شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السعودية تشعل فتيل حرب مخابرات دموية مع إيران وحزب الله

السعودية تشعل فتيل حرب مخابرات دموية مع إيران وحزب الله
إذا صحت المعلومات التي نشرتها صحيفة “الشرق الاوسط”، عن نجاح المخابرات السعودية في اعتقال احمد المغسل، زعيم تنظيم "حزب الله الحجاز"

إذا صحت المعلومات التي نشرتها صحيفة “الشرق الأوسط”، عن نجاح المخابرات السعودية في اعتقال أحمد المغسل، زعيم تنظيم “حزب الله الحجاز”، المتهم الرئيسي في تفجير أبراج الخبر، التي كان يقطنها جنود “مارينز” يتبعون القوات الأمريكية عام 1996، وهو التفجير الذي أدى إلى مقتل 19 منهم، وإصابة 372 آخرين، فإن هذا يعني اختراق أمني كبير، يحسب لصالح المخابرات السعودية وعملائها في لبنان، ويؤشر إلى نقلة كبيرة في أنشطتها على الساحة اللبنانية، وربما ساحات عربية وعالمية أخرى.

فالمتهم المغسل (48 عاما) ظل مختفيا عن الأنظار لأكثر من عشرين عاما، ويتنقل بين بيروت وطهران ودمشق بشكل سري للغاية، ويحظى بحماية “حزب الله”، والضاحية الجنوبية التي يسيطر عليها، فإن السؤال الكبير الذي يطرح نفسه، هو حول كيفية الوصول إليه أولا، ثم كيفية نقله من بيروت إلى الرياض؟ وعبر أي طريق، أو منفذ حدودي، هل من مطار بيروت، أم عبر البحر إلى قبرص؟ ومَن مِن الجهات اللبنانية الرسمية، أو غير الرسمية، ساهمت في مطاردة هذه الفريسة الأمنية السمينة، والوصول إليها في مخبئها الآمن؟

من الصعب الإجابة عن أي من هذه الأسئلة في الوقت الراهن، ولكن الأمر المؤكد أن عملية الاعتقال والتسليم هذه ستشكل صدمة كبرى لكل من “حزب الله” وإيران معا، لأن هذا الرجل “المغسل” المطلوب من السعودية والولايات المتحدة الأمريكية يملك كنزا من المعلومات، واعترافاته التي يمكن أن يتم انتزاعها من خلال التعذيب في أقبية الأجهزة الأمنية السعودية، وربما الأمريكية أيضا، ستؤدي إلى نتائج متشعبة، أقلها تبعات قانونية، حيث اتهمت السعودية والولايات المتحدة إيران بالوقوف خلف هذا الهجوم، مثلما اتهمت “حزب الله” اللبناني بالمشاركة، أو حتى لعب الدور الرئيسي في تفخيخ الصهريج الذي قاده أحد عناصر خلية المغسل إلى الخبر في المنطقة الشرقية السعودية عبر سورية والأردن.

إيران نفت نفيا قاطعا أن يكون لها أي دور في عملية التفجير هذه، والشيء نفسه فعله “حزب الله”، وما عزز هذا النفي، ظهور رواية مضادة تقول إن تنظيم “القاعدة” الذي بدأ نشاطه ضد “الدولة السعودية”، وأعلن عزمه إخراج “القوات الصليبية” من الجزيرة العربية بكل الوسائل، إنه هو المسؤول عن تنفيذ هذا الهجوم الانتحاري الدموي.

الشيخ أسامة بن لادن عندما التقاه رئيس تحرير هذه الصحيفة “رأي اليوم” في نوفمبر عام 1996 في كهوف تورا بورا الأفغانية، لم ينف أو يؤكد مسؤولية تنظيمه عن هذا التفجير، مما زاد الأمر غموضا.

المملكة العربية السعودية أكدت دائما أن تنظيم حزب الله السعودي “الشيعي” هو المسؤول عن هذا التفجير، واستبعدت كليا أي دور لتنظيم “القاعدة”، أو أي جماعة سعودية “سنية” معارضة فيه، ورفض وزير الداخلية السعودي في حينها الأمير نايف بن عبد العزيز السماح لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي التحقيق بشكل مباشر مع المتهمين الذين جرى اعتقالهم، تجنبا لمشاكل، وربما أعمال انتقامية أمريكية ضد إيران، تدفع السعودية لاحقا ثمنها من أمنها واستقرارها.

لا شك أن عملية “الخطف” هذه ومن ثم التسليم، هي أقرب إلى أفلام التجسس الهوليوودية، أو أفلام جيمس بوند، على وجه التحديد، وستظل وقائعها محور تكهنات وسيناريوهات طوال السنوات المقبلة، على غرار ما حدث عام 1979، عندما نجحت المخابرات السعودية في اختطاف المعارض السعودي الأشهر ناصر السعيد، واختفى من حينها، وقيل إنه أعدم بإلقائه من طائرة، وفي رواية أخرى ظل محتجزا في زنزانة انفرادية حتى وفاته.

الفارق الأبرز بين عملية اختطاف وتسليم المغسل ومواطنه “الشمري” الأسبق ناصر السعيد، أن الأول قد يكون جرى اختطافه من قبل المخابرات السعودية مباشرة، أما الثاني فقد كان يتحرك علنا، واقتصر نشاطه على الجوانب الإعلامية والسياسية، وكان في حماية منظمة التحرير الفلسطينية باعتباره ثائرا، وتردد أن “أبو الزعيم” أحد قادة الأجنحة الأمنية الفلسطينية هو الذي خطفه، وخدره، ونقله إلى طائرة أقلته من مطار بيروت إلى الرياض بعلم السيد علي الشاعر السفير السعودي في بيروت في حينها، وجرى مكافأته، أي السيد الشاعر، بتعيينه وزيرا للإعلام، ثم مستشارا للعاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز.

لا نعرف ما إذا كان هناك “وسطاء” من الميليشيات أو الأحزاب اللبنانية الحليفة للسعودية، مثل “القوات اللبنانية”، وتيار “المستقبل”، قد لعبوا دورا في هذه العملية الاستخبارية السرية جدا، بشكل مباشر أو غير مباشر، وعلينا أن ننتظر طويلا حتى تظهر الحقائق كاملة، مثل الكثير من عمليات الاغتيال التي وقعت على الساحة اللبنانية لشخصيات سياسية وإعلامية، مثل اغتيال الشيخ حسن خالد مفتي لبنان، ورشيد كرامي رئيس الوزراء الأسبق، والزعيم الدرزي كمال جنبلاط، ولا ننسى رفيق الحرير الزعيم اللبناني الأشهر، والقائمة تطول.

هل ستؤدي عملية خطف المتهم المعتقل المغسل إلى تفجير حرب استخبارات بين إيران وحلفائها من ناحية، والسعودية وحلفائها من الناحية الأخرى، على الساحة اللبنانية في الأشهر، وربما السنوات المقبلة؟ ثم كيف سيكون الرد الإيراني، و”حزب الله” على وجه التحديد على عملية الاعتقال والتسليم هذه؟

لبنان يقف حاليا أمام مسلسل دموي خطير للغاية، وربما لهذا السبب حذرت السعودية وأمريكا والبحرين رعاياها من السفر إليه، والأيام المقبلة قد تكون حبلى بالاغتيالات وأعمال الخطف والتفجير.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023