يوميًا تكشف تسريبات ويكيليكس، عن فضائح جديدة للإعلام العربي والمصري؛ حيث حظيت مسألة تمويل المملكة السعودية للصحفيين ووسائل الإعلام والباحثين المصريين والعرب، باهتمام أكبر نسبيًا من غيرها من القضايا التي تثيرها البرقيات السرية.
كشفت الدفعة الأولى من التسريبات التي نشرها الموقع، في 19 يونيو الجاري، تفاصيل عن طلبات التمويل المقدمة من الصحفي مصطفى بكري والداعية عمرو خالد، ومصطفي شردي وعدد من الإعلاميين العرب.
في حين كشف موقع “مدى مصر”، عن وثائق جديدة تكشف عن طلب عدد كبير من الإعلاميين المصريين والعرب تمويلًا ودعمًا سعوديًا.
وفشل عدد من الإعلاميين في الحصول على التمويل، في حين نجح آخرون في الفوز بالأموال.
نستعرض في التقرير التالي أبرز الناجحين والفاشلين في الحصول على تمويل سعودي.
حمدي رزق
كشفت وثيقة تحمل اسم “فاتورة وكيل مؤسسة دار الهلال”، وهي مذكرة مرفوعة من رئيس إدارة الشئون الإعلامية بالخارجية السعودية، إلى وكيل وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة، يطلب فيها صرف شيك بمبلغ 68 ألف دولار أميركي لدار الهلال المصرية المملوكة للدولة في فبراير عام 2012 “لنشرها حلقات أسبوعية خلال موسم حج 1432هـ والإنجازات التي حققتها المملكة العربية السعودية في مجال توسعة الحرمين الشريفين والمشاريع التي تم تدشينها مؤخرًا”.
الأرجح أن تكون المقالات (أو الإعلانات) المشار إليها، قد نشرت في مجلة “المصور” الصادرة عن الدار، التي تُصدر أيضًا مجلتي “الهلال” الثقافية و”الكواكب” الفنية.. الفترة التي تشير إليها البرقية تولى رئاسة تحرير “المصور” الكاتب حمدي رزق، بينما تولى رئاسة مجلس إدارة “الهلال” الكاتب عبدالقادر شهيب.
مجالة عالم النفط
طالبت مجلة “عالم النفط والغاز”، بتمويل سعودي ونجحت في الحصول عليه.
طلبت وزارة الخارجية السعودية، من سفارة القاهرة، معلومات عن طلب “الدعم” المقدم من المجلة، وجاء رد السفارة في فبراير 2012 بأن الرئيس التنفيذي للمجلة “السيد/ محمد حسن سالم- خبير اقتصاديات طاقة ويشغل حاليًا منصب رئيس مجلس إدارة مجلة عالم النفط والغاز ورئيس مركز الشرق الأوسط لمعلومات الطاقة، وسبق له أن عمل في دولة الكويت وفي منظمة الأوابك، وهو شخصية معروفة في مجال الطاقة ويعتد برأيه فيه، ولديه علاقات مع المتخصصين والمسؤولين في هذا مجال بالعديد من الدول العربية، كما أن توجهاته إيجابية تجاه المملكة، وكذلك الحال بالنسبة لما تنشره المجلة بشأن المملكة”.
التعاقد مع شردي مستشارًا إعلاميًا
كان عام 2012، الذي تقدم فيه الصحفيون بأغلب طلبات الدعم الواردة في الوثائق حتى الآن، هو أيضًا العام الذي قررت فيه السفارة السعودية بالقاهرة التعاقد مع الصحفي محمد مصطفى شردي ليعمل مستشارًا إعلاميًا للسفارة ويؤسس مكتبها الإعلامي عبر “استقطاب مجموعة من الإعلاميين المصريين المميزين”.
يشغل شردي حاليًا منصب رئيس مجلس تحرير وإدارة جريدة الوفد، وكان في السابق نائبًا برلمانيًا ورئيسًا لكتلة حزب الوفد البرلمانية وعضوًا بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب.
ويشارك في تقديم برنامج “القاهرة اليوم” على قناة أوربت السعودية، ويقدم حاليًا برنامج 90 دقيقة على قناة “المحور”.
في برقية بتاريخ 5 إبريل 2012، يخطر السفير السعودي وزير الخارجية بأنه “تم تطوير المكتب الإعلامي حسبما أمر سموكم الكريم وتم الاتفاق بعد موافقتكم مع الإعلامي المصري محمد شردي لاستقطاب مجموعة من الإعلاميين المصرين المميزين للعمل به ومنهم السيدة دينا موسى”.
ويضيف السفير أنه “ومع مرور الوقت سوف أحاول استبدال الموظفين المصريين بسعوديين من ذوي الخبرة الإعلامية في حالة توفر ذلك، ولكن على فترات متباعدة، ولكن لا يخفى على سموكم الكريم صعوبة ذلك”.
وصرحت دينا موسى، المذيعة بقناة “سي بي سي إكسترا”، الأسبوع الماضي، أنها ليست المقصودة بالبرقية وأن الأمر لا يعدو كونه تشابهًا في الأسماء.
شردي منسق إعلامي
كان رئيس الإدارة الإعلامية بالخارجية قد خاطب في 22 مارس 2012 مديرية الشئون المالية بالوزارة “بشأن التعويض عن مصروفات إنشاء المكتب الإعلامي بالسفارة من خلال التعاقد مع السيد محمد شردي”.
ويظهر في كشف مصروفات مرفوع من السفير السعودي، أن قيمة التعاقد مع شردي لمدة ستة أشهر بلغت 90 ألف دولار أميركي، تم بعده التعاقد معه لعام 2012 مقابل 200 ألف دولار.
يظهر في الوثيقة نفسها، تعاقد السفارة خلال الفترة نفسها مع “شركات استطلاع الرأي العام المصري” مقابل 85 ألف دولار.
أما الدكتورة سوزان القليني، رئيس قسم الإعلام بجامعة عين شمس والمستشار الإعلامي لرئيس الجامعة، فكانت قد تقدمت قبل بضعة أشهر من التعاقد مع شردي، بطلب لتقديم خدماتها الإعلامية للحكومة السعودية، ففي أواخر عام 2011 بعثت الخارجية السعودية ببرقية تحمل تصنيف “سري” تطلب معلومات عن القليني جاء فيها:
“أفادت وزارة الثقافة والإعلام بأنها تلقت طلبًا من الدكتورة/ سوزان القليني، أستاذ الإعلام وعميد المعهد الكندي للإعلام CIC، نائب مركز التعاون الأوروبي، نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة نيو بلانت، يتضمن رغبتها في تقديم بعض الخدمات الإستشارية الإعلامية لوزارة الثقافة والإعلام”.
وفي رد الخارجية على وزارة الثقافة والإعلام، أورد رئيس إدرة الشئون الإعلامية المعلومات التي وردته عن القليني ومؤسستها من السفارة بالقاهرة: “أفادت سفارة المقام السامي في القاهرة بأنه لم يتم رصد أي رأي أو نشاط سياسي للدكتورة القليني، التي عرف عنها أنها محبة للمملكة ولها رؤية إيجابية تجاهها”.
الفاشلون في الحصول على التمويل
بعض المطبوعات الأخرى لم تنجح في تحصيل الأموال مقابل موضوعات منشورة في مديح المملكة، خاصة عندما جاء الطلب بعد النشر دون تنسيق مسبوق مع الجانب السعودي.
فشل صحيفة الحياة
في برقية لا تحمل تاريخًا، بعنوان “الاعتذار لصحيفة الحياة المصرية”، خاطبت وزارة الثقافة والإعلام سفارة المملكة في القاهرة بعدما “تلقت وزارة الثقافة والإعلام خطابًاً من السيد/ محمد عمر الشطبي، رئيس مجلس الإدارة رئيس تحرير جريدة الحياة المصرية، مشفوعًا به نسخ من الجريدة وفاتورة بمبلغ (5000) خمسة آلاف ريال سعودي، لقاء نشر موضوع بمناسبة اليوم الوطني الحادي والثمانين، وطلبه صرف قيمتها”.
وأفادت وزارة الثقافة، أن النشر قد تم دون “تعميد” (أي تكليف) منها، مضيفة أنه “لم يتصل أي مسئول من الجريدة بها قبل النشر لإبلاغها بما تنوي الجريدة القيام به ومعرفة مرئياتها، وترغب وزارة الثقافة إبلاغ المذكور بذلك بالطريقة التي ترونها مناسبة”.
صحيفة النهار تطلب الدعم المادي والتوزيع في السعودية
رئيس تحرير “النهار” المصرية الخاصة، اتبع سبيلًا أكثر مباشرة في طلب الدعم المالي لصحيفته من السعوديين؛ ففي برقية تحمل عنوان “عاجل جدًا أسامة شرشر”، طلبت الخارجية السعودية من “نجدية” (أي سفارة) القاهرة معلومات عن الصحيفة بعد أن “تلقت وزارة الثقافة والإعلام طلبًا من السيد/ أسامة شرشر (رئيس تحرير صحيفة النهار المصرية) يرغب فيه السماح بتوزيع صحيفته في المملكة والحصول على دعم مادي سنوي مقابل حملة إعلانات عن المملكة”.
وتضيف البرقية العاجلة جدًا: “نأمل موافاتنا بمعلومات وافية عن الصحيفة المشار إليها والقائمين عليها ومصادر تمويلها ومدى إمكانية التعامل معها والسماح بتوزيعها في أسواق المملكة ، مشفوعة بمرئياتكم حيال الطلب”.
ولا تتضمن الوثائق المنشورة حتى الآن رد السفارة على طلب المعلومات عن الصحيفة التي تحمل شعار “منحازون.. للحقيقة فقط”.
الموجز تلجأ للتهديد
أما ياسر بركات، رئيس تحرير صحيفة “الموجز” الأسبوعية الخاصة، فيبدو أنه خاض في عام 2012 محاولة فاشلة -وإن كانت أكثر ابتكارًا- في الحصول على أموال مقابل عدم نشر معلومات، قال إنه حصل، عليها تمس الأسرة السعودية المالكة.
طلب بركات مقابلة الملك السعودي شخصيًا أو سفير المملكة في القاهرة على الأقل، مهددًا بنشر “المعلومات” التي حصل عليها إن لم تتم تلبية طلبه.
وفقًا لبرقية، من وزير الخارجية سعود الفيصل إلى وزير الثقافة والإعلام بالمملكة، فإن “رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير صحيفة الموجز المصرية أبدى رغبته للمستشار القانوني بالسفارة ترتيب زيارة له للمملكة للتشرف بمقابلة خادم الحرمين الشريفين “حفظه الله” لأمر سري وعاجل، وقد سأله المستشار القانوني عن سبب هذا الطلب فأجابه بأن لديه معلومات هامة تمس العائلة المالكة وأنه إذا لم يرتب له أمر هذه المقابلة أو مقابلة معالي سفير المقام السامي في القاهرة فلن يجد أمامه سوى نشر ما لديه”.
وأضاف الفيصل “وأشارت السفارة إلى أن الصحيفة قامت في عددها رقم (٣٠١) المرفق طيه بنشر مقال مسيئ للمملكة، يتضمن الكثير من الأكاذيب والمغالطات، وأفاد معالي السفير بأن الصحيفة هي من الصحف الصفراء وتوزيعها ضئيل للغاية، ولا يحظى المذكور وصحيفته بأي أهمية في الوسط الإعلامي المصري، ويرى سفير المقام السامي أنه قد يكون من الأفضل تجاهله”.
وفي برقية لاحقة تحوي رد وزير الخارجية على طلب رئيس تحرير الموجز، تضمنت البرقية الموجهة للسفير السعودي في القاهرة، والمصنفة “سري”، تقييم وزارة الإعلام والثقافة للصحيفة: “أفادت وزارة الثقافة والإعلام عن تأييدها لمرئيات معالي السفير تجاه الصحيفة والمسؤول عنها، لكون الصحيفة تعتمد على الإثارة المفتعلة ومنها ما تنشره عن الجنس وإثارة الغرائز وتلفيق الأخبار واصطناع المواقف والآراء غير الدقيقة التي تسعى لنشرها لكسب انتباه الآخرين، وتعتقد وزارة الثقافة والإعلام أن الهدف من طلب رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير تلك الصحيفة لمقابلة خادم الحرمين الشريفين أو معالي سفير المملكة في القاهرة، إنما هو بحث عن الابتزاز المادي فقط، وبناءً عليه فإن فكرة تجاهل المذكور وما ينشره أو ما يفتعله من قصص من نسج الخيال هي فكرة صائبة”.
صحيفة “ميدل إيست أوبزرفر”
الرفض أيضًا كان من نصيب صحيفة تدعى “ميدل إيست أوبزرفر”، والتي تقدمت إلى وزارة الثقافة السعودية باقتراح “ترجمة الملحق الإعلامي المنشور في جريدة الأهرام بتاريخ 14/8/2012م إلى اللغة الإنجليزية بعنوان “المملكة العربية السعودية، سعي دائم لتطوير الحرمين وخدمة المسلمين أثناء تأدية الشعائر”، ومن ثم إعادة نشره في جريدة The Middle East Observer على صفحتين بتكلفة إجمالية قدرها ستة آلاف دولار”، وهو في ما يبدو الموضوع نفسه المنشور في دار الهلال والمشار إليه أعلاه.
وكان رد رئيس إدارة الشئون الإعلامية بالخارجية السعودية والمرسل إلى وزارة الثقافة والذي جاء فيه: “أفادت سفارة المقام السامي في القاهرة بأن صحيفة The Middle East Observer محدودة الانتشار وتوزيعها يكاد يكون معدومًا، وأن الهدف الأساسي لطلبها هو الحصول على إعلان، بالإضافة إلى أنه وفقًا لخطة النشر الموضوعة لإعلانات توسعة الحرم فقد تم النشر في “16” مطبوعة تمثل الصحف الأكثر انتشارًا في مصر (مرفق بطيه نسخة من عدد صحيفة الأهرام المنشور فيه الإعلان المذكور) والذي وافتنا به السفارة في القاهرة”.