بعد سنوات من توتر العلاقات وانسداد في كل سبل الحوار، وصل، اليوم الخميس، الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي عهد المملكة السعودية ووزير دفاعها، إلى الأراضي الروسية، يحمل في جعبته العديد من الملفات والقضايا الساخنة في الشرق الأوسط، أبرزها ملف سوريا واليمن وإيران.
وأعلن أحد مستشاري الكرملين، أمس الأربعاء، أن الرئيس فلاديمير بوتين سيجتمع، الخميس، مع ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في لقاء يهدف إلى تعميق العلاقات بين البلدين بعد سنوات من التوتر بسبب الحرب في سوريا.
وأوضح كبير مستشاري الرئيس الروسي في السياسة الخارجية، يوري أوشاكوف، أن بوتين سيلتقي الأمير السعودي على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي في سان بطرسبرغ، الذي يفتتح أعماله الخميس.
سوريا على رأس المباحثات
كما سيتناول اجتماعهما أيضًا، الحرب في سوريا ومحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى العلاقات الاقتصادية بين روسيا والسعودية.
وقال “أوشاكوف”، إن هذا اللقاء هو دون أدنى شك مهم جدًا بالنسبة لمصالح البلدين، وسيؤدي إلى تعزيز علاقاتهما إلى مستوى لم يتم بلوغه من قبل”.
لكن مستشار “بوتين”، أكد أنه لا يعلم ما إذا كان الرجلان سيتباحثان بشأن أسعار النفط، وهي مسألة حيوية بالنسبة لموسكو، فيما تعد السعودية من أكبر منتجي النفط في العالم.
السعودية تضغط بالبترول
إلا أن مصدرين، أبلغا وكالة “رويترز” للأنباء، أن وزيري البترول السعودي والروسي سيناقشان اتفاق تعاون واسع النطاق، الخميس، وذلك خلال منتدى بطرسبرغ.
وقال مصدر، إن الاتفاق الذي سيبحثه وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، ووزير البترول السعودي علي النعيمي، لن يتعلق بإنتاج النفط بشكل مشترك أو إستراتيجية التصدير.
وأكد متحدث باسم وزارة الطاقة الروسية، نبأ الاجتماع، لكنه أحجم عن التعليق بشأن جدول الأعمال.
وقد زار محمد بن سلمان، أمس الأربعاء، معرضًا عسكريًا كبيرًا قرب موسكو؛ حيث تعرض منتجات المجمع العسكري الصناعي الروسي.
وسبقت زيارة الأمير محمد بن سلمان، الذي يرافقه وزير الخارجية عادل الجبير إلى موسكو، زيارة لوفد عسكري سعودي للمشاركة في فعاليات منتدى “الجيش- 2015” بضواحي موسكو، ونقلت وكالة “تاس” الروسية، عن مصدر في الوفد العسكري قوله إنهم معنيون بشراء طراز من صواريخ “إسكندر”.
صفقات سلاح وتعاون اقتصادي
وتوقع مصدر مطلع على تفاصيل لقاء الخميس، أن الطرفين سيتناولان إمكانية توثيق التعاون الاقتصادي وتوقيع اتفاقات ثنائية على مراحل زمنية في مختلف المجالات منها الصفقات العسكرية؛ فقد أبدت السعودية اهتمامًا بشراء المنظومة الصاروخية التكتيكية “إسكندر-إ”روسية الصنع.
وأعلنت صحيفة “فاينانشال تايمز”، أن زيارة وزير الدفاع السعودي إلى موسكو، هذا الأسبوع، تهدف إلى بناء جسور مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من جانب، والتأكيد على الدور المحوري الذي تلعبه الرياض في منطقة الشرق الأوسط من جهة أخرى.
وأشارت إلى أن زيارة الأمير “محمد بن سلمان” تأتي في غضون توافق أمريكي- خليجي على ضرورة حث روسيا والضغط عليها في سبيل التخلي عن نظام بشار الأسد في سوريا.
ونقلت الصحيفة، عن مارك كاتز، المحاضر في العلوم السياسية في جامعة جورج ماسون الأميركية، قوله: “إن الرياض ترى أنه طالما أن سقوط الأسد واقع لا محالة، فإنه من الأفضل أن تعمل روسيا مع السعودية لضمان زيادة فرص انتقال السلطة إلى المعارضة المعتدلة في سوريا”.
دعم روسيا للأسد يزيد من التنظيمات المسلحة
وأوضحت أن استمرار دعم روسيا للأسد، سيزيد من فرص التنظيمات المسلحة الأكثر تشددًا مثل تنظيم “داعش” وجبهة النصرة الموالية لتنظيم “القاعدة”، في تولي مقاليد السلطة عند سقوط الأسد، مشيرة إلى أن روسيا تلعب في الوقت الحالي دورًا مزدوجًا في سوريا؛ فهي من ناحية تدعم الأسد، ومن الناحية الأخرى تسعى إلى أن يكون لها تأثير على قوى المعارضة المعتدلة التي تدعم السعودية بعضها.
وأشارت “فاينانشال تايمز” إلى أن السرعة التي تجري بها وتيرة المباحثات النووية مع إيران، تجعل لزيارة المسؤول السعودي الرفيع لموسكو بُعدًا آخر بخلاف مناقشة موضوع الأسد.
كما ذكرت الإذاعة العامة الإسرائيلية، خلال تقرير لها أمس، أن زيارة الأمير محمد بن سلمان، تأتي وسط مرحلة من الفتور في العلاقة بين الدولتين، ووسط توتر بين موسكو والرياض، حول الملفات الإقليمية، وعلى رأسها سوريا وإيران.
وقال يوسي نيشر، المحلل السياسي والمتخصص في الشئون الشرق أوسطية بالإذاعة العبرية، إن موسكو اليوم هي المستفيدة الرئيسية من سياسة إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما الخارجية التي تتميز بالابتعاد بشكل أو بآخر عن حلفائها التقليديين في المنطقة، وعلى رأسهم الرياض والقاهرة لصالح التقارب مع طهران، وأن أوباما يعتبر التوصل إلى اتفاق نووى مع إيران بمنزلة ذروة إنجازاته في مجال السياسة الخارجية.
رسالة سعودية قوية إلى واشنطن
وأضاف المحلل السياسى الإسرائيلي، أن العلاقات السعودية- الأمريكية متوترة حول ملفين رئيسيين؛ الأول: معارضة الرياض للاتفاق النووي مع طهران، والثاني أن السعودية مع فكرة إسقاط نظام الأسد خلافًا للموقف الأمريكي الذي لا يزال مترددًا بعد أربع سنوات من القتال.
وأوضح “نيشر” أنه ليس من المستبعد أن تكون زيارة وزير الدفاع السعودي لموسكو، بالإضافة إلى هدف تعزيز التعاون العسكرى بين الدولتين والتزود بأنواع جديدة من السلاح الروسى المتطور، بمنزلة رسالة تحذيرية قوية إلى واشنطن، في حال استمرارها في سياسة الابتعاد عن الحلفاء الإقليميين التقليديين.
قلق إيراني من التقارب بين موسكو والرياض
وقال “نيشر” إنه ليس من المستبعد أيضًا أن تشكل زيارة وزير الدفاع السعودي إلى موسكو، حليفة طهران التقليدية، تحديًا لإيران وسط التوتر الشديد بين الرياض وطهران حول اليمن وسوريا والملف النووي.
وأضاف المحلل الإسرائيلي، أنه بالفعل أبدت طهران قلقها البالغ من التقارب الجديد بين موسكو والرياض، لافتا إلى أن عنوان الافتتاحية التحليلية لوكالة “فارس الإيرانية” كان كالتالي: “السعودية تستنجد بروسيا لإنقاذها من السكود اليمني”؛ حيث جاء في تحليل الوكالة الإيرانية، أن الهدف الرئيسي وراء زيارة وزير الدفاع السعودي لموسكو؛ هو اهتمام الرياض بالحصول على المنظومة الروسية “إسكندر” الدفاعية الصاروخية، بعد فشل منظومة الدفاع الجوي الأميركية المنتشرة على الأراضى السعودية في التصدي لصواريخ الحوثيين التي استهدفت المناطق الحدودية السعودية مع اليمن.