلون بشهاداتهم للحصول على تعويضات مالية، وتقول عكايشة: “إنهم يسخرون منا”، وأشارت إلى أن الإعلام يقلل من الجرائم التي ارتكبت. وتضيف: “لا أقول سجينة سياسية سابقة، بل أقول أنا سجينة سياسية؛ لأن الظلم مستمر حتى اليوم“.