مقال: جلال الوهبي
في مصر الكل مشتبه به، الكل إرهابي الكل داعشي الكل عدو الكل خلايا نائمة الكل أشرار الكل يستحق القتل دون إنذار أو استفسار.
الكل في منطقة الخطر مالم يكن في منطقة تسلم الأيادي والإحتفال والتغني بإنجازات السي سي.
أنا وأنت وهو كان يعرف كيف يتعامل النظام مع شعبه، مؤيديه قبل معارضيه والكثير وهم كانوا يظنون غير ذلك وكثير عرفوا ويعرفون هذا الأسلوب الهمجي للنظام المصري في تعامله مع الأخر لكنهم لم يجدوا في أنفسهم حاجة لأن يقولوا للنظام المصري أنت تخطئ وتسيئ مادام وأن النظام ممسك بالأمر ولا يضر بمصالحهم ومادام مخلصًا في التعامل معهم.
روايات الأمن والنظام المصري أصبحت المُصدقة والمقبولة والمفروضة محليًا وحتى دوليًا وكل مسكين جرّه قدره إلى آلة الموت التابعة للنظام المصري هو مذنب مادام وأنه قتل على يد الجيش المصري البطل مهما ظهر من مؤشرات أو قرائن أو دلائل تقول غير ذلك.
الآن لا يمكن لأبواق النظام المصري أن يقولوا تم القضاء على خلية إرهابية مكسيكية لأن هذا الأمر أكبر من أن يتقبله الرأي العام المكسيكي والعالمي حتى وإن تقبله الرأي العام المصري كما يتقبل روايات أخرى حول ضحايا الجيش المصري ونظام ثلاثين يونيو.
كذلك لا يمكن أن يكون الضحايا قد سقطوا نتيجة تواجدهم في منطقة إشتباكات مسلحة بين الجيش المصري ومجموعات مسلحة تنتمي للدولة الإسلامية أو مهربون على اعتبار أن الصحراء يكثر فيها مثل هذه الأحداث على اعتبار أن الضحايا سقطوا نتيجة قصف جوي حسب شهادة الناجين.
العالم لم يعد مستعد للتغطية عن عمليات القتل والتصفية التي يمارسها النظام المصري بعد هذا الحادث ولعل خطأ جديد كعملية تعذيب ضد سجين أجنبي يودي به إلى الموت سيجعل العالم يشعر بما يعانيه السجناء المصريين ويوجه النظر إلى المأساة التي يعيشوها لأن أي سجين أجنبي لا يمكن إخفاء سبب موته في سجن ما خصوصًا إن كان التعذيب هو السبب.
الإنتهاكات لحقوق الإنسان في مصر واضحة جلية ولكنها بحاجة لأن يذوقها ويعاني منها أجنبي حتى يسلط الضوء عليها ويعترف بها العالم المتحضر ولعل حدوثها قريب.
الحادث الأليم للسياح في الصحراء الغربية يشير إلى أن مسرح عمليات الجيش المصري يتسع وأن سيناء لم تعد الجبهة الوحيدة وأن في غرب مصر هناك تهديد كبير لا يقل عن تهديد سيناء وأن هناك عمليات كبرى وحقيقية وأن هناك معركة شرسة يستخدم فيها الجيش المصري كل أسلحته الفتاكة وأقواها ويعتمد فيها بشكل كبير على سلاح الجو لصعوبة استخدامه سلاح البر في قتال مجموعات مسلحة تعتمد حرب العصابات وتجيد استخدام أرضها بشكل ممتاز وفي الوقت ذاته يتبين للمتابع أن هناك تكتيم إعلامي كبير لما يحدث في الصحراء الغربية المصرية على عكس ما يحدث في سيناء لأن ما يحدث في الصحراء الغربية لا يمكن إلقاء اللوم فيه على حركة حماس وقطاع غزة.
الحادث يقول أن هناك معارك وهناك ضحايا وهناك تعتيم وهناك خسائر في مناطق ولكن يتم الإعلان عن أماكن أخرى لسقوطها وأن النظام يعاني على مستوى أكبر مما يظهر وأن المناطق الساخنة في اتساع وأن النظام يعاني من سيناء إلى القاهرة إلى الصحراء مما يجعله يتعامل مع كل مجهول على أنه خطر ينبغي التعامل معه والتخلص منه بكل قوة وحزم ودون تأكد أو يقين والله اعلم ما يخبئه المستقبل من مفاجآت للنظام وإلى أي المناطق ستنتقل المواجهات وهذا كله يجعل القيادة المصرية تحت ضغط كبير تبرز فيه الأخطاء التي يصعب تفسيرها أو تبريرها.