“قم للمعلم وفه التبجيلا.. كاد المعلم أن يكون رسولا”، بيت شعر قاله أمير الشعراء أحمد شوقي، غير أنه لم يتوقع أن تلك الأبيات التي كرم فيها المعلم ستكون في الأوراق فقط، بينما الواقع خالفها تماما، فبات المعلم وسيلة للسخرية واللهو بين الطلاب، خاصة بعد ظهور فيديو الذي أظهر عدد من الطلاب يتحرشون بمدرس داخل الفصل ويستهزؤون به.
ويرى عدد من خبراء التعليم في مصر أن تصرفات التلاميذ مع مدرسيهم، بسبب تفشي الفساد الأخلاقي بين الطلاب، ونتاج لشباب مصري باتت قدوتهم مشاهير الأغاني الصاخبة والتي يطلق عليها “المهرجانات”.
ويقول عبيدة عبيد، عضو المنظمة العربية للإصلاح الجنائي، إن الشباب المصري يعاصر حالة من الانفلات الأخلاقي، والتي ترجع لعدة عوامل، منها ضعف الوازع الديني وغياب القدوة لدى النشء الصاعد من الأجيال الشابة، بالإضافة إلى العامل الرئيسي المتمثل في تفشي الفواحش وتلميع الإعلام لشخصيات تقدم البذاءة، مثل ما يسمى بـ”المهرجانات” و”أوكا وأروتيجا”.
وأضاف “عبيد” في تصريح لـ”رصد”، أن المجتمع المصري باتت الأخلاق الحميدة جزءا منسيا سواء في المدرسة أو خارجها، خاصة أن الشباب تركت لهم تصرفاتهم دون حساب أو رقابة، وسط إهمال من الأسرة وعدم التربية بمبدأ العقاب والثواب.
أما الدكتور محسن أحمد، مفتش وكيل وزارة التربية والتعليم سابقًا، فقد أشار إلى أن المدارس باتت مكانا يمضي فيه المدرس والطلاب وقتهم فقط من أجل الحضور والغياب، ويبدأ العمل الحقيقي بعد انتهاء اليوم الدراسي، إذ يتجه كل منهم إلى الدروس الخصوصية والمراكز التعليمية الخاصة.
وأضاف “أحمد” -في تصريح لـ”رصد”- أن المدرس الذي ظهر في الفيديو لا يعرف شيئا عن التربية، فقد ترك الطلاب يستهزؤون به، وكان عليه أن يضرب هؤلاء الطلبة واتخاذ اللازم في فصلهم من المدرسة نهائيا، لكنه تركهم يسخرون منهم حتى تحرشوا به.
ولفت وكيل وزارة التربية والتعليم إلى أن الوزارة لا بد أن يلغوا منها كلمة التربية، لأن المدارس تحولت إلى مستنقع لإفساد الطلاب بعضهم لبعض، فهناك عديد من المدارس الحكومية تحولت لأوكار مخدرات، خاصة مدارس الدبلومات الفنية والزراعية.
وأضاف أحمد سعد، مدرس أول بمدرسة السعيدية الثانوية، أن مشهد المدرس والطلاب ليس المرة الأولى أو الأخيرة، فهناك العديد من الحالات الأسوأ تحدث داخل المدارس، لافتا إلى أن الحكومة تتعامل مع الأزمة بأسلوب خاطئ وغير علمي، مما يساهم في تفاقمها، مضيفًا أن الدروس الخصوصية جرأت الطلاب على المدرس، فبات المعلم يعمل عند الطلاب ويتقاضى منه الأجر فلا يستطيع أن يتحكم فيه.
وطالب “سعد” -خلال حديثه لـ”رصد”- الجميع سواء المدرسين أو الأسر بالتوحد لمنع اتساع فجوة الانحراف الأخلاقي التي ازدادت خلال الفترة الماضية نتيجة انشغال الأسرة ووزارة التربية والتعليم عن دورهما الأساسي في إخراج نشء من الأجيال الشابة لديه من المقومات الأخلاقية والتعليم ما يمكنه من مساندة نفسه والوطن.