شتان بين الوجوه في المحكمة والوجوه على الطائرة، هنا فرح واستبشار ورضا ويقين بقضاء الله، وهناك وجوه شائهة، صنعت من زيف، وطليت بمساحيق السادية. لم يتحمل مراسل التلفزيون المصري نصاعة الوجوه الباسمة في قفص المحكمة، أزعجته كثيرا ضحكة النبيل، حفيد النبلاء، السفير محمد رفاعة الطهطاوي، وريث الاستنارة الحقيقية، فراح ميكرفونه يتحشرج بعبارات هي للهذيان أقرب، مطمئنا مشاهدي الإعلام الفاشي، بأن ضحكة شهداء الإعدام ليست حقيقية، وأنهم يمثلون، وقد رآهم بأم عينه، لا يضحكون ولا يبتسمون.
قارن بين وجه السفير محمد رفاعة ووجوه سفراء الرقاعة والخلاعة الذين تكدسوا فوق الطائرة الرئاسية، لمرافقة زعيم المقتلة، خوفا عليه من رحلة ألمانيا، في مشهد لا يضاهيه بؤساً سوى فضيحة مباراة الجزائر على ملعب أم درمان بالسودان، حين شحن جمال وعلاء مبارك، نجوم ونجمات الفن الهابط، بالطائرات، للمشاركة في القتال ضد “العدو الجزائري”.
ما زلت أذكر تلك الكلمات الرقيعة التي سطرها أستاذ في الأزهر وعضو في مجمع البحوث الإسلامية، على صفحات جريدة “الجمهورية” في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2009 يرمي فيها الشعب الجزائري بالكفر، مشاركة منه في الحملة الوطنية للجنون، إرضاء للعائلة المالكة لمنتخب كرة القدم المصري في ذلك الوقت.. كتب عالم الأزهر وقتها “فقد الجزائريون دينهم بعد أن فقدوا عقولهم من أجل مباراة كروية لن يزدادوا بها إلا خسارا. ولن يحصلوا بها إلا ذلا وانكسارا”
ولم يدخر كاتب المقال وصفا ارتبط بالكفار إلا وألصقه بجموع الجزائريين، فهم وبنص عباراته “اتخذوا دين الله وكتابه سخريا وازدراء قاتلهم الله أنّى يؤفكون» ثم هم “المجرمون الملحدون”.
هذه الأيام تزدهر مجددا حدائق العنصرية والشوفينية المقيتة، تلك التي لا يبخل عليها السيسي ونظامه بشيء، من الدعم المادي، إلى الحماية الكاملة، ودهس القوانين بالحذاء، إذ لا يطبق القانون إلا على المعارضين فقط، فتتسع رحلات “سياحة تسويق الزعيم” لمحكومين بأحكام قضائية واجبة النفاذ بالسجن، وتضم محرضين على القتل، وتجار صنف رديء من الكلام الفاحش القبيح، وبقايا فنانين وفنانات مهترئات.
وتجد هذه الشوفينية، والسادية أيضا، في خطاب شيوخ ورجال دين يلوون عنق النصوص الدينية، ويحرفون الكلم عن مواضعه، لتطويع المقدس واستعماله في نفاق قداسة الجنرال المرصع بنياشين القتل والخراب.
هذه الجيوش من شيوخ الاستبداد وشمطاوات الوسط الفني ينشطون حاليا، ومعهم نفر من الشجعان في افتراس الجرحى والمكبلين، ينشطون في ضخ مزيد من أناشيد البذاءة ، تعبيرا عن شماتة وتشفٍّ، ينبعان من وضاعة إنسانية، تليق بتجار صنف الإسفاف، ولا يستشعرون أدنى حرج، وهم ينشبون مخالبهم وأقلامهم في أجساد الضحايا، بعضهم يفعل ذلك كأوغاد مأجورين،
وآخرون لأنهم جبلوا على رغبات منحطة في الرقص على جثث الخصوم.
سلام على محمد مرسي ومن معه، من المبتسمين في وجه الأوغاد والسفاحين.