تتداول وسائل الإعلام بمختلف أنواعها المرئية والمسموعة والمقروءة الكثير من الأرقام والإحصائيات التي تصب في صميم وضع الاقتصاد المصري، دون تفسيرها وإيضاحها بالشكل الذي يهم المواطن العادي، فلا نجد إلا تكرارا لآخر الإحصائيات التي تحتسبها الحكومة وتعلن عنها في شكل أرقام كبيرة توحي بوضع اقتصادي إيجابي، ولكن حين تتم مقارنتها بالواقع نجد العكس هو الصحيح.
وأعلن محافظ البنك المركزي، هشام رامز، أن معدلات النمو تصاعدت خلال الفترة الأخيرة، بداية من العام حتى أوائل شهر سبتمبر الحالي، وسجلت نحو 4.7%، بالمقارنة مع حوالي 1.7% نسبة نمو قد حققت بنفس الفترة من العام السابق 2014، أي بارتفاع يعادل 3%.
وأرجع “رامز” الارتفاع الأخير في معدلات النمو إلى التحسنات والتغييرات الإيجابية التي طرأت على عده قطاعات اقتصادية، منها قطاع الإنشاء والتعمير، دون أن يتحدث بالقطاعات الاقتصادية الأخرى ومعدلات نموها والتي كان التراجع أغلب سماتها، بالإضافة إلى عدم تفسير ما يعنيه بمعدلات نمو، والتي تكون أغلبها “اسمية” ليس لها نتائج على أرض الواقع، حسب خبراء اقتصاديين.
واختلف الاقتصاديون حول مسميات النمو، فمنهم من أكد على أن النمو الحقيقي ما هو إلا معدلات تغيير إيجابية يستدل عليها من الشارع والفرد، بمدى التحسن في معيشته وارتفاع مستوى الرفاهية بها، وآخرون أكدوا أن معدلات النمو “الإسمية” والتي تحتسب على هيئة أرقام هي بداية ومظلة لبدء ظهورها على أرض الواقع ولكن في الأجلين المتوسط والطويل، بشرط استمرار ارتفاعها.
وقال الخبير الاقتصادي، محمد فاروق، في تصريح له لـ”رصد”، إن المواطن العادي لا تظهر عليه مطلقا أي إشارة إيجابية، عقب الإعلان عن ارتفاع معدلات النمو، فما أن تلبث أن ترتفع، إلا وتقابل أمامها معدلات تضخم مرتفعة، ومعدلات بطالة زائدة، ومعدلات فقر مستمرة، فضلا عن ارتفاع الأسعار والذي يرتبط بشكل كبير بالسوق العالمية، الأمر الذي يجعل ظهور تغييرات إيجابية في حالة الفرد شبه مستحيل.
وأكد “فاروق” أن معدلات النمو التي يتم تسجيلها والكشف عنها صحيحة، لكنها تقابل على الجانب الآخر مشكلات وعوائق تلتهم هذا النمو دون إعطائه فرصة الظهور على أرض الواقع، لذا شدد على أهمية معالجة القضايا الأخرى والتي تمنع المواطن من الإحساس بأي نمو أو طفرة في الوضع الاقتصادي، كما تعلن الحكومة.
وأظهرت آخر دراسة خاصة بالبنك الدولي، أن مصر من المتوقع أن يصل معدل النمو فيها خلال العام الحال إلى معدلات 4.5-4.7% بنهاية السنة المالية الحالية.
وعزى البنك في تقرير بعنوان (الآفاق الاقتصادية العالمية 2015)، السبب في ذلك إلى “عودة استقرار الأوضاع السياسية والاجتماعية والأمنية في مصر”، متابعا أن “زيادة معدل النمو خلال النصف الأول من العام المالي، والذي بلغ 5.6% يرجع إلى إعادة دوران عجلة الإنتاج والتحسن في الأوضاع الاقتصادية المصرية”.
وأضاف البنك الدولي في تقريره أن الاقتصاد المصري “استعاد عافيته بعد الإجراءات الإصلاحية التي نفذتها الحكومة والهادفة إلى تحسين مناخ الاستثمار والحد من البطالة وارتفاع الأسعار”.
وتوقع تقرير البنك الدولي، أن يظل النمو مستقرا عند 2.2% خلال العام الجاري بمنطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن تراجع أسعار النفط يمثل “تحديا جسيما” في البلدان المصدرة للنفط، والتي تواجه معظمها تحديات أمنية خطيرة في العراق وليبيا واليمن أو صعوبات محدودة لتخفيف أثر الصدمات مثل إيران.
وتتوقع الحكومة المصرية تحقيق معدل نمو 5% خلال العام المالي 2015-2016، مقارنة مع نمو متوقع 4.2% في العام المالي الجاري 2014-2015، حسب بيان لوزارة المالية.