نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، مقالاً للإعلامي أحمد بدير، وهو مصري أميركي يرأس إحدى المؤسسات الإعلامية غير الهادفة للربح والمهتمة بحقوق الإنسان واستشهد شقيقه في مذبحة رابعة العدوية.
وقال الكاتب في المقال الذي جاء عنوانه “هل ماتت الديمقراطية في مصر بموت شقيقي”؛ إن شقيقه أمير كان واحدا من ضمن 1100 متظاهر قتلوا في رابعة العدوية، حيث تم إطلاق النار عليه في رقبته برصاص من العيار الثقيل لكن الحكومة ادعت أنه مات بشكل طبيعي، وكانت والدته تبكي عند ذكر اسم ابنها حتى قبل ساعات من وفاتها.
وأشار الكاتب إلى أن قمع الحكومة منذ المذبحة تواصل دون توقف إذ قتل 3200 شخص منذ ذلك الحين، وأصيب أكثر من 15000 آخرين، وسجن أكثر من 41000 ناشط سياسي، حكم على المئات بالإعدام في محاكمات صورية، وقامت منظمة هيومان رايتس ووتش بإصدار تقرير من 150 صفحة توصلت فيه إلى أن المسؤولين الحكوميين بما فيهم قائد الانقلاب نفذوا أعمالا وحشية بحق المعتصمين مستخدمة المشاة، والهليوكوبتر، والدبابات، والجرافات، والبلطجية، والقناصة، وفتحت النار على المعتصمين بما فيهم النساء والأطفال.
وعدد الكاتب مناقب شقيقه “أمير” الذي -بحسب ما قال- كان أمينا، وطيبا، ومتدينا، ويسعى دائما لمساعدة الآخرين ولم ينضم أبدأ لأي حزب سياسي أو جماعة دينية، ولكنه كان ملتزماً بمبادئ 25 يناير.
وأضاف أن شقيقه انضم إلى رابعة للاحتجاج على الانقلاب العسكري وكان يقضي النهار في عمله ويبيت الليل في رابعة، وفي يوم المذبحة كان أمير في تمام الساعة الخامسة هناك ليساعد ويحمي وينقل الجرحى؛ إذ كان الميدان منفصلا عن باقي البلاد، وكان القليل من الناس لديهم القدرة على الدخول والخروج من الميدان.
وبين الكاتب أنه في تمام الثانية ظهرا فاضت روح شقيقه إلى بارئها برصاصة من العيار الثقيل في الرقبة، وبسبب الحصار المفروض على الميدان تم نقله إلى المستشفى الميداني حيث لفظ أنفاسه الإخيرة هناك، وقامت قوات الأمن بحرق المستشفى لاحقاً .
وقال الكاتب: “عند وصولنا إلى مستشفى الإيمان في اليوم التالي لتسلم جثمان شقيقي كان المسجد ممتلئا بـ350 جثة قمت بعدها، وكانت الجثث مرصوصة صفاً تلو الآخر، وكان الجو حارا ولا يوجد تبريد ورائحة الموت تملأ المكان ولكي نجد جثمان أمير كان علينا أن نكشف وجوه خمسين جثة، وعندما و جدنا أمير انكسرت قلوبنا وجثت أمي على ركبتيها واغرورقت عيناها بالدموع، وكانت هناك حفرة كبيرة في عنقه نتيجة رصاصة من العيار الثقيل”.
وأشار الكاتب إلى أنه للحصول على جثمان شقيقه كان على الأسرة أن توقع أن أمير مات بشكل طبيعي وهذا ما رفضته الأسرة، وقاموا بعدة إجراءات استغرقت يوماً كاملاً وتطلبت مساعدة العشرات.
وأكد الكاتب على أن النظام الحالي قفز إلى السلطة عن طريق سحق جماعة الإخوان المسلمين وأمضى العامين الماضيين في محو ما تبقى من معارضة سياسية، وأكاديمية، وإعلامية، ولسوء الحظ فإن السياسات القمعية للنظام تدفع بعض الشباب للتخلي عن الديمقراطية وتبني العنف وإذ لم تستعَد الديمقراطية والعدالة فإن مصر سوف ترى أياما قاتمة في المستقبل.
وختم الكاتب مقاله بقوله: “لم يعد بإمكان المجتمع الدولي تجاهل جرائم النظام الحالي فلا بد لهم أن يحاسبوا مجرمي مذبحة رابعة، ومطالبة الجيش بالإنسحاب من السياسة، ودعم جهود المصالحة الوطنية التي لا تستثني أي جماعة أو حركة مؤيدة للديمقراطية”.