رغم انخفاض سعر الدولار عالميًا، إلا أن الدولار ما زال يرتفع أمام الجنيه المصري، في ظل حالة الانهيار الاقتصادي التي تعاني منها مصر، والخسائر الكبيرة التي تحققها الحكومة في جميع القطاعات، خاصة البورصة التي تواصل تحقيق الخسائر منذ فترة طويلة.
توقعات بتفاقم المشكلة
ومن جانبه، توقع الكاتب الصحفي ممدوح الولي، الخبير الاقتصادي ونقيب الصحفيين السابق، أن يواصل الدولار ارتفاعه أمام الجنيه في ظل الفشل الاقتصادي للحكومة الحالية.
وأوضح “الولي” -في تصريح خاص لـ”رصد”- أنه لا يبدو في الأفق وجود حل قريب لمشكلة نقص الدولار، بل على العكس سوف تتفاقم المشكلة، بسبب نقص الموارد الدولارية؛ ومن أبرزها تراجع قيمة الصادرات، وانخفاض الاستثمار الأجنبي المباشر، وتراجع السياحة، وتضاؤل المعونات الخليجية في ضوء انشغال دول الخليج بحرب اليمن والتصدي للتفجيرات التي طالت بعضها مثل السعودية والكويت.
وأشار إلى أن خفض الصين لعملتها اليوان سيخلق ضغوطًا قوية على الدولار، خلال الأيام القليلة المقبلة.
موجة غلاء جديدة
وقال “الولي” إن ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري يؤثر على أسعار جميع السلع المستوردة، مما ينعكس على زيادة الأسعار بالسوق المحلية؛ بسبب اعتماد بعض الصناعات على استيراد المواد الخام اللازمة لها، أو استيراد السلع الوسيطة التي تدخل في تصنيعها، أو الآلات والمعدات المطلوبة للإنتاج.
وأوضح أنه بالتالي لا يكاد يفلت مواطن من التأثر بتغير سعر صرف الدولار؛ فالفلاح سيتأثر بتغير سعر المبيدات والأسمدة، والحرفي سيتأثر بارتفاع أسعار الخامات المستوردة، وسائق التاكسي سيتأثر بارتفاع أسعار قطع الغيار، وهكذا تتأثر كل المهن التي تعتمد على الخامات المستوردة أو آلات تصنيع المنتجات.
وأشار إلى أن ربة المنزل ستتأثر بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن والزيوت المستوردة، إلى غير ذلك من سلع غذائية مستوردة، حتى ساندوتش الفول والطعمية سيتأثر سعره، فمعظم مكوناته مستوردة، فالفول مستورد والزيت مستورد والدقيق مستورد والبوتاجاز مستورد!.
وأضاف “الولي” أن غالبية المستوردين لا يحصلون على الدولار بالسعر الرسمي؛ حيث تفرض البنوك عمولة تدبير عملة على السعر الرسمي.
كما أن البنوك لا تلبي طلبات المستوردين من الدولار سوى لاستيراد الغذاء والمواد الخام والأدوية، مما يعني لجوء مستوردي السلع الأخرى للسوق السوداء، والحصول على الدولار بسعر أعلى من السعر الرسمي، وهو ما سيتم تحميله على أسعار السلع المستوردة بتلك التكلفة الإضافية.
وأشار إلى أن التصدير في مصر يعاني من أزمة طاحنة؛ ليس فقط بسبب ارتفاع الدولار فقط، لكن بسبب نقص الطاقة وعدم اشتغال المصانع بكامل طاقتها.
تراجع الصادرات
وأكد منير فخري عبدالنور، وزير الصناعة والتجارة، أن تراجع الصادرات المصرية يأتي مدعومًا بعدة عوامل، في أبرزها أزمة الطاقة والتي أسهمت في وقف إنتاجية العديد من المصانع التي لم تعد تعتمد على أدواتها الإنتاجية بنسبة 100%، مشيرًا إلى انخفاض إنتاجية مصانع الأسمدة والتي تشكل جزءًا رئيسيًا من الصادرات المصرية للخارج، وتعاني مصانع الأسمدة من نقص توافر الطاقة وتعمل بأقل من نصف طاقتها الإنتاجية.
وأبدى الوزير استياءه من دعم الحكومة لعمليات توجيه الطاقة للاستهلاك فقط، في مقابل معاناة المصانع من نقص قدراتها التشغيلية وضعف إنتاجيتها، مطالبًا بإعطاء أولوية كبيرة لتدعيم توافر الطاقة للصناعات القائمة بالدولة، كما لفت أيضًا إلى أن معاناة عدد من الأسواق امهمة ومنها ليبيا وسوريا والعراق من الاضطرابات الأمنية والسياسية كانت سببًا مباشرًا في تراجع الصادرات المصرية.
وأشار إلى ارتفاع سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية ما عدا الدولار، والذي يعد أحد الأسباب الرئيسية في تراجع الصادرات، ومعاناة الصناعة المحلية من ضعف الإنتاجية، موضحًا أن قيمة دعم الصادرات بالموازنة الجديدة يبلغ 3.700 مليار جنيه.
زيادة الطلب على الدولار وقلة المعروض
وقال مسؤول مصرفي، نقلًا عن صحيفة “العربي الجديد”، إن البنك المركزي المصري يستعد لمزيد من خفض العملة الوطنية خلال الأيام القليلة المقبلة مع زيادة الطلب على الدولار.
وأضاف المسؤول، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الطلب يتزايد بصورة كبيرة على الدولار يوميًا مع قلة المعروض منذ قرار الصين منتصف أغسطس الجاري خفض قيمة عملتها اليوان.
وأكد المسؤول، أن المركزي خفض سعر الجنيه مقابل الدولار 20 قرشًا دفعة واحدة خلال يوليو الماضي دون أن يكون هناك طلب كبير على الدولار “بل كان هناك استقرار في العرض والطلب على العملة الخضراء”.
وذكر أن “خفض اليوان سيخلق ضغوطًا قوية على الدولار خلال الأيام القليلة المقبلة، ويضيف المزيد من الأعباء في ظل وجود قائمة كبيرة لدى البنوك من المستوردين والمستثمرين للحصول على الدولار”.
وتأتي الصين في المرتبة الثالثة للدول المصدرة للسلع إلى مصر، بعد كل من الإمارات والسعودية.
وقال المسؤول المصرفي، إن الاقتصاد المصري يواجه صعوبات؛ حيث ما زالت عائدات عدة قطاعات موردة للنقد الأجنبي متراجعة ومنها السياحة.
وبلغ الدخل السياحي لمصر خلال النصف الأول من العام الجاري 2015، نحو 3.3 مليارات دولار، مقابل 3.2 مليارات دولار خلال نفس فترة المقارنة من العام الماضي 2014.