رغم تأكيد الحكومة الأفغانية والمخابرات الباكستانية والبيت الأبيض، وفاته عام 2013، لم يصدر أي رد فعل رسمي من حركة “طالبان” على أنباء وفاة الملا عمر، زعيم الحركة، قبل عامين، في أحد مستشفيات باكستان؛ بعد تعرضه لمتاعب صحية، كما زعمت الحكومة الباكستانية.
ضربة قاسية لطالبان
وأكد خبراء، أن حركة طالبان تخشى من إعلان وفاة الملا في هذا التوقيت؛ حيث إنه يمثل ضربة قاسية للحركة، خاصة في هذا الوقت الحرج الذي توشك فيه القوات الأميركية على الانسحاب مهزومة من أفغانستان، وتتفاوض من أجل تسليم السلطة إليها، جزئيًا أو كليًا.
البيت الأبيض يؤكد
وأكدت الإدارة الأميركية، أمس الأربعاء، صحة معلومات تفيد وفاة زعيم حركة “طالبان” الأفغانية المتشددة الملا محمد عمر.
وفي مؤتمر صحفي، قال المتحدث باسم البيت الأبيض إيريك شولتز: “نحن نعتبر التقارير عن وفاته صحيحة”، وامتنع شولتز عن أي تعليق بشأن “الملابسات المحددة لوفاة” الملا عمر، قائلًا: “إن الاستخبارات الأميركية تدقق المعلومات الواردة بشأن هذا الموضوع وتقيم تبعات مقتله”.
وفي وقت سابق، الأربعاء، أكدت الحكومة الأفغانية وللمرة الأولى مقتل زعيم طالبان، جاء ذلك على لسان ممثل حكومي خلال مؤتمر صحفي في كابل؛ حيث قال: “لدى سلطات البلاد تأكيدات من باكستان وحركة طالبان تدل على أن “الملا عمر توفي منذ نحو سنتين “بمرض”. وأضاف المسؤول أن الحكومة بصدد التحقق من وفاته.
الحركة تنفي
وفي المقابل، نفت حركة “طالبان” الأفغانية مقتل زعيم الحركة “الملا عمر”، وأكد المتحدث باسم الحركة لموقع “صوت أميركا” في مكالمة هاتفية أن زعيمهم ما زال على قيد الحياة وأن كل ما قيل عن وفاته مجرد شائعات.
وكانت وسائل الإعلام، قد نشرت، في وقت سابق، مرارًا، أنباء عن مقتل زعيم “طالبان”، لكن الحركة كانت دائمًا تنفي صحتها.
ونفى مقربون من حركة “طالبان”، وفاة “أمير المؤمنين الملا عمر”، مكذبين جهاز الاستخبارات الأفغاني الذي أكد الخبر صباح الأربعاء، وقال إن “الملا عمر” توفي عام 2013 في مستشفى بمدينة كراتشي الباكستانية.
جهاديون ينفون وفاته
واتهم الجهاديون الذين يؤيدون “طالبان”، تنظيم الدولة بمشاركة الاستخبارات الأمريكية والأفغانية في الترويج لخبر كاذب، يهدف إلى إسقاط شخص “الملا عمر”، ومحاولة استهدافه.
وعلّق “أبو عمر الفلسطيني”، أحد عناصر تنظيم جبهة النصرة في سوريا: “ماذا فعلت يا أمير المؤمنين حتى تغيظ أمم الكفر والخوارج هكذا، حتى فرحو بإشاعة مصدرها الحكومة المرتدة؟”.
وقال الحساب الجهادي الشهير “على بصيرة”، إن “الحكومة الأفغانية لم تكن لتجرؤ على إعلان خبر وفاة الملا عمر لولا المقالات والتشكيكات التي أصدرها عدد من أنصار وأتباع الدولة الإسلامية”.
ونقل ناشطون جهاديون، على لسان “الملا قلم الدين”، الوزير السابق في حكومة “طالبان” قوله: إن “الملا عمر لا يزال على قيد الحياة، ولا صحة لأنباء وفاته”.
بدوره، قال هاني السباعي، المنظر الجهادي المصري المقيم في لندن: “هل تظن أن أوباما مشغول بالآيس كريم أو البوظة اللبنانية! ولا يعنيه خبر وفاة الملا عمر! لو كان الخبر صحيحًا لفرح به البنتاجون وأكدوه”.
الرجل الغامض
ويعتر الملا عمر، من الرجال الغامضين في الحركة؛ حيث إنه لا يحب الظهور الإعلامي، فكان زاهدًا بالاضواء، ولم يلتق صحفيًا واحدًا في حياته، ولم يظهر في أي شريط فيديو.
وأكد المقربون من الملا، أنه كان متقشفًا في طعامه ومعاشه، ومتعبدًا طوال نهاره ومعظم ليله في دارته المتواضعة جدًا، ومقاتلًا شرسًا ضد القوات السوفييتية أثناء الجهاد الأفغاني، وفقد إحدى عينيه بشظية قنبلة أثناء الحرب الأفغانية.
ويعتبر الملا عمر، الرجل الوحيد الذي نجح في الإبقاء على وحدة حركته، والسيطرة على صراع الأجنحة فيها، ومنع الانشقاقات، واختفاؤه من المشهد القيادي ربما يؤدي إلى أحياء النزعات الانشقاقية في حركة طالبان بقوة، خاصة أن الخلافات بين الأجنحة تفاقمت حول مسألة شرعية المفاوضات السلمية مع الحكومة الأفغانية او الاحتلال الأميركي.
وأطيح بعمر وحكومة طالبان في أواخر عام 2001، جراء القصف الجوي الأميركي، بعدما رفض تسليم زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.
ومن الأسباب التي لا تؤكد وفاته، أنه أصدر شريطًا صوتيًا نسب إليه ليلة عيد الفطر المبارك، بارك فيه المفاوضات السلمية لحركته مع الحكومتين الأفغانية والأميركية، وكذلك عدم صدور بيان رسمي من حركة طالبان نفسها يؤكد هذه الوفاة حتى الآن.
وجرت العادة، أن تبادر معظم أو جميع الحركات الإسلامية الأصولية إلى إعلان وفاة أو استشهاد قادتها دون تردد، تطبيقًا لأحكام الشريعة التي تنص على ذلك؛ لأسباب تتعلق بالإرث والورثة وحق الزوجات في الزواج بعد اكتمال عدتهن الشرعية، ولذلك لم يتردد تنظيم “القاعدة” مطلقًا في إعلان اغتيال زعيمه الشيخ أسامة بن لادن في مايو عام 2011 في “ابوت آباد” أثناء هجوم لقوات أميركية على بيته.